جريدة الجرائد

حرية الليبراليين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن بخيت

لعل نظرية الاختلاط امتدت إلى البيانات. على هامش منتدى خديجة بنت خويلد قرأنا بيانين. واحد أصدره رجال والآخر أصدرته نساء. يبدو أن كتابة بيان واحد يوقعه الرجال والنساء دخل في باب الاختلاط المذموم. في البيانات السابقة التي عانت من ويلات الاختلاط كانت قائمة الموقعين تبدأ بأسماء الرجال حتى لو كان بينهم تافهون ثم تتلوها أسماء النساء. الملفت للنظر في البيان النسائي خلوه من الشتائم و العبارات الهادرة التي جاءت في بيان الرجال.

سرني في البيانين (الرجالي والنسائي) دخول كلمة المملكة العربية السعودية على قاموسهم. تابعت تطور استخدام اسم المملكة. بعضهم مازال يستخدم كلمة ( بلاد الحرمين) كاسم وحيد للمملكة وبعضهم الآخر يستخدم الكلمتين في نفس الوقت. من الواضح أن الأخير يعيش مرحلة انتقالية. يحتاج إلى وقت أن يعرف أن المملكة العربية السعودية هي المملكة العربية السعودية فقط. هذا التخلي مهم جدا. يعكس النجاح الكبير لبرنامج المناصحة التي تقوم به الصحف السعودية. إذا قارنا المسافة بين موقف المتشددين قبل عشر سنوات وموقفهم اليوم سنرى تطورا نوعيا جليا في القضايا وفي القاموس. انتقل أعتى المتشددين إلى استخدام القاموس الذي تستخدمه الصحافة. كلمات مثل (حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية الرأي والحوار) الخ لم تكن ضمن قاموسهم. لم تكن أصلا معروفة في أزمنة التشدد العظيم. كانت من المحرمات والتغريب. انقلب الوضع. بعد أن كان الليبراليون يتهمون المتشددين بعدم تطبيق الإسلام صار المتشددون يحاججون بأن الليبرالين لا يؤمنون بحرية الرأي ويصادرون حرية الآخر ولا حرية سوى حريتهم إلى آخر الاتهامات. لا شك أن هذه الاتهامات المتبادلة هي نجاح كبير للفعل الليبرالي في المملكة. صارت الحرية قيمة أساسية مشتركة بين أطياف المجتمع. تحول الأمر من قبول الحرية ذاتها إلى إشكالية التطبيق. تم نقل الخلاف إلى محكمة القيم العصرية. قد يرى البعض أن هؤلاء يناورون. كمن يقول من فمك أدينك أو مثل الأحزاب الإسلامية في بعض الدول التي تريد أن تصل عبر الديموقراطية للقضاء على الديموقراطية. طبيعي أن يتملكهم مثل هذا الشعور.لكن هذا لا يهم. يكون هذا الأمر خطيرا لو أن القصد من حملة المثقفين إقناع هؤلاء بالقيم الإنسانية. فكرة الإقناع غير عقلانية وغير مطلوبة أصلا. لا يمكن أن تقنع الإنسان بتغيير عقيدته. الحوار بين الأديان أو الطوائف مثلا لا يمكن أن يكون هدفه اقتناع أحدهم بدين الآخر والتحول إليه. الهدف هو الاحتكام إلى قيم مشتركة. لا يوجد في هذا الكون أعلى من قيمة الحرية وحقوق الإنسان. إذا قبل الطرفان الاحتكام إليها بغض النظر عن النوايا سنكون قد وصلنا إلى الهدف الأسمى. اعتقادهم بأن الصحافة تهمشهم وتصادر حقهم في التعبير تطور مهم جدا وموقف إيجابي. اكتشفوا أن تكميم الأفواه مؤذ. سنصل قريبا إلى إعادة النظر في كثير من القوانين والأنظمة التي سنوها بأنفسهم في غفلة من المجتمع. يحق لك إصدار صحيفة تعبر عن صوتك ولكن يحق لي أن أنشر كتابي داخل المملكة. فضاء الحرية يسع الجميع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف