جريدة الجرائد

‎خطيئة الاكثريات:‎جنوب السودان كمثال

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد عبد الجبار الشبوط

lrm;ضرب العالم العربي الرقم القياسي في سوء معاملة المكونات الاقل عددا والاكثر حرمانا، مؤكدا عمق تخلفه الحضاري الذي لم يخرج منه بعد

lrm;يكاد يصدق القول بعدم وجود مجتمع او بلد صاف من حيث الانتماء العرقي او الديني او المذهبي او اللغوي او ما شابه ذلك. معظم المجتمعات البشرية الراهنة تمتاز بالتعددية في هذه المجالات. وفي كل مجتمع من هذه المجتمعات توجد اكثريات تقابلها اقليات. وغالبا لا توجد اكثرية واحدة مقابل اقلية واحدة، ذلك تبعا لتعدد معايير القياس والحساب.
lrm;في العراق مثلا، توجد، من الناحية العرقية، اغلبية عربية، مقابل اقليات كردية وتركمانية وآشورية وغيرها. وتوجد، من الناحية الدينية، اغلبية اسلامية، مقابل اقليات مسيحية ويهودية واديان اخرى. وتوجد من الناحية المذهبية، اكثرية شيعية، مقابل اقلية سنية. وهكذا، يضم العالم العربي اكثرية عربية- اسلامية- سنية، مقابل اقليات كردية وبربرية وزنجية وشيعية ودرزية ومسيحية (بطوائف المسيحية المختلفة) وغيرها.
lrm;ولا مشكلة في هذا التعدد والتنوع، لأنه، لو احسن التعامل معه، قد يكون مصدر ثراء وعطاء في المجتمع.
lrm;منذ بداية القرن العشرين ظهرت ما سمي بالدولة القطرية في العالم العربي. دول تم رسم حدود معظمها على اساس معاهدة سايكس بيكو. وتضم هذه الدولة داخل حدودها تنوعا عرقيا ومذهبيا ودينيا كبيرا، اضافة الى الاكثريات العربية المسلمة بطبيعة الحال.
lrm;كان على النخب السياسية في هذه الدول، وهي في غالبيتها نخب عربية مسلمة، ان تقود عملية اندماج اجتماعي في دولها، على اساس هوية وطنية تقوم بانتاجها هذه النخب، تتفاعل مع الهويات الفرعية لجماعات الاقليات دون ان تصادرها وتقمعها. قد عبر الملك فيصل الاول في العراق مثلا عن رغبته بتكوين شعب عراقي متجانس ومندمج انطلاقا من مكوناته الثلاث الكبرى وهي: العرب السنة والعرب الشيعة والكرد، مع ملاحظة ان جميعهم مسلمون. فهم اكثرية اذا اعتمدنا العامل الديني.
lrm;لكن نحا القومي او السلطاني لهذه الدول في البداية، ولاحقا الفكر الاسلامي الجهادي، منحى منغلقا طاردا تجاه هذه الاقليات، وكأن الاغلبية العربية الاسلامية ترفض ان تتشارك معها في دولها القطرية مكونات اجتماعية تختلف عنها في هذا العامل او ذاك. فتحدث حزب البعث العربي الاشتراكي مثلا عن تطهير العالم العربي من غير العرب، كالاكراد في العراق والبربر في الجزائر والسود الافارقة في جنوب لبنان. واليوم يتجه الاسلاميون الاصوليون المتطرفون الى تصفية المسيحيين تصفية جسدية بامل دفعهم الى ترك اوطانهم، كما يحصل الان في العراق ومصر.
lrm;كان هذا مظهرا قاسيا من مظاهر تخلف الاكثرية العربية الاسلامية في العالم العربي، حيث ان احد معالم قياس التطور الحضاري في أي مجتمع يتمثل في كيفية تعامل الاكثرية مع الاقليات والشرائح الضعيفة في المجتمع، كالمكونات العرقية والدينية والمذهبية الاقل عددا، والنساء والاطفال والاكثر حرمانا. وقد ضرب العالم العربي الرقم القياسي في سوء معاملة هذه الشرائح جميعا، مؤكدا عمق تخلفه الحضاري الذي لم يخرج منه بعد.
lrm;يؤدي ذلك، من بين امور كثيرة اخرى، الى تفكير الاقليات بالانفصال عن الاكثريات، والاستقلال بوحدات سياسية مستقلة او شبه مستقلة، هربا من سياسات التمييز العنصري او المذهبي والظلم والاقصاء التي تمارسها الاكثرية ضدها.
lrm;حدث هذا في العراق، ويحدث في الجزائر. ويتخذ الامر صورة اكثر حدة في جنوب السودان، حيث قرر السود هناك، واغلبهم غير مسلمين، الانفصال عن الشمال العربي المسلم، الذي لم يستطع ان يحسن شراكتهم وضيافتهم وخصوصيتهم، ليكون السودان اول بلد عربي عضواً في الجامعة العربية ينقسم الى دولتين، تعبيرا عن عدم قدرة اغلبية عربية مسلمة على اقامة حياة شراكة مع غيرها من الناس ممكن لا يشاركونها في الدين او العرق او اللغة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مغالطات
عاطف -

السيد محمد عبد الجبار الشبوط !!!! كتب ما يراه من وجهة نظره وحسب فهمه لأتفاقية سايكس بيكو ولم يكلف نفسه عناء السوال : لماذا قسمت ألأتفاقية الحدود القطرية للدول العربية بطريقة متداخلة وجعل الدوزلة الواحدة متعددة عرقيا ودينيا والحرص على وجود تعدد تالى ضمن التعدد ألأساسى ؟ ولماذا تجد القيادات السياسةالتالية لمرحلة سايكس بيكو امام تحدى دمج المكونات المفتعل لغرض معلوم ؟ الحديث عن دعوة حزب البعث لتطهير العالم العربى من ألأقليات وألأعراق غير العربية حديث غريب ومستغرب واتمنى ان يكون عن جهل بالفكر القومى عموما وبفكر حزب البعث العربى ألأشتراكى خاصة...وليس لأى غرض آخر .. المقال بكل أسف يصب بأتجاه التحريض وصب الزيت على النار فى المنطقة العربية .. وهو دعوة لمزيد من التفتت والتقسيم العرقى والطائفى !!!!!! .

مغالطات
عاطف -

السيد محمد عبد الجبار الشبوط !!!! كتب ما يراه من وجهة نظره وحسب فهمه لأتفاقية سايكس بيكو ولم يكلف نفسه عناء السوال : لماذا قسمت ألأتفاقية الحدود القطرية للدول العربية بطريقة متداخلة وجعل الدوزلة الواحدة متعددة عرقيا ودينيا والحرص على وجود تعدد تالى ضمن التعدد ألأساسى ؟ ولماذا تجد القيادات السياسةالتالية لمرحلة سايكس بيكو امام تحدى دمج المكونات المفتعل لغرض معلوم ؟ الحديث عن دعوة حزب البعث لتطهير العالم العربى من ألأقليات وألأعراق غير العربية حديث غريب ومستغرب واتمنى ان يكون عن جهل بالفكر القومى عموما وبفكر حزب البعث العربى ألأشتراكى خاصة...وليس لأى غرض آخر .. المقال بكل أسف يصب بأتجاه التحريض وصب الزيت على النار فى المنطقة العربية .. وهو دعوة لمزيد من التفتت والتقسيم العرقى والطائفى !!!!!! .

كاتب من منازلهم
صالح -

يا أخي لا أتكلم عن الأحوال في العراق أو الجزائر بحكم عدم زيارتي لهذه البلدان. أما عن بلدي السودان فالأمر مختلف تماما عن ما ذكرت في مقالك يا كاتبنا الحصيف. أولا الجنوبيون ليسو هم الوحيدون ذوي البشرة السوداء في السودان، ولكن هذا الشعب أثرت عليه سياسة الانغلاق التي انتهجها الاحتلال البريطاني في القرن الماضي، وكذلك النخب الجنوبية التي تم تعليمها وشحنها وفق مفاهيم ومصالح المحتل لتكون شوكة في حلق البلاد ومصدر قلق واستنزاف دائم.

مقال دقيق
كريمة الناصري -

كلام دقيق جدا يصف حال التعنت والعنصرية واخيرا التصفية الجسدية التي يقوم بها العرب السنه عادة كما حدث في كنيسة سيدة النجاة في العراق التي قتل الوهابيون الارهابيون العشرات من المسيحيين العراقيين دون اي ذنب سوى انهم ليسوا من اتباع السلف والحركة الوهابية.

مقال دقيق
كريمة الناصري -

كلام دقيق جدا يصف حال التعنت والعنصرية واخيرا التصفية الجسدية التي يقوم بها العرب السنه عادة كما حدث في كنيسة سيدة النجاة في العراق التي قتل الوهابيون الارهابيون العشرات من المسيحيين العراقيين دون اي ذنب سوى انهم ليسوا من اتباع السلف والحركة الوهابية.