جريدة الجرائد

يخجلون من الإسلام

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


سيد أحمد الخضر


ليس لأن الغرب حكم عليه بتهمة الإرهاب لأنه لا يستوعب الفصل بين الإسلام والمسلمين وغير مستعد للبحث في تعاليم الحنيفية السمحة، فهم يعرفون الإسلام بالمسلمين وربما جعلهم هذا أيضا يعتقدون أن الإسلام دين تخلف ولا تستقيم دولته أو دُوله على الأصح إلا في ظل الدكتاتوريات والقمع، وسواء كانوا على حق أم باطل فإن هذا ليس موضوعنا اليوم.. ما نعنيه هو أن كثيراً من المسلمين يعتبرون أنه من واجبهم تطويع الإسلام لاستيعاب الحضارة والقيم الغربية فكل شأن مهما كانت تفاهته لا بد وأن الإسلام سبق له الغرب بألف وأربعمائة عام.
قبل عامين قرأت لكاتب إماراتي مقالاً حول ندوة حضرها في ألمانيا إلى جانب إسلاميين ومثقفين عرب في إطار ما يسمى حوار الحضارات. قال الكاتب: إن ألمانية مشاركة في الندوة أبدت استغرابها من الضجيج الذي يثار في الدول الإسلامية إزاء منع الحجاب في الجامعات والمدارس الأوروبية، بينما لا تستطيع امرأة غربية أن تسير في شارع إسلامي شبه عارية، فرد عليها أحد الإسلاميين المعروفين على صعيد الفضائيات بأن الإسلام لا يمانع في هذا إطلاقا "فديننا يأمر بأن نبين للناس الأخلاق الفاضلة والناس أحرار في لبسهم وتصرفاتهم فـ "قد تبين الرشد من الغيّ"! ما جعل أحد العلمانيين المعروفين يشعر بالخزي من مداخلة الإسلامي قائلاً "فضحنا الزلمة يخرب بيتُو".
وليت هذا الخجل توقف عند تمييع أحكام المرأة في الإسلام لتناسب تطورات العصر حتى باتت النصوص الصريحة التي تتناول سفر وعمل المرأة من الماضي؛ فلم يعد وارداً الحديث عن الاختلاط والمصافحة والسفر من دون محرم.. لم يتوقف هؤلاء عندما يعتبرونه أمورا جزئية بل طال الخجل الحُكم وتحولت الديمقراطية من أكبر نقيض للإسلام إلى أقرب الأنظمة إليه ثم إلى كونهما وجهين لعملة واحدة.. وحتى يكون الإسلام سبق الغرب بألف وأربعمائة عام إلى حسنات الديمقراطية كان لا بد من الحديث عن الدولة المدنية فليس من الديمقراطي أن يكون الحكم لله ومن الظلم أيضاً قصره (أي الحكم) على المسلمين وهناك حدود وتعازير يلزم شطبها حتى يحتفظ الإسلام بديمقراطيته.. ولعل أهون ما في هذا الأمر مفاهيم الأخوة الإنسانية وحوار الأديان رغم أن الإسلام الذي نعرفه نفى أن يكون غيره ديناً عند الله.
لقد سئمنا حلقات مسلسل "الشريعة صالحة لكل زمان ومكان" الذي يعكس انهزامية المسلمين، خصوصا بعض الإسلاميين أكثر ما يترجم مرونة الإسلام، وبتنا لا نستبعد أن يطل علينا البعض بأن إقامة الصلاة غير ضرورية؛ لأن الديمقراطيين في الغرب لا يدركون قيمتها فإن كان لا بد فلتكن في البيوت لأن الإسلام سبق الغرب بألف وأربعمائة عام لفكرة الضبط العام والحرص على السكينة.
شخصياً -وكما يبدو من المقال لست مؤهلا للحديث في موضوع كهذا- لكني أعتقد أن الشعور بالدونية ومجاملة الغرب ربما يقضيان على تعاليم الإسلام فلا يبقى منها إلا أنه أباح الغناء بشروط محددة، وأن المرأة كانت تقوم بأدوار ريادية في صدر الإسلام إلى جانب قوله عليه الصلاة والسلام: أنتم أعلم بشؤون دنياكم، هذا أولاً، وثانياً أعتقد أن هذا الخجل غير لازم فهناك إجابات على تعذّر تطبيق الكثير من تعاليم الإسلام وهناك أيضا حلول لتفادي الحرج الذي يصيب هؤلاء من حجم مساحة الحريات والحقوق في الإسلام: الشريعة صالحة لكل زمان فعلاً لكنها غير موجودة في زمننا هذا حتى تصلح له، لذلك سيبقى متعذراً تطبيق الكثير من أحكام الإسلام في هذا الزمان وفي كثير من الأمكنة أيضا وهذا عذر للمحرجين منا، وهناك أيضا حل أكثر نجاعة بالنسبة لهذه النخبة: إنه مغادرة الإسلام واعتناق القيم التي تناسب وعيهم وتلبي طموحاتهم. أعتقد أن هذا هو الحل القريب، خصوصا أن من بدّل دينه لم يعد يُقتل. كما أن الإسلام لن يخسر شيئا برحيل هؤلاء لأنه يكسب يوميا نجمات من هوليوود وأم.تي.في فقد أبدله الله من هن أجمل منكم.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف