جريدة الجرائد

زمن الشعب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

زياد بن عبدالله الدريس
1

لم تعد المسافة بين الأنظمة الحاكمة والشعوب المحكومة كبيرة بما يكفي للاحتفاظ بهيبة السلطة الأبوية إزاء الشعب الطفولي!

استطاعت وسائل الاتصال والتواصل الحديثة ضعضعة الحدود السياسية والحدود الاجتماعية والحدود الثقافية، فلم يعد هناك متسع للهيبة المطلقة، أو فارق كبير بين الحاكم والمحكوم أو الأب وابنه أو الشيخ والعابد أو المعلم والتلميذ.

ستكون العقود القادمة هي: زمن الناس والجمهور والشعب، وستبقى كذلك بدعم من وسائل الكونية الحديثة حتى تتغير قواعد اللعبة من جديد، فتترجح كفة الحكومات على الشعوب والمؤسسات على الناس. (أشرت بتوسع إلى ملامح هذه المرحلة في كتابي: "مكانة السلطات الأبوية في عصر العولمة").

وقد رأينا، الأسبوع الماضي، كيف أسقط الشعب التونسي هيبة الرئيس "المهيب"، دونما مساعدة من قوات أجنبية... حتى ألجأه للهرب من الباب الخلفي للوطن!

وقفت الجماهير التونسية الغاضبة أمام وزارة الداخلية، لا لتهتف بشعارات مرحلية مستحدثة، ولكن لتغني فقط النشيد الوطني لبلادها، ولكن بقلبها ووعيها هذه المرة لا بلسانها كما في احتفالات تنصيب "النصاب" العربي المعتادة... خرجت تونس لتستعيد صوت شاعرها الفذ أبي القاسم الشابّي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

و لا بد للًيل أن ينجلي

ولا بد للقيد أن ينكسر

كأن الشابي لم يكتب تلك القصيدة الخالدة ضد المستعمر الأجنبي فحسب، بل وضد المستعمر الوطني أيضاً!

2

لم تعد الشعوب العربية قادرة على القبول، خصوصاً، بنظام "الملكيات الجمهورية". إذ لا بد من الاختيار بين الصيغة الملكية أو الصيغة الجمهورية، حتى يستطيع الشعب أن يحدد طموحاته (!)... ثم بعد ذلك سينطلق لتحديد حقوقه وواجباته على ضوء الصيغة المتفق عليها.

3

في زمن مضى، كانت النكتة المتداولة، هي:

(قالوا للرئيس المصري قبل التصويت الروتيني لانتخاب رئيس: مش حتقول خطبة تودع بها الشعب؟ قال لهم: ليه... هو الشعب رايح فين؟!).

النكتة المتداولة الآن، هي:

(خبراء الأنظمة في الجمهوريات العربية يعكفون على استحداث مادة جديدة في الدستور، هي "المادة الخامسة: في حال هرب الرئيس؟!").

لم يعد الرئيس قادراً على البقاء مدى الحياة... لأن الشعب لم يعد قادراً على الصمت مدى الحياة.

* كاتب سعودي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف