جريدة الجرائد

كلينتون والسودان والتقسيم الحتمي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خيرالله خيرالله


من الآن، يمكن توقع ان تكو
ن السنة 2011 سنة السودان. هل يبقى البلد موحدا أم لا بعد استفتاء التاسع من كانون الثاني المقبل؟ من هذا المنطلق، لا بدّ من النظر إلى كلام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن السودان من زاوية ايجابية. كل ما قالته كلينتون قبل أيام مرتبط بواقع لا مفرّ منه يتمثل في ان أكثرية ساحقة من الجنوبيين تريد الانفصال وإقامة دولة مستقلة. وهذا يعني ان الانفصال "حتمي"، من وجهة نظر أميركية. أضافت وزيرة الخارجية الأميركية إن السودان "قنبلة موقوتة". كانت محقة في ما قالته من منطلق ان الانفصال لن يحل أي مشكلة في السودان، بل قد يزيد الوضع تعقيدا، خصوصا ان الفترة التي تفصل عن موعد الاستفتاء الذي سيتقرر بموجبه الانفصال لا تزيد على أربعة أشهر. هذه الفترة غير كافية لإيجاد حلول للمشاكل المطروحة التي يهدد استمرارها، بعد قيام دولة الجنوب نتيجة الاستفتاء، بحروب أهلية ومزيد من الشرذمة على مستوى البلد كله. من يضمن ان الأمر سيقتصر على قيام دولة واحدة في الجنوب؟ ومن يضمن ان لا يطاول الوسط والشمال؟
من يعرف السودان جيدا يقول ان خطوة انفصال الجنوب قد تمهد لقيام دول عدة في السودان. هناك شمال الشمال وهناك دارفور وهناك كردفان وهناك شرق السودان القابل لان تكون فيه دولة. هل تأخر البحث عن حلول للسودان حيث بات هناك انتشار كثيف للسلاح في كل المناطق بما في ذلك في الخرطوم نفسها وفي مخيمات الفقر التي تحيط بها؟
يبدو السودان مقبلا على تطورات كبيرة نظرا إلى ان انفصال الجنوب ليس المدخل المناسب لإخراج البلد من أزمته في غياب المعالجة العقلانية للوضع برمته. على سبيل المثال وليس الحصر، ليس معروفا بعد كيف ستحل مشكلة تقاسم العائدات النفطية، علما ان ثمة من يتحدث عن التوصل، قبل أيام، إلى حل وسط في هذا المجال لا يحرم الشمال من حصة عادلة من العائدات نظرا إلى ان معظم النفط موجود حاليا في الجنوب. ولكن في حال التوصل إلى تسوية في شان العائدات، ماذا عن ترسيم الحدود وماذا عن المناطق المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والتي في باطنها مخزون نفطي؟
أسئلة كثيرة تطرح نفسها بقوة قبل موعد الاستفتاء. ولكن يبقى السؤال الأساسي هل يمتلك الجنوب مقومات لدولة مستقلة... أم ان الحديث منذ الآن عن دولة فاشلة. في النهاية، ما لا بدّ من تذكره باستمرار ان الحروب بين الشمال والجنوب استمرت ربع قرن، لكن عدد ضحايا الحروب الداخلية بين الجنوبيين أنفسهم فاق عدد الذين سقطوا في المواجهات مع الجيش السوداني.
ابعد مما يدور داخل السودان نفسه، لا مفرّ في نهاية المطاف من التفكير في الأبعاد الإقليمية لقيام دولة مستقلة في الجنوب. كيف سيؤثر ذلك على دول الجوار؟ ماذا عن النيل الذي يعبر بعض روافده السودان من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال؟ في أي فلك ستدور دولة الجنوب أو الدول التي قد تقوم نتيجة تقسيم السودان؟
من حق الولايات المتحدة ان تقلق وان تاخذ قضية مستقبل السودان على محمل الجد إلى درجة ان الرئيس اوباما سيشارك في الرابع والعشرين من ايلول- سبتمبر الجاري في اجتماع يعقد على هامش دورة الجمعية العامة للامم المتحدة. سيخصص الاجتماع للسودان وسيكون التركيز فيه على كيفية استيعاب الوضع الناجم عن الانفصال.
ما يمكن فهمه من كلام هيلاري كلينتون والتحركات الأميركية في اتجاهات مختلفة، بما في ذلك الاتصالات التي تجريها وزيرة الخارجية مع كبار المسؤولين في الشمال والجنوب، ان العالم يتعاطى مع أمر واقع جديد اخذت الولايات المتحدة علما بقيامه. هناك بكل بساطة إعادة رسم لخريطة دولة افريقية مهمة اسمها السودان. ولذلك، من الأفضل تفادي الكلام الذي يصدر بين الحين والآخر عن مؤامرة أميركية أو غير أميركية تستهدف تقسيم السودان. السودان في حكم المقسّم. كيف يمكن الحد من الأضرار التي ستنجم عن هذا الواقع؟
من حسن الحظ ان هناك في الخرطوم من يتصرف بطريقة عقلانية، فالرئيس عمر حسن البشير أعلن قبل أشهر عدة انه سيكون أول من سيعترف بدولة الجنوب في حال شاء الجنوبيون الانفصال. هناك في الشمال من هو على استعداد للتعاطي مع الحقائق بدل الرهان على الأوهام. هناك من يعتقد ان الثروة النفطية الحقيقية موجودة في الشمال وليس في الجنوب وان التنقيب الفعلي عن النفط في أراضي الشمال، غير المتنازع عليها، لم يبدأ بعد. أكثر من ذلك، ان نفط الجنوب غير قابل للتصدير من دون المرور في الشمال. وهذا يعني ان الجنوب، الذي تعوزه بنية تحتية خاصة به تسمح له بتصدير نفطه، سيظل تحت رحمة الشمال. وهذا ما دفع بهيلاري كلينتون إلى القول ان على الجنوب القبول بتسويات في شأن اقتسام الثروة النفطية "الا اذا كان يريد سنوات أخرى من الحروب".
متى توافرت الحكمة، يصبح في الإمكان التعاطي مع مشاكل السودان بطريقة تؤدي إلى استيعابها. شعار الوحدة جميل. لكنه يظل شعارا نظرا إلى ان لا مجال للمحافظة على وحدة السودان في اي شكل من الإشكال، خصوصا بعد مقتل الزعيم الجنوبي جون قرنق في حادث غامض بعيد توقيعه الاتفاق الذي انهى الحرب الأهلية في العام 2005 .
من هذا المنطلق وفي ظل التعقيدات التي يعاني منها الوضع السوداني، يبدو مفيدا طرح السؤال البسيط الآتي : كيف الاستفادة من انفصال الجنوب بدل البكاء على الأطلال، أطلال الوحدة، وكيف تفادي انتقال العدوى إلى مناطق أخرى؟


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
واقعي
علي -

هذا مقال موضوعي يتميز بالواقعية. المشكلة ان لا احد يريد ان يسمع قبل خراب البصرة، خاصة الاخوة في السودان.

divided sudan
AkomjoAGOYOM -

If you will still talk about the North dominating the South for years to come even after the South has cessaded then I think there is likley to be unfriendly relations between the two countries. It seems that some Northerners are not in a position to abdandon the idea that the South Sudanese are human beings equal in every respect to them and should therefore enoy their personal dignity whatever the case may be. If oil resources are abundant in the North more than in the South, then why did the Northerners have to fight bitters wars in the South to secure oil drilling and exploitation! That is a BIG NONSENSE!

الحل هو التقسيم
عربي متقهقر -

الحل هو في انفصال الجنوبيون وانفصال اخوانهم في كره العرب- اكراد العراق كلا البلدين لم يكونا مسوولين عن الحاقهما في السودان وفي العراق المسوول هم الانكليز الذين وضعو هذه السلاية -الشوكة في خصر كلا البلدين مبروك للسودان وعقبال العراق

مبروك لجنوب السودان
كوردستانى -

اولا ابارك شعب جنوب السودان سلفا و اتمنى له التوفيق و النجاح في استقلالهم المشروع , اما بالنسبة للعربي المتقهقر اقول ستبقون تتقهقرون ما دمتم تظنون ان حق الشعوب في تقرير المصير يمكن ان يبقى بايديكم بالقوة الى الابد , نعم عقبال الشعب الكوردى المظلوم فى ان ينال حريته من ايادى الظلم و البطش و الحقد على الكورد لا لذنب اقترفوه سوى ان الله خلقهم كوردا ... عاشت الشعوب المظلومة و عاش حق تقرير المصير للشعب الكوردى و عاشت كوردستان الحبيبة حرة مستقلة .

مبروك لجنوب السودان
كوردستانى -

اولا ابارك شعب جنوب السودان سلفا و اتمنى له التوفيق و النجاح في استقلالهم المشروع , اما بالنسبة للعربي المتقهقر اقول ستبقون تتقهقرون ما دمتم تظنون ان حق الشعوب في تقرير المصير يمكن ان يبقى بايديكم بالقوة الى الابد , نعم عقبال الشعب الكوردى المظلوم فى ان ينال حريته من ايادى الظلم و البطش و الحقد على الكورد لا لذنب اقترفوه سوى ان الله خلقهم كوردا ... عاشت الشعوب المظلومة و عاش حق تقرير المصير للشعب الكوردى و عاشت كوردستان الحبيبة حرة مستقلة .