المفاوضات المباشرة ....إلى أين ؟!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سلطان عبدالعزيز العنقري
تحدثت في مقال سابق ، عبر جريدتنا الموقرة المدينة ، عن سلام السيد ياسر عرفات- يرحمه الله- " سلام الشجعان" وقلت إن الفلسطينيين وبالتحديد منظمة التحرير الفلسطينية بالذات ذهبت والآن تذهب إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل بدون إجماع فلسطيني وغطاء عربي وعلى ضوء ذلك فإن الفلسطينيين سوف يخرجون من المولد بدون حمص . وبوادر هذا المولد الذي بدون حمص واضحة للعيان إلى كتابة هذا المقال . وأول هذه البوادر هو تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في شرم الشيخ قبل أيام حيث قالت أن "على الطرفين ، أي الإسرائيلي والفلسطيني، حل مشكلة الاستيطان بينهما"؟!! . بالطبع أنا وغيري نعرف أن إسرائيل وحدها هي القادرة على الحل وليس فحسب تجميد الاستيطان بل وبإزالته من الوجود أو إعطاء تلك المستوطنات المقامة على أراض فلسطينية للفلسطينيين لاستثمار إسرائيل لتلك الأراضي لعشرات السنين وأيضا كعربون حسن نوايا ، ولكن الذي لا نعرفه كيف يقوم الطرف الفلسطيني الضعيف بحل مشكلة الاستيطان ؟ فإذا كانت إسرائيل هي الوحيدة التي لديها الحل وهي المسؤولة عن هذه الألاعيب وأساليب المراوغة والمماطلة والكر والفر في مفاوضات عديمة الجدوى كونها هي المحتلة للأرض أولا وثانيا هي التي خلقت مشكلة ما تسمى بالاستيطان لكي ينشغل الفلسطينيون والعرب بها وينسوا المشكلة الأساسية التي هي في جوهرها الأرض بأكملها التي احتلتها إسرائيل عام 67 م بما فيها القدس وعودة اللاجئين وفق قرارات مجلس الأمن ( 242 ، 338 ) وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (194) مقابل السلام الكامل مع إسرائيل . قلت ومازلت على قولي أن الفلسطينيين سوف يعودون من تلك المفاوضات المباشرة " بخفي حنين" بل إنهم بقبولهم الدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط وقيود فإنهم دعموا موقف إسرائيل وحكومة نتنياهو المتطرفة بل إنهم رضخوا لإملاءات وشروط نتنياهو التعجيزية وبالتالي فان نتنياهو وشلته هم من سوف يوجهون المفاوضات التي تخدم إسرائيل وتحقق مصالحها وكذلك موقف هذه الحكومة المتطرفة في حين أن البعض من رموز منظمة التحرير الفلسطينية يدخلون مفاوضات مباشرة بكامل حلتهم مع هذا الكيان المغتصب ثم يخرجون في وسائل الإعلام ليقولوا لنا أن المفاوضات فاشلة . المحللون والباحثون والسياسيون والكتاب والمثقفون والمتعلمون ، يحذرون منظمة التحرير الفلسطينية ، التي انفردت بالدخول في المفاوضات المباشرة مع إسرائيل ، من الوقوع في الفخ والمطب الإسرائيلي وان عليها قبل ذلك أن تعمل استفتاء يشارك فيه الفلسطينيون جميعا في الداخل والخارج ومناقشة نتائج الاستفتاء وإقراره في المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب من قبل الشعب الفلسطيني والمعطل من قبل انقلاب حماس في قطاع غزة ومن بعده. مشكلة البعض من رموز منظمة التحرير الفلسطينية بالذات أنهم تضحك عليهم إسرائيل ثم يهرولون لها وكأنهم موظفون تابعون للحكومة الإسرائيلية وليسوا كفلسطينيين لهم شعب لهم حقوق مشروعة يطالبون فيها منذ أكثر من ستين عاما ولديهم برلمان منتخب هو الذي يشرع وقراراته نافذة على الجميع . ثم بعد أن تضحك عليهم إسرائيل ويقع الفأس على الرأس ، كما حصل في أوسلو ومدريد وكامب ديفيد وشرم الشيخ وغيرها من المعابر والبوابات والأماكن والمفاوضات المباشرة التي لا يمكن أن يخرج منها بنتيجة دون إجماع فلسطيني وغطاء عربي وإسلامي ، يأتون إلى العرب وجامعتهم للبحث لهم عن حلول لمساعدتهم على التخلص من هذا الضحك الإسرائيلي وهذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه بسبب تفردهم بقضية مصيرية ؟!! منظمة التحرير الفلسطينية والبعض من رموزها عليهم عدم الخروج عن الإجماع الفلسطيني والعربي وإلا فان على السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة أن يلغي الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية طالما أن هناك سلطة فلسطينية حلت محلها ومجلسا تشريعيا فلسطينيا منتخبا فاعتراف جامعة الدول العربية بهذه المنظمة كان في السابق أما الآن فعلى الجامعة سحب هذا الاعتراف لأنه استغل من قبل البعض من رموز تلك المنظمة للتمادي في الخروج عن الشرعية الفلسطينية وعن الإجماع العربي بل إن إسرائيل استغلت هذا الاعتراف من قبل الجامعة بمنظمة التحرير الفلسطينية لكي تهدد وتبتز البعض من رموز المقاومة بل وتقتلهم عندما يعارضون خططها وتوجهاتها وعدم الانصياع لأوامرها وتعليماتها ، فخليل الوزير "أبو جهاد" -يرحمه الله- ، كمثل ، "مهندس الانتفاضة" الذكي جدا اغتالته إسرائيل في تونس من بين مجموعة كانت تتخذ تونس مقرا لها على الرغم من الحراسة المشددة عليه وعلى ياسر عرفات ؟!! اتفاق لجنة متابعة مبادرة السلام العربية ليس له أي قيمة تذكر لدى منظمة التحرير الفلسطينية ولدى المسمى بكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فالسيد عمرو موسى ، الأمين العام لجامعة الدول العربية صرح وقال بالفم المليان ما نصه : " أن اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية اشترط عدم الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة إلا بعد عقد اجتماع للجنة ومُتابعة ما تم تحقيقه من تقدم ". وهذا لم تتقيد به منظمة التحرير الفلسطينية والبعض من رموزها. ووزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط يقول ، في شرم الشيخ أول أمس القريب ، في حديث صحفي" أن مبدأ الاستيطان مرفوض بالكامل منا جميعا كعرب وكفلسطينيين وان الطرف الإسرائيلي مازال يتهرب من إعطاء إجابة واضحة" أي إجابة واضحة عن الاستيطان. نخلص إلى القول أن "السيناريو"، بعد هذه المفاوضات المباشرة في واشنطن وشرم الشيخ وغيرها ، التي عقدت خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية ، سوف يكون على النحو التالي : إسرائيل تكسب المفاوضات المباشرة من خلال : bull; نجاحها في عدم تجميد الاستيطان وإيقافه . bull; نجاحها في فصل الفلسطينيين عن العرب والتفرد بهم من خلال البعض من رموز منظمة التحرير الفلسطينية الذين يعشقون الزعامات المزيفة والظهور الإعلامي. bull; نجاحها في إعطاء انطباع للرأي العام العالمي بأننا ذهبنا إلى أبعد حد في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين لأننا نريد السلام والفلسطينيون يفشلونه كل مرة وبالتالي تنجح في " التملص "من الضغوط الدولية الأخيرة عليها . bull; نجاحها في وأد المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين مثلما عملت مع نتائج المفاوضات المباشرة في أوسلو ومدريد وكامب ديفيد وشرم الشيخ ومسميات كخارطة الطريق واللجنة الرباعية والآن مسميات جديدة بمفاوضات غير مباشرة انقلبت في يوم وليلة إلى مفاوضات مباشرة. bull; تخترع إسرائيل ومن يدعمها ويحالفها مسميات جدية للمحادثات والمفاوضات في المستقبل حتى تستكمل إسرائيل ابتلاع بقية الأرض وتجريف الأراضي وسجن الفلسطينيين وطردهم وتهويد القدس وجدار الفصل العنصري وإقامة المستوطنات الجديدة لكي تضع الفلسطينيين والعرب أمام أمر واقع اسمه "لا أرض ولا سلام" , وكل عام وانتم بخير .