جريدة الجرائد

بيروت غير بيروت!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إسحاق الشيخ يعقوب

ما كانت بيروت كما كانت.. تضيء فينا البهجة والوّد وتبني الأمل في نفوسنا.. ولا كانت كما كانت واعدة اشعاع وعشق ومحبة.. بيروت التي كانت شواطئها تتفتح أجساداً وردية زاهية حرة في زرقة البحر.. اصبح الحجاب والشادور والنقاب يدخل على ضفاف زرقة بحرها!!
كأن شيئاً.. استوى فيها.. وشدة نظارتها.. وقسى على قلبها - سلامة قلبها - وغير طعمها .. واستباح انسانية نكهتها!!
بيروت قلقة متعبة.. كأن القلق يصرخ في وجوه المارة على امتداد شارع الحمرا.. ما كانت نفوس عابري شارع الحمرا كما كانت في بهجة حياة رافلة بالحب وعطر العناق.. وما كان شارع الحمرا كما كان مباهاة حب وعشق في سعادة عناق حبيب وحبيبة!!
لقد انتعل شارع الحمرا التوتر.. وانتعلت المارة توتر الشارع.. وفقد الشارع والمارة على حدٍ سواء الحب والعشق والوفاء وتشوه شارع الحمرا.. وتشوهت النفوس في الشارع.. حتى المآذن رُصعت بأجهزة "الميكرفونات" اراها بقبابها الخضراء في نزلة "ابوطالب" آخر شارع الحمرا تلوح بظلام التطرف في غُرة الفجر!!
لقد زحفت إلى بيروت "مكيرفونات" المآذن.
وتحزن لبيروت التي تتأفف في غيب وريب متاهات ظلام ولاية الفقيه!!
حتى يسار بيروت لم يعد كما كان يسارها.. ولا نساء بيروت.. كما كانت نساءها.. ولا رجال بيروت كما كانت رجالها.. ولم يعد طعم الثقافة في بيروت كما كان طعمها ولا وهجها واشعاعها كما كان وهجها واشعاعها.. كأن أيادٍ متوضئة بالجهل والظلام والانغلاق تمسك بخناقها وتساكن روحها.. وإلا متى كان اليسارُ يساكن الظلام.. ويتجنس بالظلام "المقاوم" ويرتخي أمام اجتياحه تحت شعار دع الظلام يمر ويأخذ مواقفه في عافية المجتمع.. طالما انه يُسدد ضربات "الوعد الصادق" ضد العدو الإسرائيلي.
ان لعبة بازار القضية الفلسطينية لعبة في تاريخها ومنذ تاريخها في يد بعض الدول العربية تضعها في رأس مهماتها السياسية وتتخذ منها مبرراً في التصدي وقمع قوى النهوض الوطني والديمقراطي في المجتمعات العربية.. حتى اصبحت القضية الفلسطينية لعبة متاجرة وسمسرة للكثير من فصائل اليسار في مجتمعاتنا العربية!! واعجب ليساري لبناني مخضرم.. يزأر مخلصاً بأن أولوياتنا الوطنية تتجسد قبل كل شيء في القضية الفلسطينية وكأنه غيَّب وطنية وطنه..
وكأنه دون ان يدري يشد على أيدي الأنظمة العربية التي تدفع في سوق المتاجرة بالقضية الفلسطينية منذ ولادة التقسيم في الأربعينات!!
واحسب ان البعض من اليساريين يعيشون بأفكارهم ومواقفهم ماضي الحرب الباردة دون ان يدركوا ان تغييراً نوعياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ظهر على صعيد العالم.. وكأن يمكن لاحدٍ ان يعيش بأفكاره ومواقفه وشعاراته.. وكأن شيئاً لم يتغير في زمن انتفاء الحرب الباردة!!
وكنت اسأل.. ما هي أولويات اليسار العربي الكفاحية!!
الامبريالية.. أم الدولة الإسرائيلية.. أم الإرهاب والظلام والتخلف الذي يواجهنا ويهددنا في عقر دارنا بأفكاره وظلامه ويحل دماءنا كيساريين وعلمانيين وشيوعيين.. ولا يمكن ان نأخذ موقفاً نضالياً صائباً ضد الامبريالية والعدو الإسرائيلي.. الا بعد ان نحرر نفوسنا وعقولنا ومجتمعاتنا العربية واحزابنا ومؤسساتنا من كابوس الإرهاب وظلام الإرهاب وافكار الإرهاب والتطرف.
لقد غزت مفاهيم الإرهاب والتطرف شيئاً من أفكارنا ومواقفنا كأننا وإياها في خندق واحد في التحرر وضد الاستعمار والامبريالية والصهيونية وتوهمنا صدقية وطنيتها.. بالرغم من ان هذه المفاهيم والاحزاب الدينية والمليشاوية تجاهر وتفاخر ان لا وطن لها غير الإسلام.. وان لا مرجعية لها غير مرجعية ولاية الفقيه.. وقد اصبحت رهن لعبة المد والجزر على صعيد الملف الإيراني النووي.. وأداة في زعزعة السلم الوطني!!
أتلوثت الأجواء الفكرية والمواقف المبدئية في بيروت.. واضحت بيروت.. غير بيروت.. وجوزيف غير جوزيف.. واحمد غير احمد.. وحسين غير حسين!!
حقاً لقد اصبحت بيروت غير بيروت.. ولأن بيروت بيروت فإن بصيص أمل يلمع في سماء بيروت!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مدن العرب تصرخ
سامي بيك العلي -

بيروت تشكو من التوغل الفارسي ومحاولته الهمجية السيطرة على هذه المدينة الجميلةان الفرس اليوم واتباعهم في بيروت يريدوا تحويل المدن العربية مجرد قاعدة لهم لنزواتهم وساحة لبهوراتهم وتهويلاتهم ومنبر لخطاباتهم الابتذالية حيث يوجهوا النداءات النفاقية التي تصرخ وأقدساه بينما باطنها وامجوسها. وتحويل المدن العربية الى مدن مجوسية تقوم فيها الجوقة بالتسبيح لولاية الفقيه المبتدعة والتي تجعل من الفرد الحاكم في اعلى مقام التعسف والدكتاتورية