جريدة الجرائد

تونس تعيد لنا الكرامة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منصور الجمري

لعلَّ التقليد في أساليب الثورات ليس ممكناً... هذا ما نعرفه من تجارب ماثلة أمام أعيننا. فثورة الياسمين التونسية اندلعت بعد أن أشعل جامعي عاطل عن العمل النار في نفسه منتصف الشهر الماضي، ولم يأتِ منتصف الشهر الجاري إلا وقد هرب المستبد الذي سعى إلى سحق حرية شعبه على مدى 23 سنة.

النجاح التونسي ألهب المشاعر، وعليه فقد قام شاب جزائري أمس بحرق نفسه بعد أن ذهب إلى البلدية باحثاً عن وظيفة لم يحصل عليها... وحاول جزائري آخر حرق نفسه أيضاً، ولكن تسارع إليه من أنقذه من فعلته.

الثورات لها "توقيع خاص"، وهي مثل التوقيع الشخصي، يصعب تقليده. ولذا فإن الوسائل التي تنطلق مع هذه الثورة أو تلك لا يمكن تقليدها للحصول على نتائج مماثلة. وهذا الأمر حدث مع ثورة إيران في العام 1979، إذ ألهب انهيار حكم الشاه مشاعر الكثيرين، وحاولت جماعات في بلدان أخرى تقليد أساليب الإيرانيين في بداية ثورتهم، ولكن أيّاً منها لم ينجح؛ لأن الموضوع لا يرتبط بالفعل الذي أحدث الشرارة، وإنما بتوافر الظروف الموضوعية الملائمة زماناً ومكاناً.

إن الأمل يحدونا بأن يتمكن التونسيون من الإبقاء على مؤسسة الجيش كحماية للوطن، وأن يكون الجيش بعيداً عن التجاذبات السياسية، وفي الوقت ذاته نأمل أن تنتج لنا التجربة التونسية أنموذجاً تعددياً يقبل مختلف الآراء الممثلة للاتجاهات في المجتمع، وذلك بحسب ما تنتجه الانتخابات الحرة والنزيهة بعد انتهاء الفترة الانتقالية الحالية. نأمل بأن تأتي بثمارها سريعاً للشعب التونسي أولاً، وبذلك يمكن للتونسيين أن يقدموا لنا أنموذجاً ناصعاً. التونسيون يستطيعون تحقيق ذلك، وهم سيحتاجون إلى التسامح فيما بينهم (مع عدم التساهل مع القتلة والمفسدين). لقد اجتمع السياسيون التونسيون أمس وسط أعمال عنف متفرقة للاتفاق على تشكيل حكومة مؤقتة، ونأمل أن تشمل كل الاتجاهات التونسية، وألا يتورط النهج الجديد بمحاولات إبعاد أيِّ اتجاه عن الاشتراك في بناء نظام يحتوي الجميع ويبعد مخاطر التطرف والفلتان الأمني الذي لا يبني أيَّ بلد.

"ثورة الياسمين" في تونس تمثل صدمة للنظم العربية التي تكلّست، والزعيم الليبي معمر القذافي أعرب عن ألمه لطرد زين العابدين بن علي من الحكم، وهذا أمر جميل أن يتحدث المرء بصراحة بدلاً من اللف والدوران... ولكنني أعتقد بأن أكثرية الشعوب العربية تغمرها الفرحة؛ لأن لا شيء يعادل حرية وكرامة الإنسان، وربما يصعب على البعض فهم ذلك.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف