جريدة الجرائد

لنعتذر من الجنوبيين لا أن نتهمهم بالتآمر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالرحمن الراشد


عادة يلجأ إلى تفسير المؤامرة ولوم الغير العاجزون والمهزومون، وهذا هو حال من يريد تبرير انفصال الجنوب السوداني بتعليقه على مشجب المؤامرة. غالبية أهل الجنوب تريد الاستقلال، وسنرى ذلك في نتائج الاستفتاء، فهل يعقل أن كل هؤلاء الناس منخرطون في مؤامرة؟ والبعض منا لا يدرك أن صراع الجنوبيين طلبا للاستقلال ليس تدبيرا وقع البارحة، بل هو مطلب صريح عمره أكثر من خمسين عاما. فهل يعقل أن هناك مؤامرة تعيش نصف قرن من أجل تحقيق مطلب واحد؟ لهذا، فإن انتشار وصم انفصال الجنوب السوداني بالمؤامرة يعبر عن جهل وإهانة لشعب كامل.
وراء اقتناع العرب، الذين يصدقون بأن رغبة الجنوبيين في الانفصال مجرد مؤامرة أجنبية، سببان رئيسيان، الأول أنهم لا يعرفون شيئا عن تاريخ القضية. لم يسمعوا إلا حديثا عن نضال الجنوبيين في سبيل استقلال إقليمهم، ويظنون أنها حالة طارئة، مما يدفعهم للتشكيك في سرعة الحدث، وفي هذا الوقت المريب. ثانيا، لا ننسى أن معظمنا من العرب عاش طوال عمره يردد أناشيد الوحدة والعروبة، ويستحيل في مخيلته أن يوجد من يريد تفكيك أي بلد عربي، وبالتالي فالانفصال هنا لا بد أن يكون مشروعا خارجيا مشبوها.
من المؤكد أن هناك تعاطفا مع الانفصاليين الجنوبيين في الغرب تحديدا، ويحصل الجنوب على الدعم منه، لكن رغبتهم في الاستقلال بإقليمهم والخروج من حكم الخرطوم صادقة وحقيقية وقديمة، دفعوا ثمنها من دماء أبنائهم مئات الآلاف. وقد جرب النظام السوداني فرض حكمه عليهم بالقوة، ورغما عن مشاعرهم، وفشل تماما، حتى جاء اتفاق نيفاشا قبل ست سنوات ليتفق الجميع على مبدأ الاستفتاء وترك مصير الإقليم في يد أهله بعد أن عجزت القوة عن فرض الوحدة.
رغبة السودانيين الجنوبيين في الانفصال يفترض ألا تدفعنا نحو تخوينهم، ودعم الأجنبي لهم لتحقيق انفصالهم أيضا ينبغي ألا يكون هو القضية، لأن القضية الأهم هي قناعتهم ورغبتهم الحقيقية. ويجب ألا ننسى أن الجنوب السوداني، بكل أسف، ينفصل اليوم وهو من أكثر مناطق العالم فقرا وتخلفا. وكان بإمكان النظام السوداني إصلاح أوضاعه لكنه لم يفعل، حتى في السنين العشر الماضية بعد أن أصبح النفط رافدا أساسيا في مداخيل البلاد. لذا، لا تستطيع أن تنتقد الجنوبيين لأنهم حصلوا على التعاطف والدعم من الغرب في الوقت الذي تخلينا فيه عنهم لعقود طويلة. ولو كانت في العالم العربي مؤسسات ذات ضمير حي ومستقل لما رضيت بالسكوت على ما يحدث هناك، وما احتاج الجنوبيون إلى مد أيديهم للأجانب طلبا للمساعدة. لقد حارب العرب طويلا حتى تخلصوا من الحكم التركي، والوضع هنا في السودان ليس ببعيد.
إن التعامل الأخلاقي المطلوب في المسألة الجنوبية السودانية هو الإنساني، وبالتعاطف والتفهم. بعد نضال طويل يحق للمواطنين هناك أن يقيموا دولتهم كما يريدونها، وواجبنا الأدبي أن نعتذر لهم عن الأيام الخوالي التي عوملوا فيها بظلم، لا أن نتهمهم بالتآمر ونصمهم بالتخوين، وذلك لنكسبهم شعبا ودولة صديقة لنا في المستقبل

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ضمير حي ومستقل
محايدة -

الحكم التركي

Rude awakening
Observer -

Arabs are like the cave people been given a rude awakening by the events of liberation of Iraq, Sudan, Yemen, more to come.They are clueless as to what to do about what is happening to their borders created originally by Britain and US.They have failed miserably in treating the nations who lived with them inside these borders with equal respect.

South Sudan
Ali Zibari -

Thank you Mr Abdulrahman Alrashid for your excellent article.

جرأة
محمد -

أني متابع جيد لمقالات الإستاذ عبدالرحمن الراشد منذ امد بعيد أي قبل ظهور الصحافة الإلكترونية, عرفته ككاتب و محلل سياسي موضوعي و واقعي إلى حد بعيد, لكن بالإضافة إلى هذيين المزتين التي يتصف بهما الإستاذ عبدالرحمن هناك ميزة أخرى يتميز بها هذا الإستاذ الكبير ألا و هي الجرأة محلل سياسي, بالتأكيد هناك عدد كبير من الكتاب الموضوعيين في العالم العربي لكن الجريئيين منهم للتطرق إلى مواضيع حساسة بكل موضوعية و جرأة فهم للأسف لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.

جهل وتعصب ونوم ضمير
شاهد حسن -

غالبتنا تتأرجح مع الأسف بين هذه الحالات، نتحدث بصوت عال عن أغتصاب حقوقنا من الآخرين، ونتهم العالم بالتواطؤ ضدنا،وفي ذات الوقت نمتنع عن رؤية حقوق الشعوب الآخرى التي قدر لها ان تدخل في دولنا العربية التي نقر أن حدودها قد رسمت بأقلام المستعمرين. ولا نعترف لتلك الشعوب بحقوق مساوية لنا فيما يتعلق بالسيادة والأستقلال وتقرير المصير. هكذا تعاملنا مع الأكراد ومع الأمازيغ، ومع الأقباط سكان الأرض خلعنا عليها أسم ;أرض الكنانة ; بدلا من أسمها الأصلي الذي كان العالم وما يزال يعرفها به. وأن كان الوقت قد سمح لنا بنشر لغتنا بين الأقباط، فان التأريخ القريب للغزو المصري للمنطقة الواقعة جنوب مصر على عهد أبراهيم باشا أبن الخديوي محمد علي لم يوفر الوقت لنا الوقت الكافي لتعريب سكان البلد الذي أطلقنا عليه أسما عنصريا مشتقا من لون بشرة سكانه الأصليين. أو نشر الأسلام في أقاليمه الجنوبية. ومع هذا نصر على أعتبارهم عربا ونعتبر توقهم الى الأستقلال تآمرا وخيانة.حالنا كما لخصها عبدالرحمن الراشد. جهل وتعصب ونوم ضمير!

عين الحقيقة
00000 -

هذه الحقيقة التي يجب علي الجميع أن يعرفوها؛حيث أن المشكلة في السودان هي مشكلة مذمنة ولها أبعاد كثيرة ومن بينها الهوية السودانية هل هي عربية أم أفريقية؟ وهي القضية المحورية التي قسمة ظهر البعير السوداني.ومن ثم ظهرة مسألة التنمية الغير متوازنة بين أهل الوسط المتنفزين في السلطة وأهل الهامش الباحثين عن حقوقهم ,وكذلك قضية تطبيق الشريعة الإسلاميةالتي مختلف حولها حتي بين المسلمين أنسفهم .لذا نقول لإخواننا الجنوبيين الف مبروك وعقبال لباقي المهمشين في السودان. لأن السياسة المتبعة في السودان سوف تؤدي إلي إنفصال أقاليم أخري في السودان.

Muslim Arabs
Khorsheed Nahko -

Muslim Arabs = جهل وتعصب