جريدة الجرائد

قاتل الله السياسة!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خلف الحربي


خلال السنوات الأخيرة لم يستطع معرض الكويت للكتاب النجاة من المحاولات المتواصلة لتسييسه فأصبح يترنح على الحلبة السياسية التي وجد فيها رغماً عن أنفه, ولأن الفعل الثقافي يصاب بالارتباك حين يرتبط بالفعل السياسي فقد اضطر معرض الكويت للكتاب للتنازل عن حيويته وتأثيره كي لا يصاب السياسي بالصداع!

ما فائدة أن تكون حرية التعبير في الكويت هي الأعلى خليجياً مادامت قائمة الكتب الممنوعة في معارض الرياض وأبو ظبي والبحرين وقطر أقل من قائمة ممنوعات معرض الكويت للكتاب؟! وما جدوى أن تكون الكويت الأكثر خبرة في تنظيم معارض الكتاب مادامت بقية المعارض أفضل تنظيماً وأكثر حيوية؟ أين اختفت حرية التعبير؟ وكيف تبخرت الخبرة؟!

بالنسبة للسؤال الأول: 'أين اختفت حرية التعبير؟'، فإن الكثيرين يبررون ما حدث لمعرض الكتاب بأنه عائد لكون الكويت بلداً ديمقراطياً!... ومثل هذه الإجابة العجيبة تحرض العقل على إنتاج المزيد من الأسئلة الحائرة: هل يعقل أن تكون الديمقراطية مبرراً مقبولاً للتخلص من حرية التعبير؟ وهل توجد أصلاً ديمقراطية من دون حرية تعبير؟ وهل يحق للسياسي أن يستخدم الأدوات الديمقراطية لاتخاذ قرار غير ديمقراطي؟!

خلال السنوات الأخيرة لم يستطع معرض الكويت للكتاب النجاة من المحاولات المتواصلة لتسييسه فأصبح يترنح على الحلبة السياسية التي وجد فيها رغماً عن أنفه, ولأن الفعل الثقافي يصاب بالارتباك حين يرتبط بالفعل السياسي فقد اضطر معرض الكويت للكتاب للتنازل عن حيويته وتأثيره كي لا يصاب السياسي بالصداع! ورغم تواصل التنازلات فإن ذلك لم يمنع تحول المعرض إلى موسم سياسي ساخن تشتعل فيه الاستجوابات وتستقيل الحكومات وتنظم الاعتصامات وتصدر البيانات, حتى أصبح السياسيون هم أبطال هذا الموسم وليس مؤلفو الكتب!

انشغل الناس عن زيارة المعرض بمتابعة الصخب السياسي الذي يحدث خارج المعرض, كما وجد الناشرون العرب أنهم مضطرون للاصطدام برقباء مرتبكين لا يمنعون الكتب بناء على قواعد محددة، بل بناء على التطورات اليومية للجدل السياسي الذي يحدث خارج المعرض، فاضطر هؤلاء الناشرون للبحث عن وجهات أخرى بعد أن كان هذا المعرض العريق وجهتهم المفضلة.

مع مرور السنوات تضاءلت أهمية المعرض بينما تعاظمت أهمية الأسئلة المثيرة: كيف يشكو شخص ما من الأطروحات السطحية لبعض وسائل الإعلام المحلية ثم يطالب في الوقت ذاته بمنع توزيع الكتب؟! من أين يجيء العمق إذا كانت القراءة تعاني الحصار؟ وهل ثمة وسيلة حقيقية لمقاومة انتشار الإعلام السطحي أفضل من تشجيع الثقافة وتعزيز عادات القراءة والحفاظ على المنجزات الثقافية التي صنعها رواد الكويت في وقت كان فيه تنظيم معارض الكتب آخر شيء يفكر فيه أهل هذه المنطقة من العالم؟

عموما... بقي السؤال الثاني: 'أين تبخرت الخبرة؟'... والجواب هنا أن الخبرة ينعدم تأثيرها إذا اختفت الإمكانات والتجهيزات, فبرغم العمر القصير جداً لمعارض الكتاب الخليجية مقارنة بالمعرض الكويتي فإنها تتمتع بتجهيزات أكبر وتوجد في منشآت أكثر حداثة, بينما لاتزال صورة معرض الكويت للكتاب في أذهان زائريه مرتبطة بزحام السيارات الخانق عند المدخل!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف