جريدة الجرائد

ضرورة المكاشفة مع اليمن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عادل الطريفي


انتهت أعمال اجتماع "أصدقاء اليمن"، الذي جاء على هامش المؤتمر السنوي للأمم المتحدة. اجتماع نيويورك يجيء بعد مرور ثمانية أشهر على اجتماع لندن، وأكثر من أربعة أعوام بعد مؤتمر المانحين عام 2006، الذي كان قد وعد بأكثر من ثلاثة مليارات دولار لم يصل إلا القليل منها لأسباب تتعلق بعدم الثقة التي يبديها بعض المانحين في قدرة المؤسسات الاقتصادية والتنموية اليمنية على استثمار تلك الأموال بالطريقة الصحيحة.

الوضع اليمني اليوم ينبغي أن يكون على رأس الأولويات بالنسبة للسعودية ودول الخليج، ليس فقط بسبب ازدياد نشاط "القاعدة"، وبروز الحركة الحوثية كتهديد - نسبي - لسلامة الحدود الخليجية، بل لأن اليمن ذا الـ23 مليونا هو أفقر دولة عربية، محتلا المرتبة 166 من 174 في قائمة الناتج المحلي الإجمالي عالميا، حيث 43 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. هناك أكثر من 10 ملايين يمني يعيشون بأقل من دولارين في اليوم. أما نسبة البطالة فتبلغ 40 في المائة، ووفقا لآخر تقرير أصدره البنك الدولي بشأن اليمن فإن عائدات النفط القليلة واحتياطيات المياه معرضة للنفاد بحلول عام 2017. إذن الأزمة ليست في وجود 300 من عناصر "القاعدة" فقط، أو في سيطرة الحركة الحوثية على بعض المناطق في الشمال، بل هي أخطر لأن تماسك الدولة وشرعيتها باتا على المحك في الظرف الراهن.

صحيح أن الدولة اليمنية ليست بصدد الانهيار كما يبالغ بعض منتقدي الحكومة، بيد أنها وصلت لمرحلة حساسة من عدم الاستقرار، بحيث بلغت المرتبة 15 في قائمة الدولة الفاشلة التي تصدرها مجلة "فورن بولسي" بالتعاون مع مؤسسة صندوق السلام الأميركية كل عام. هناك قلقان فيما يتعلق باليمن: أولهما، أن الحكومة المركزية التي تعاني منذ عام 2004 من تهديد "القاعدة"، والحوثيين، والانفصاليين الجنوبيين، باتت منهكة بشكل كبير بحيث تشتت انتباهها في حروب متتالية أرهقت توازن القوى السياسية في اليمن، وكلفت خزانة الدولة اليمنية الكثير. أما الأزمة الأخرى فتتعلق بعجز اليمن عن معالجة أزمته الاقتصادية بحيث بات الفقر الاجتماعي يهدد شرعية مؤسسات الدولة عبر خلق البيئة الناقمة على الوضع الاقتصادي مغذية أطرف المعارضة الثلاثة.

أمام هذه التحديات فإن الدول ذات الشأن في المنطقة وخارجها أمام تحد خطير، فكثير من التهديدات التي واجهت أمن دول مثل السعودية والولايات المتحدة باتت تصدر من اليمن. محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف العام الماضي جاءت عن طريق تنظيم "القاعدة في شبه جزيرة العرب"، وهو التجمع الأكثر خطورة لـ"االقاعدة" بعد فشلها ومحاصرتها في السعودية. أما عمر عبد المطلب النيجيري الذي حاول تفجير الطائرة الأميركية العام الماضي فقد تدرب في اليمن هو الآخر، مما يعني أن اليمن أصبح في وضع أمني ضعيف بحيث بات يشكل قضية أمنية بالنسبة لعدد مهم من الدول المؤثرة في الحرب على الإرهاب.

الحل الذي يتم تسويقه، لا سيما في أوساط بعض السياسيين الأميركيين والأوروبيين، يقوم على أن الحل الأسرع للأزمة اليمنية يتمثل في معالجة الوضع الاقتصادي، بل إن عددا من أولئك المسؤولين والخبراء باتوا يطالبون صراحة في أن تحتضن الدول الخليجية المزيد من اليد العاملة اليمنية في محاولة لامتصاص الجذور السيسيو - اقتصادية للأزمة اليمنية، ففي تقرير أصدرته مؤسسة ماكينزي بالتعاون مع الحكومة اليمنية (أغسطس/ آب الماضي)، أن الاقتصاد اليمني بحاجة إلى تأمين أربعة ملايين وظيفة في الخليج خلال السنوات العشر القادمة، في حين أن أعداد اليمنيين العاملين في الخليج اليوم لا تتعدى نسب الثمانينات إلا بقليل، وحتى ولو وافقت الدول الخليجية على احتضان تلك الأعداد فإن سوق العمالة الأجنبية البالغة 12 مليونا لا تتسع لأعداد إضافية.

بدورها تواجه دول الخليج موقفا صعبا في التعاطي مع الوضع اليمني، فهي لا تريد أن تكون في دور المتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية نظرا لتاريخ من النزاع مع اليمن لم يهدأ إلا في العقد الأخير. أما بالنسبة للعمالة اليمنية فالرأي السائد هو أن دول الخليج لا تستطيع استيعاب أعداد مليونية من العمال اليمنيين كما كانت الحال عليه أثناء فترة الطفرة العمرانية والصناعية منتصف السبعينات حتى حرب الخليج الثانية (1990 - 1991)، ثم إن حجم العمالة الماهرة المدربة في اليمن قليل بالمقارنة مع غالبية اليد العاملة المتوفرة، ثم مع افتراض إمكانية إرسال تلك العمالة لدول الخليج بغية تأمين حوالات خليجية من العملة الصعبة للاقتصاد اليمني، فإن وجهة النظر الخليجية هي أن اليمن أحق بتلك اليد اليمنية الماهرة لإعادة تنشيط الاقتصاد اليمني.

في السبعينات والثمانينات كان هنالك ما يقارب المليون ونصف من العمالة اليمنية العاملة في دول الخليج، وقتها كان اليمن عضوا غير دائم في مجلس الأمن حين اتخذ قرار الوقوف إلى جانب نظام صدام حسين خلال أزمة غزو الكويت. حينها قال وزير الخارجية الأميركي، جيمس بيكر، محذرا اليمن من التصويت ضد القرار "إن اليمن سيدفع الثمن غاليا". وقد كان، فخلال شهور قليلة طلب من أكثر من 800 ألف عامل العودة إلى ديارهم. تلك الحادثة كبدت الاقتصاد اليمني الكثير، بحيث تراجعت المساعدات الدولية إلى 200 ألف دولار، وأصبحت تلك الأعداد العاطلة عن العمل عبئا على الحكومة اليمنية، بل إن حرب الشمال والجنوب 1994 أفرزت واقعا اجتماعيا واقتصاديا باتت ظواهره واضحة بعد عقد من الزمن، ولم تفلح كثير من المبادرات الداخلية والخارجية في تصحيحه.

في بحثها الهام "اليمن: الاقتصاد المنهار" - ضمن دورية الشرق الأوسط (صيف 2010) - تقول نورا آن كولتن، إن "مشكلة اليمن، كأي دولة تعاني من تحول اقتصادي وشح في المصادر، هي أن يد اقتصاد السوق الخفية لا تستطيع العمل لوحدها". يد الاقتصاد الخفية، وهو مصطلح استخدمه آدم سميث (1759) والاقتصاديون من بعده، في الإشارة إلى قدرة الأسواق على تصحيح نفسها اعتمادا على قانون العرض والطلب. ما تريد كولتن قوله هو إن الاقتصاد اليمني في هذه المرحلة عاجز لأسباب بنيوية عن العمل، أي ان الحل الاقتصادي وحده قد لا يتمكن من حل مشكلات اليمن الراهنة، إذ لا بد من قيام عقد اجتماعي جديد يمكن اليمن من تجاوز أزمته. الحقيقة هو أن الانفصال بين الشمال والجنوب، بل حتى انفصال صعدة عن صنعاء قد لا يحل الأزمة كما ينادي الانفصاليون، لأن الانفصال لا ينجح إلا إذا كانت تلك الكيانات قادرة على القيام بذاتها كدول، وهو أمر غير ممكن التحقيق، ودعونا نتذكر أن الجنوب لم يكن ليكون دولة لولا الدعم البريطاني أيام الاستعمار، ثم الدعم السوفياتي أيام الحرب الباردة.

في الوقت الراهن، لا يبدو أن اليمن قادر على تخطي الأزمة لوحده، بل يحتاج إلى مساعدة الآخرين، وأهم من ذلك إلى نصحهم، والمكاشفة الصريحة. إذا استمر المسؤولون في اليمن على التعامل مع الحراك الجنوبي والحوثيين كأنهم "القاعدة" فإن الحل السلمي للأزمة لن يتحقق، ومن جانب آخر فإن دول المنطقة التي حاولت غض الطرف عما يجري هناك، قد بات الشرر يطالها.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مشكلة اليمن
المواطن -

مشكلة اليمن في الادارة والاقتصاد يأتي ثانيا ، وما موقف الحكومة اليمنية في حرب الخليج الوارد في المقال الا خير مثال على سوء اتخاذ القرارت وقس على بقية الجوانب

نصحه لادعمه؟
ريبون الجنوبي -

الجمهورية العربية اليمنية منذ ولادتها جسدت نكبة كبيرة على العرب الذي انقسمو الى فريقين حولها فريق جمهوري وفريق ملكي وكلاهما يلعب على احتلاب الداعمين والجندي بدله جندي كماقال فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مؤخرا .... وتكررت الصورة الباهته في نسخة الحوثيين ونظام الصالح حاليا بهدف الاستحلاب والتخويف والخطر بدلا عما كان شيوعيا قادما من الجنوب فاْنه شيعيا قادمة من شمال اليمن وكل تلك الاْكاذيب الشيطانية غير صحيحة ... المشكلة الحقيقية تكمن في احلام التوسع لدى مختلف الانظمة المتعاقبة على اليمن وادمانها على التسول الموغل في القدم والناتج عن تغييرات ديموغرافية هائلة حدثت في اليمن وسيطرة اقوام متعددة على عربه المستضعفين ونشرت مبداْ الثلث بثلثين ( اي ثلث الاْرض وثلث المال وثلث النساء) فالغزاه كانوا يرغمون المسضعفين من القبائل العربية على تلك القسمة حيث يكون ثلثي النساء والاموال والاراضي للغزاه والثلث الباقي للمستضعفين الذي لم يتمكنوا من مغادرة الارض كما فعلوا الاقوياء.... وبعد ان انخدع الجنوبيين بالوحدة عام90م وفشلت عام94م بانتصار اصحاب الثلث بثلثين ة شعر العرب الجنوبيين بفداحة الظلم والجور وهاهم يرفضونه ولن يقبلوه وعلى العرب والاصدقاء نصح هؤلاء القوم بوقف عبثهم ضد الجنوب بل وعلى كل العرب تجريد بعثات علمية متمكنه لدراسة كيفية اوضاع هؤلاء اليمنيين ومساعدة العرب الجنوبيين على استعادة دولتهم واستقلالهم او على الاقل من مبداء عروبي عدم مساعدة الظالم الغازي ضد الشقيق العربي الجنوبي.

مشكلة اليمن
المواطن -

مشكلة اليمن في الادارة والاقتصاد يأتي ثانيا ، وما موقف الحكومة اليمنية في حرب الخليج الوارد في المقال الا خير مثال على سوء اتخاذ القرارت وقس على بقية الجوانب

اياكم ومن يريد التها
سعيد محمد السالمي -

الفرق شاسع بين ثقافتين وشعبين لن يعرف قط الوحده كما تزعم اعلام صنعاءصنعاءثقافتهم الغنائم, الفيد, السطوا على املاك الغير, القبيله المغيته ,تجارة النساء والاطفال, السجون الخاصه والهجر والرهائن والعبوديه الذي ماتزال هناكبل لا يستطيعون الحياة الا بعدم النظام والقانونثقافة عدن(الجنوب) عدم السطو على املاك الغير يمتلكون حضاره وتاريخ ضاربه جذورها في اعماق التاريخ لا توجد المذهبيه ولا القبليه وعاداتها المقيته مجتمع مدني نشر الاسلام على نطاق واسع في شرق اسياء بالين والموعضه وليس باسلوب وحدة صنعاء الاحتلاليهمجتمع لا يستطيع العيش الا بوجود النظام والقانون مجتمع يتناسق مع اشقائه في الخليج وهناك روابط ذوالقرباء وتوجد فيه الامانه والاخلاص لمن اتمنى عكس مجتمع الفيد انه مجتمع الجنوب العربي

وين يابو الشبابا
بن هاشم -

كل الدول لا تستطيع ان تكون دولا الا بمباركة امريكا او دولة عظمى .الجنوب كان من افضل الدول العربية في التعليم وفي الأمن وفي الخير الوفيرانت انسان لا تعرف عن ماذا تتحدث .حلول اليمن هي كل دولة تكون لوحدها الجنوب يستقل ويتم فك الارتباط وكفانا ماجانا من اخواننا الشماليين اليمنيين .ونحن نطالب بالجنوب العربي وهو دولة احسن من كثير من الدول الحالية الان .تعال وعش في الجنوب واسأل عن تاريخه حتى تدرك ماهية الجنوب

نصحه لادعمه؟
ريبون الجنوبي -

الجمهورية العربية اليمنية منذ ولادتها جسدت نكبة كبيرة على العرب الذي انقسمو الى فريقين حولها فريق جمهوري وفريق ملكي وكلاهما يلعب على احتلاب الداعمين والجندي بدله جندي كماقال فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مؤخرا .... وتكررت الصورة الباهته في نسخة الحوثيين ونظام الصالح حاليا بهدف الاستحلاب والتخويف والخطر بدلا عما كان شيوعيا قادما من الجنوب فاْنه شيعيا قادمة من شمال اليمن وكل تلك الاْكاذيب الشيطانية غير صحيحة ... المشكلة الحقيقية تكمن في احلام التوسع لدى مختلف الانظمة المتعاقبة على اليمن وادمانها على التسول الموغل في القدم والناتج عن تغييرات ديموغرافية هائلة حدثت في اليمن وسيطرة اقوام متعددة على عربه المستضعفين ونشرت مبداْ الثلث بثلثين ( اي ثلث الاْرض وثلث المال وثلث النساء) فالغزاه كانوا يرغمون المسضعفين من القبائل العربية على تلك القسمة حيث يكون ثلثي النساء والاموال والاراضي للغزاه والثلث الباقي للمستضعفين الذي لم يتمكنوا من مغادرة الارض كما فعلوا الاقوياء.... وبعد ان انخدع الجنوبيين بالوحدة عام90م وفشلت عام94م بانتصار اصحاب الثلث بثلثين ة شعر العرب الجنوبيين بفداحة الظلم والجور وهاهم يرفضونه ولن يقبلوه وعلى العرب والاصدقاء نصح هؤلاء القوم بوقف عبثهم ضد الجنوب بل وعلى كل العرب تجريد بعثات علمية متمكنه لدراسة كيفية اوضاع هؤلاء اليمنيين ومساعدة العرب الجنوبيين على استعادة دولتهم واستقلالهم او على الاقل من مبداء عروبي عدم مساعدة الظالم الغازي ضد الشقيق العربي الجنوبي.

اليمن
احمد النعيمي -

الله يعين اليمن واليمنيين شكلها سالفتهم مطوله

اياكم ومن يريد التها
سعيد محمد السالمي -

الفرق شاسع بين ثقافتين وشعبين لن يعرف قط الوحده كما تزعم اعلام صنعاءصنعاءثقافتهم الغنائم, الفيد, السطوا على املاك الغير, القبيله المغيته ,تجارة النساء والاطفال, السجون الخاصه والهجر والرهائن والعبوديه الذي ماتزال هناكبل لا يستطيعون الحياة الا بعدم النظام والقانونثقافة عدن(الجنوب) عدم السطو على املاك الغير يمتلكون حضاره وتاريخ ضاربه جذورها في اعماق التاريخ لا توجد المذهبيه ولا القبليه وعاداتها المقيته مجتمع مدني نشر الاسلام على نطاق واسع في شرق اسياء بالين والموعضه وليس باسلوب وحدة صنعاء الاحتلاليهمجتمع لا يستطيع العيش الا بوجود النظام والقانون مجتمع يتناسق مع اشقائه في الخليج وهناك روابط ذوالقرباء وتوجد فيه الامانه والاخلاص لمن اتمنى عكس مجتمع الفيد انه مجتمع الجنوب العربي

وين يابو الشبابا
بن هاشم -

كل الدول لا تستطيع ان تكون دولا الا بمباركة امريكا او دولة عظمى .الجنوب كان من افضل الدول العربية في التعليم وفي الأمن وفي الخير الوفيرانت انسان لا تعرف عن ماذا تتحدث .حلول اليمن هي كل دولة تكون لوحدها الجنوب يستقل ويتم فك الارتباط وكفانا ماجانا من اخواننا الشماليين اليمنيين .ونحن نطالب بالجنوب العربي وهو دولة احسن من كثير من الدول الحالية الان .تعال وعش في الجنوب واسأل عن تاريخه حتى تدرك ماهية الجنوب

اليمن
احمد النعيمي -

الله يعين اليمن واليمنيين شكلها سالفتهم مطوله