جريدة الجرائد

أهل الذمة.. بذمة مَن؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وليد أبي مرشد


سقى الله عصر ابن تيمية.
من روايات تاريخ العرب أن ابن تيمية كلف يوما مفاوضة المغول على أسرى من المدنيين كانوا أسروهم في هجمات على مدن سورية. وحين أدرك أن المغول يحاولون تسليمه الأسرى المسلمين فقط، دون أهل الكتاب، والاحتفاظ بهؤلاء كعبيد، رفض ابن تيمية العرض قائلا: أهل الذمة (أي أهل الكتاب) قبل أهل الملة (أي المسلمين). أي إنه طالب بتسليمه الأسرى المسيحيين واليهود قبل المسلمين.
أما اليوم، وبعد أكثر من سبعة قرون على "مساواة" أحد أبرز العلماء المسلمين الحنابلة "أهل الذمة" بـ"أهل الملة"، وعلى الرغم من توصية الإسلام بحماية الدولة والمواطن المسلم لهم - كون مسألة الإيمان يحاسب عليها الله وحده - تكشف أحداث مصر، ومن قبلها أحداث العراق، المتعلقة بالإخوة المسيحيين، أن السؤال لا يزال "مَن" يحمي أهل الذمة في العالمين العربي والإسلامي؟
في مصر بالذات، وعلى مدى العقود الأخيرة، لم يكن صعبا تلمس التدهور المطرد في العلاقات المذهبية بين المسلمين والمسيحيين الأقباط، فخلال السنتين الماضيتين فقط سجلت لجنة مصرية تعنى بحقوق الفرد 52 حادثة استفزازية ضد المسيحيين بقيت كلها دون مساءلة قانونية، إذ كانت تحل، في معظم الحالات، بترتيب السلطات المحلية أو الشرطة للقاءات مصالحة "عشائرية" بين المعتدي والضحية، بينما كانت تزداد، في المقابل، شكاوى الأقباط من القيود المفروضة على بناء كنائس جديدة.
مع ذلك، من الإجحاف تحميل مصر وحدها، تبعات ما آلت إليه العلاقة الإسلامية - المسيحية في مطلع القرن الحادي والعشرين، فهذه العلاقة ذهبت ضحية نزعة متنامية لإقحام الدين في كل شاردة وواردة من الشأن السياسي، الأمر الذي أدى إلى بروز ذهنية عربية واحدة قائمة على سباق غير معلن للاستئثار "بمغانم" الدولة السياسية بذرائع طائفية. وهذا السباق أدى، بدوره، إلى تغليب شكل من أشكال الطبقية المذهبية على التعددية الدينية، فأصبحت المناداة بالحرمان الطائفي شعارا سياسيا دارجا في أكثر من دولة عربية واحدة.
ليس من المبالغة في شيء الاستنتاج بأن كل أنظمة الأكثريات الطائفية في العالم العربي فشلت في تعاملها مع أقلياتها، فبقدر ما فشلت دول الأكثرية الإسلامية في التعامل مع أقلياتها المسيحية، كذلك فشلت دولة الأكثرية المسيحية (لبنان) في التعامل مع أقليتها الإسلامية إبان عز نفوذ ما كان يسمى بـ"المارونية السياسية".
هذا الفشل الذريع في التعامل مع التنوع المعتقدي والفكري، أفرز على أرض الواقع ظاهرتين مستمرتين إلى اليوم: هجرة الأقليات إلى خارج أوطانها (كما يحصل في العراق ولبنان ومصر وفلسطين) أو توق إلى الانفصال عن "النظام" الأكثري (كما يحصل في جنوب السودان).
ومع اندثار عصر التوسع الإمبريالي المباشر، ساهم تراجع الاهتمام الغربي بمصير مسيحيي الشرق في استقواء أنظمة الأكثريات الطائفية عليهم، فوجد مسيحيو المشرق أنفسهم "محشورين" بين مطرقة فشل النظام الطائفي الأكثري في إقامة علاقة مواطنة عادية معهم - ومع كل أقلياته في الواقع - وسندان الغرب الذي لم يعد مستعدا، وربما غير راغب، في حماية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط.
باختصار، حماية "أهل الذمة" هي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مسؤولية حكومات بلادهم، وهي مسؤولية لا تستوجبها متطلبات استقرار دولهم بقدر ما تفرضها مخاطر تفريغ الشرق الأوسط من مسيحييه على صعيدين: أولهما فرضية تصوير الإسلام وكأنه دين يرفض التعايش مع الأديان السماوية الأخرى، وثانيهما احتمال التمهيد لصراع سني - شيعي تلوح بوادره منذ الآن في أفق المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أهل الذمة
Ayoob -

With all respect to the writer ,the core of the problem in the Arab world is the expression of ;Ahl Aldhema;. All efforts should be done to change this culture and this kind of thinking from some peoples minds .Why Christians should be called such name ,why they need protections in their own land and country .When our countries start treating all their citizens equally we wont have this kind of problems

أهل الذمة
Ayoob -

With all respect to the writer ,the core of the problem in the Arab world is the expression of ;Ahl Aldhema;. All efforts should be done to change this culture and this kind of thinking from some peoples minds .Why Christians should be called such name ,why they need protections in their own land and country .When our countries start treating all their citizens equally we wont have this kind of problems

ابن يتيمة
ابو هاني العراقي -

اسال الكاتب المحترم الذي يريد ان بجمل ابن يتيمة في اعيننا ان منشا الفكر التكفيري من هذا الرجل وان منشا قتل الاخوة من اهل الذمة هو الفكر الذي جاء به فلا داعي لذكر هذه الاسماء في الوقت الحالي الملبد رجاءا

حكي في الروايات
المعلم الثاني -

حرص كاتب المقال على الدقة فيما كتب فعندما ذكر ما نسب إلى ابن تيمية وضّح أن هذا الكلام ذكر في الروايات (وما أدراك ما الروايات!) ولم ينسب ذلك إلى كتابات ابن تيمية نفسه الذي يعرف كل مثقف فحواها ونظرتها لكل البشر من غير المسلمين السنة

حكي في الروايات
المعلم الثاني -

حرص كاتب المقال على الدقة فيما كتب فعندما ذكر ما نسب إلى ابن تيمية وضّح أن هذا الكلام ذكر في الروايات (وما أدراك ما الروايات!) ولم ينسب ذلك إلى كتابات ابن تيمية نفسه الذي يعرف كل مثقف فحواها ونظرتها لكل البشر من غير المسلمين السنة

فرضية أم حقيقية
أبو القاسم -

اقتباس: فرضية تصوير الإسلام وكأنه دين يرفض التعايش مع الأديان السماوية الأخرى هل حقا قال تعالى؟ أم لم يقل تعالى بل قال المدعى: ;ومن ابتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وفى الاخرة من الخاسرين ;؟؟؟

فرضية أم حقيقية
أبو القاسم -

اقتباس: فرضية تصوير الإسلام وكأنه دين يرفض التعايش مع الأديان السماوية الأخرى هل حقا قال تعالى؟ أم لم يقل تعالى بل قال المدعى: ;ومن ابتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وفى الاخرة من الخاسرين ;؟؟؟

أية ذمة
زياد طويل -

المشاكل العويصة التي يعاني منها العالم الاسلامي والعربي مردها الاول هذا الانفصام والانفصال الذي يعيشونه بين عصر صدر الاسلام حتي نهاية العصر العباسي والعصر الحاضر. يا أخوان عن اية ذمة تتكلمون. حتى لو صدقنا حسن نية او نوايا الكاتب ومؤدينه، فان هذا التعبير من جهة إهانة لمن للمقصودين ومن جهة اخرى وهذا هو الاهم، ان العالم الاسلامي ةالعربي عامة في وضع دوني لا يسمح له حتى مشاهدة ما فوق رأسه. بالنسبة لوضع ما سماه الكاتب بالاقليات الاسلامية في عهد المارونية السياسية، فانه قد إتبعد كثيرا جدا عن الموضوع بشكل مهين للتاريخ وللواقع. قد يكون بعض المسلمون في لبنان إشتكوا من حصصهم فس إقتسام الكعكة، لكن لم يكن في لبنان أقليات مسلمة في عهد المارونية السياسية. هل كان في لبنان إقلية أقل عددا من الدروز. على فكرة: لبنان كافة في أكثرياته وأقلياته يترحم اليوم على المارةنية السياسية. لقد نجحت في إنشاء شبه دولة بينما يعجز أخصامها على إنشاء ريحة دولة.

أية ذمة
زياد طويل -

المشاكل العويصة التي يعاني منها العالم الاسلامي والعربي مردها الاول هذا الانفصام والانفصال الذي يعيشونه بين عصر صدر الاسلام حتي نهاية العصر العباسي والعصر الحاضر. يا أخوان عن اية ذمة تتكلمون. حتى لو صدقنا حسن نية او نوايا الكاتب ومؤدينه، فان هذا التعبير من جهة إهانة لمن للمقصودين ومن جهة اخرى وهذا هو الاهم، ان العالم الاسلامي ةالعربي عامة في وضع دوني لا يسمح له حتى مشاهدة ما فوق رأسه. بالنسبة لوضع ما سماه الكاتب بالاقليات الاسلامية في عهد المارونية السياسية، فانه قد إتبعد كثيرا جدا عن الموضوع بشكل مهين للتاريخ وللواقع. قد يكون بعض المسلمون في لبنان إشتكوا من حصصهم فس إقتسام الكعكة، لكن لم يكن في لبنان أقليات مسلمة في عهد المارونية السياسية. هل كان في لبنان إقلية أقل عددا من الدروز. على فكرة: لبنان كافة في أكثرياته وأقلياته يترحم اليوم على المارةنية السياسية. لقد نجحت في إنشاء شبه دولة بينما يعجز أخصامها على إنشاء ريحة دولة.

الاسلام الصحيح
محمد-مصر -

لله دره شيخ الاسلام ابن تيمية لانه فهم الدين الاسلامي وفسره تفسيراً صحيحاً لهذا لم يقبل الا ان يأخذ اهل الذمة قبل اهل الملة بينما القاعدة والذين يتمسحون في الدين الاسلامي وحتى في الشيخ ابن تيمية لايفقهون ولايدركون المعنى الحقيقي للاسلام. قال تعالى:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"

الاسلام الصحيح
محمد-مصر -

لله دره شيخ الاسلام ابن تيمية لانه فهم الدين الاسلامي وفسره تفسيراً صحيحاً لهذا لم يقبل الا ان يأخذ اهل الذمة قبل اهل الملة بينما القاعدة والذين يتمسحون في الدين الاسلامي وحتى في الشيخ ابن تيمية لايفقهون ولايدركون المعنى الحقيقي للاسلام. قال تعالى:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"

نسيجنا الاجتماعي
حازم -

هواجس الكاتب في محلها لما يجري في العراق ومصر وربما سنشاهد غيره في كيانات اخرى المهم في الامر ان السبب في القرن الواحد والعشرين يحدث ما حدث فالامر مرجعة لاسباب حقيقية داخل مجتمعات الانظمة العربية وقد ياتي اليوم الذى نرى فيه احداث مشابهة تجاه الفرق الاسلامية نفسها فهي الاسهل في التكفير والسبب الاساسي هو فقدان المواطنة الحقيقية في دولنا العربية فبدون العمل والنهوض لفصل الدين عن الدولة فلن نرى اياما مريحة قادمة والى ان تنتهي موجة الاحزاب الدينية من ايه طائفة كانت فلن ترى دولنا راحة بل مزيدا من التفتت للنسيج الاجتماعي والمجني الذى ورثناه وتكونت على اساسه كياناتنا السياسية الحالية !!!

نسيجنا الاجتماعي
حازم -

هواجس الكاتب في محلها لما يجري في العراق ومصر وربما سنشاهد غيره في كيانات اخرى المهم في الامر ان السبب في القرن الواحد والعشرين يحدث ما حدث فالامر مرجعة لاسباب حقيقية داخل مجتمعات الانظمة العربية وقد ياتي اليوم الذى نرى فيه احداث مشابهة تجاه الفرق الاسلامية نفسها فهي الاسهل في التكفير والسبب الاساسي هو فقدان المواطنة الحقيقية في دولنا العربية فبدون العمل والنهوض لفصل الدين عن الدولة فلن نرى اياما مريحة قادمة والى ان تنتهي موجة الاحزاب الدينية من ايه طائفة كانت فلن ترى دولنا راحة بل مزيدا من التفتت للنسيج الاجتماعي والمجني الذى ورثناه وتكونت على اساسه كياناتنا السياسية الحالية !!!