جريدة الجرائد

السلام لا يتحقق بالنوايا فقط!!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف الكويليت

إسرائيل خططت لأنْ تكون قوة اقتصادية بمعونات غربية، وكذلك عسكرية وتقنية، وهذا الأمر تحقق في الوقت الراهن، لكن قلقها مستمر، أي أن نشوء قوة عربية أو إسلامية، أياً كانت تعتبرها موجهة لضرب وتقويض وجودها، وبلد كهذا مستفز دائماً هل يستطيع العيش بسلام على وهم القوة فقط؟ ولو قُدر لها أن تستولي على أجزاء عربية تحت أي ذريعة، كما هو حادث في الجولان، والتمدد على الأرض الفلسطينية، فهل مثل هذا الإجراء سيحقق لها الأمن على المدى البعيد، وليس المنظور الراهن؟

وإذا كانت إسرائيل تتحدث عن وجودها كحقيقة مطلقة، فلا يمكنها إطلاق سلامها المستمر، لأن محيطها يملك وسائل البقاء والنمو أكثر منها ويظل، هو الآخر يشعر أن وجود إسرائيل بروحها الراهنة يجعله في حالة حرب معها، لأن تجربة سلامها مع مصر صارت مجرد هدنة عندما تحرّض الدول الأفريقية المهيمنة على منابع النيل بمحاصرتها بتقليل حصتها، وتسعى مع صناديق ومنظمات دولية لبناء سدود تحول المعركة إلى مبدأ وجود، بينما تدعي أن سلامها مع مصر يحيّد العداء والحروب المختلفة، وهي تمارس أساليب حرب بأقنعة مختلفة..

كذلك موقفها من الأردن الذي وقعت سلاماً معه، كثيراً ما تحدثت عنه كأرض لتوطين الفلسطينيين، والتجربتان، لا تعطيان إسرائيل الأمان بأن لا تعاود حروبها حتى غير العسكرية، بمعنى أنها دولة تريد أن يعيش محيطها في حالة حروب وتفتت، وهذا يؤكد أن السلام من خلال التصور العربي، يعاكس أهداف السلام المنظورة، ولا يعطيها أي أمل بنهايات طبيعية للجميع..

أمريكا، ومن خلال جهودها الراهنة تحاول فتح النوافذ لسلام بين سورية وإسرائيل، وإنهاء الحالة الفلسطينية بتبني مشروع الدولتين، وإن ظلت العوائق أكبر من التسهيلات أو القبول بشروط مقبولة تنهي الصراع، إلا أنه في هذه الأجواء لا يبدو أن السلام متحقق، وإن حدث فسيكون بلا ضمانات، ويبقي على الصراع قائماً، وإن بدون استعدادات للحروب العسكرية طالما أهداف إسرائيل تتعارض وجوداً مع المستقبل العربي، وأمنه..

إسرائيل تزعم أنها ستكون الدولة الآمنة في محيط مضطرب وهذا في المنظور الراهن صحيح، ولكنها لو قبلت بذلك كحقيقة أزلية، فهي واهمة لأن أي تطور سلبي في أمن المنطقة سيعرضها للقلاقل، ولا تستطيع أن تلغي عداءً يتراكم ويتضاعف كل يوم، ولعل بناء المنظمات الإرهابية وعداءها من أمريكا ودول أوروبا، ناشئ من وجود إسرائيل ودعمهما لها، وبالتالي لا يمكن تغييب الحقائق، إذا ما تحول اضطراب المنطقة إلى حلقات إرهاب تحارب إسرائيل ليس فقط على الأرض الفلسطينية، بل على كل الجبهات التي تدخل في علاقاتها أو رموزها وكياناتها..

وبالنتيجة فإن السلام الحقيقي هو الذي لا ينبني على فضيلة الشعب المختار، وهو وحده من ينقذ الوجود الإسرائيلي..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف