جريدة الجرائد

الفضاء الإلكتروني والأمن القومي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منصور الجمري

ضمن مسلسل الندوات التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، تحدث أمس نائب رئيس المخابرات الخارجية البريطانية سابقاً، نايجل انكستر، عن التهديدات "العابرة للحدود" والمخاطر المحدقة بالأمن القومي للدول بسبب ما يتوافر حالياً من إمكانات على شبكة الإنترنت، مشيراً إلى أنه وبسبب أهمية الموضوع فإن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنشأت "مركز قيادة" يتعلق بالفضاء الإلكتروني.

تأتي هذه الندوة بعد أن ذكرت صحيفة "نيويرك تايمز" السبت الماضي (16 يناير/ كانون الثاني 2011) أن "إسرائيل اختبرت فيروس كمبيوتر يعتقد أنه خرّب أجهزة الطرد المركزي النووي الإيرانية وأبطأ قدرتها على صنع قنبلة نووية". وقالت الصحيفة إن الاختبارات التي جرت على فيروس "ستاكس نت" المدمر جرت خلال العامين الماضيين في مجمع ديمونة الذي تفرض عليه حراسة مشددة في صحراء النقب فيما وصفته الصحيفة بجهد إسرائيلي - أميركي مشترك لتقويض الطموحات النووية الإيرانية. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن برنامج الكمبيوتر الضار هذا تسبب في "مشكلات" في بعض أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، وقال إن هذه المشكلات حُلَّت.

البعض يرى أن العالم أصبح أكثر خطورة بسبب الفضاء الإلكتروني المفتوح وأن الحروب القادمة سيكون ميدانها صنع البرمجيات أكثر من صنع القنابل، والبعض يصور شركة "مايكروسوفت" الأميركية وكأنها تمارس دوراً في الصين مثل الشركات البريطانية التي روّجت للأفيون في الصين في القرن التاسع عشر من أجل إذلال الشعب الصيني... لكن أنكستر يختلف مع هذا الطرح رغم إقراره بتوافر مجال جديد من الإمكانات التي يمكن أن تستخدم في الحروب والجريمة.

وعلق على فيروس "ستاكس نت" الذي كتبت عنه "نيويورك تايمز" بالقول بأن البرنامج المذكور "لا يعتبر متطوراً"، وأنه متوافر ومعروض من قبل بعض المبرمجين، وهذا الفيروس يحتاج إلى شخص يعمل في داخل المؤسسة المستهدفة لكي يصعده في "خادم الحاسوب". كما أن الخبراء يشيرون إلى أنه يمكن حماية المؤسسات بنسبة 80 في المئة من هذه الفيروسات من خلال إدارة الشبكات الإلكترونية بصورة حسنة، ويبقى الجانب المتطور 20 في المئة وهو الذي يحتاج إلى تقنيات عالية.

كما أشار إلى أنه لحد الآن لم يثبت أن الحرب الإلكترونية لم تقتل أحداً، وأن أي أضرار حدثت فإن المستهدفين تمكنوا من استعادة شبكتهم الإلكترونية بصورة عامة. ولكن هناك شيء أخطر من الهجوم الإلكتروني، وهو الاعتداء المحتمل على البنية التحتية للاتصالات والشبكات، وهذا يعني أن من يقوم بذلك ينتقل من الفضاء الإلكتروني إلى الفضاء الفيزيائي الملموس.

الندوة سلطت الضوء على أن 90 في المئة من المعلومات الموجودة على الإنترنت تمر حالياً على الولايات المتحدة الأميركية، وهناك دعوات (تتصدرها الصين وروسيا) إلى اعتبار الإنترنت "خدمة عالمية عامة"، وأنه يجب أن تكون هناك اتفاقية تحت مظلة الأمم المتحدة للإشراف على هذه الخدمة، مشيرة إلى أن أول اتفاقية ما بين الدول بشأن الجرائم الإلكترونية هي التي وقعتها 47 دولة أوروبية (تنضوي تحت "مجلس أوروبا" ويشمل دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى التي اعتمدت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، وهذا الصك الدولي ملزم للدول التي اعتمدته ويلزمها بوضع تشريعات وطنية شاملة لمكافحة الجريمة الحاسوبية، وتشمل أيضاً مكافحة الجرائم المتعلقة بنشر كراهية الأجانب ونشر المحتويات العنصرية من خلال شبكات الكمبيوتر.

الندوة أوضحت بأن مطوّري الإنترنت مدفوعون بمثل عليا ترتبط بصورة وثيقة بحرية التعبير، وهذا يعني أن النهج الصيني القائم على رصد المواقع، أو حجبها، أو فرض وجهة نظر واحدة فقط لن يتمكن من تحجيم قدرات الإنترنت.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف