جريدة الجرائد

الحكومة المصرية: الاختناق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد صلاح


في الموروث الشعبي المصري أن فلان "يغرق في شبر ميه" أي أن الشخص المقصود ليست لديه دائماً قدرة على اتخاذ المواقف السليمة إذا تعرض أو واجه تحدياً أو فوجئ بقرار أو إجراء يؤثر فيه، فيجد نفسه حائراً لا يجد ما يفعله، ينتهي به الأمر إلى الاختناق رغم أن الهواء قريب منه. في الواقع العملي فإن المصريين يعتقدون أن حكومتهم ترتبك في مواقف عدة وتغرق "في شبر ميه" وتفقد القدرة على السباحة رغم أن المياه تحتها لا تكون عميقة ويمكن المشي فوقها بقليل من البلل ليس أكثر.

نماذج وأدلة وأحداث عدة تثبت ذلك الاعتقاد عند الشعب المصري الذي يتابع الآن واقعة جديدة غطت تداعياتها عنق الحكومة التي تتنفس بالعافية من تحت أزمة كان يمكن ألا تحدث من الأساس، وبعدما وقعت كان يمكن معالجتها قبل أن تستفحل، وحتى بعدما تفاقمت كان يمكن أن تعالج بصورة تحفظ قدرة الحكومة على التنفس وليس الاختناق تحت شبر من المياه. الأمر يتعلق بحكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا الأسبوع الماضي قضى بإلغاء عقد كانت الحكومة أبرمته مع شركة طلعت مصطفى باعت فيه الأولى إلى الثانية مساحة كبيرة من الأرض مقابل مبلغ مالي، وأقامت عليه الثانية مشروعاً سكنياً عملاقاً أطلقت عليه اسم "مدينتي" يفترض أن يتم على مراحل، تم تسليم المرحلة الأولى منه. ووفقاً لخطط المشروع فإنه ينتهي بعد نحو عشرين سنة، ما يعكس حجمه وكلفته وقيمة الاستثمارات فيه وحجم المستفيدين منه.

ملخص الأزمة أن مهندساً سعى إلى شراء أرض من الحكومة في المنطقة نفسها (على طريق القاهرة - السويس الصحراوي) لكنه لم ينجح لأسباب لا مجال لذكرها، فلجأ إلى القضاء الإداري متهماً الحكومة بأنها باعت من هذه الأرض لمشروع "مدينتي" من دون اتباع الإجراءات السليمة، ما حرمه من حقه في الشراء، ونال حكماً بأن العقد المبرم بين الحكومة وشركة طلعت مصطفى باطل يجب إلغاؤه. آلاف المواطنين الذين كانوا حجزوا شققاً وفيللاً في المشروع شعروا بالخوف، كما هبطت أسهم مساهمي الشركة في البورصة المصرية، وأصدرت الشركة بياناً طمأنت فيه الحاجزين والمساهمين والتزمت الحكومة الصمت بحجة عدم التدخل في أحكام القضاء. انتظر الجميع مرحلة التقاضي التالية لكن المحكمة الإدارية العليا ثبتت الحكم الأول وأكدت أن العقد باطل ولاغٍٍ. فضرب الارتباك الحكومة وخرجت تصريحات "إنشائية" تضمنت تطمينات من دون أن تحدد ما الخطوة التالية. وشكل رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف لجنة هدفها دراسة الحكم ووضع خطة للتعاطي معه في المستقبل!

الأزمة لم تكن وليدة الحكم ولكنها نشأت قبله عندما لم تراع الحكومة القواعد القانونية في التعاقد مع الشركات، وبعدها عندما بدأ القضاء الإداري النظر في القضية، إذ كان يتعين على الحكومة وأجهزتها دراسة كل الاحتمالات والإعلان بشفافية كاملة عن خطط لعلاج الأزمة قبل أن تنشأ. لكن الحكومة التي لا تمتلك خططاً كيف لها أن تعلنها؟ بمنتهى البساطة إذا كان العقد لم يراع القواعد السليمة يمكن للحكومة أن تبرم عقداً جديداً مع الشركة يتوافق مع القواعد السليمة، وإلا فإن آلاف المستفيدين من المشروع سيلجأون بدورهم إلى القضاء لنيل حقوقهم من الحكومة التي كانت السبب وراء الأزمة، كما أن الشركة نفسها التي لا دخل لها بأزمة الحكومة تستطيع اللجوء إلى التحكيم الدولي لنيل تعويضات والحفاظ على مصالحها. وفي الذاكرة واقعة مشابهة اضطرت معها الحكومة إلى تسديد مبالغ طائلة إلى شركة أخرى بعدما سحبت أرضاً كانت باعتها إلى تلك الشركة. المشهد الآن أن الحكومة المصرية تتنفس بـ "العافية" رغم أن الهواء حولها ويمكنها الوصول إليه بسهولة، فقط اذا امتلكت القدرة على التنفس!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اشتاتا اشتوت
المفتش كرومبو -

السيد هشام طلعت قريب الست سوزان ام المؤمنين المصريين و لهذا يقتل سوزان تميم مفيش مشكلة بغلوسه و ها يطلع منها بسداد الدية لان مصر دولة مسلمة و المادة الثانية من الدستور تعطيه البراءة مادام دفع المعلوم لابوها وامها و الراجل يادوبك اخد ثمانية الاف فدان صغننين تمنهم مائة وعشرين مليار بس ودى نقطة فى بحر من اللى اخده راسخ ابو هايدى علاء مبارك ولا محمود الجمال ابو خديجة جمال مبارك ام الملكة فريدة مبارك اموت واعرف مبارك وسوزان عندهم قد ايه لما شوية قرايب معاهم المليارات دى