جريدة الجرائد

ثورة على السفينة بونتي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


جلال عامر

فجأة وفي شرم الشيخ اكتشف الحكام أن لهم شعوباً وأن الشعوب لها صوت أقوى من صوت الريح، فماذا تفعل عندما تعثر على شعب فجأة؟ هل تسلمه أم تسجله باسمك في الشهر العقاري؟..
فمن غرائب الطبيعة أن الحكام العرب اكتشفوا أن بلادهم فيها "بترول" في الثلاثينيات من القرن الماضي ثم اكتشفوا أن بلادهم فيها "شعوب" الأسبوع الماضي فقط بعد أحداث تونس.. وراحوا يصرخون في فيلم "أهل القمة" (شعبي.. شعبي) بعد أن تعرفوا عليه من "علامة" موجودة على الكتف.. وأيام "الكشوف الجغرافية" كان البحار إذا اكتشف "شعباً" أباده لكن أيام "كشوف البركة" لا يمكن فعل ذلك بسبب انتشار عواميد النور والإنترنت والحمى القلاعية.. وكان "البحار" يبدأ بإهداء السكان الأصليون "الخرز" الملون وينتهى بإطلاق الرصاص عليهم.. وكان الحاكم يبدأهم بعبارة "حكمتكم" ويودعهم بعبارة "فهمتكم" ثم يتفرغ لتطبيق ما فهمه في المنفى.. والمشكلة أن الحكام الذين تخلصوا من البترول بتصديره ليحترق في الخارج لا يستطيعون ذلك مع شعوب تحترق في الداخل.. فماذا هم فاعلون؟ وحبيبتي من تكون؟ كلها أسئلة شرحها يطول وإجاباتها في آخر كتاب التاريخ..
وعندما قلت lsquo;في الأفلام فقط ينتصر الضعفاءrsquo; نسيت مهرجان "قرطاج" حيث الفساد يؤدي إلى المطار والبطالة تؤدي إلى الانتحار وحرق عربة الخضار، فعلينا ألا نكون بطيئي الفهم خوفاً من الرادار وأن نعرف أن "الطلعة" الجوية لا تمنع "النزلة" الشعبية لكن يمنعها الخبز والحرية.. وجرحوني وقفلوا الأجزاخانات.. لذلك يتحول الدستور في بعض البلاد من "أبو القانون" إلى "أبو الفنون" بدليل اهتزاز مصر زمان عند القبض على "سعد زغلول" واهتزازها الآن عند القبض على "تامر حسني".. مشكلة أن يعثر الحاكم على شعب فجأة، ويقول "ميكافيللي" في كتاب (الأمير): إن الحاكم إذا تباسط وجلس مع الفلاح ليشرب معه الشاي فإن الفلاح يطمع ويطلب أن يلاعبه "كوتشينة" لذلك إذا عثرت على شعب لا تسلمه لأصحابه وقدم له مسكنات وخرزاً ملوناً وفي (ثورة على السفينة بونتي) طرد البحارة الكابتن "وليم بلاي" بسبب قسوته وحبسوا أصدقاءه ومعارفه وقال لهم وهو يغادر السفينة: (فهمتكم.. فهمتكم.. إنتو عايزين تلعبوا كوتشينة!).. مشكلة أن يعثر الحاكم على الشعب فجأة وبعد فوات الأوان.
وعندما حصل جورج برنارد شو على جائزة "نوبل" في الآداب وهو يقترب من التسعين من عمره قال: (إنها مثل طوق نجاة يسلمونه إلى الغريق بعد أن يصل إلى الشاطئ).. فلا يجب أن نكون مثل "أطرش" ينادي على "أعمى" فلا هذا يسمع ولا ذاك يرى.. فالثورات يخطط لها الدهاة وينفذها الشجعان لكن يتسلم جائزتها من لا يستحق.. فلا تضيعوا الفرصة وصالحوا الشعوب وأنا والحمد لله لا بيت ملك ولا طاحونة شرك والدنيا عندي مثل "التاكسي" لا تقف لأحد وقلبي أكبر من "خيمة" العقيد القذافي وأقول ما أقوله لوجه الله والوطن.. فهل من مدكر؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف