كرة القدم اللبنانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله الفوزان
حسن نصرالله أمتعنا بأهدافه الاحترافية القوية في المرمى الإسرائيلي وظل هكذا مهاجماً لا يشق له غبار، ثم فجأة غير مركزه وأصبح لاعباً (قشاشاً) في فريقه ضد بعض الفرق اللبنانية، فتراجع دوره وشعبيته، ثم فاجأنا ليلة الاثنين بانتقاله للهجوم ضد الفريق السني ليراوغ ويسجل هدفه (اللئيم)
تسمّرت مذهولاً أمام التلفزيون ليلة الاثنين وأنا أشاهد المهاجم المراوغ السيد حسن نصرالله يسجل هدفاً خطيراً في المرمى السني المفتوح، عندما أعلن على رؤوس الأشهاد - بالمضمون - أنه عزل الزعيم السني الحالي واستدعى السني الآخر عمر كرامي لينصبه زعيماً جديداً للسنة (رئيساً للوزراء وهو المنصب الذي خصصه الدستور للطائفة السنية) وقال وهو يتحدث بمنتهى الهدوء وكأنه لم يفعل شيئاً ذا بال إن كرامي أشاد بالمقاومة وشكره وتمنى عليه البحث عن بديل بسبب الصحة والعمر وصعوبة المرحلة، الأمر الذي أدى كما يبدو لأن يقوم نصرالله باختيار ميقاتي بديلاً لكرامي، واستجابة لقرار نصرالله فقد فاز ميقاتي في الاستشارات الملزمة وتم تنصيبه رئيساً لوزراء لبنان بدلاً من الحريري الذي (خلعه الزعيم نصرالله) ولا أدري هل كان اعتذار عمر كرامي للأسباب التي أبداها أم أنه لم يقبل أن يكون ممثلاً في رئاسة مجلس الوزراء لطائفة دون رضاهم استجابة لتنصيب من زعيم طائفة أخرى بتلك الطريقة التي لها معناها العميق المقصود؟؟.
هذا المشهد اللافت ذكرني بذلك الاحتجاج الشديد الذي عبر عنه عمر كرامي عندما شاهد سعد الحريري يوماً يصفق لقرار مجلس النواب اللبناني بالعفو عن سمير جعجع وإخراجه من السجن، فقد أبدى عمر كرامي آنذاك عتباً شديداً على سعد الحريري لأنه صفق - كما قال كرامي - للعفو عن قاتل زعيم السنة الأسبق رشيد كرامي في وقت ما زال فيه دم أبيه زعيم السنة السابق رفيق الحريري ساخناً بعد مقتله في ظروف مشابهة لمقتل أخيه رشيد.
لو كنت مسؤولاً قطرياً لعبرت عن استيائي الشديد واحتجاجي البالغ على (الإخوة الأعداء) في لبنان الذين خطفوا الأضواء من كأس آسيا المقام الآن في الدوحة، وجعلوا الجماهير تحرف أعناقها عن مباريات الدوحة باتجاه مباريات الدوري المثير لكرة القدم اللبنانية، وبصراحة فكل المشاهد التي رأيتها في الملعب اللبناني من مقتل رشيد كرامي إلى مقتل رفيق الحريري واحتجاج عمر كرامي على تصفيق سعد الحريري ثم استقبال نصرالله لكرامي في الضاحية واختياره بعد ذلك ميقاتي ليكون هو الزعيم السني في مجلس الوزراء بعد (عزله) لسعد الحريري، هذه المشاهد اللافتة كلها في واقع الأمر أهداف ساخنة في مرمى الفريق السني.
المشهد الرياضي اللبناني يتغير واللاعبون يغيّرون ألوان قمصانهم ومراكزهم في الملعب بسرعة، فينتقلون من الهجوم إلى الدفاع وبالعكس، فحسن نصرالله على سبيل المثال أمتعنا بأهدافه الاحترافية القوية في المرمى الإسرائيلي وظل هكذا مهاجماً لا يشق له غبار، ثم فجأة غير مركزه وأصبح لاعباً (قشاشاً) في فريقه ضد بعض الفرق اللبنانية، فتراجع دوره وشعبيته، ثم فاجأنا ليلة الاثنين بانتقاله للهجوم ضد الفريق السني ليراوغ ويسجل هدفه (اللئيم) الذي يعبر عن التحدي والإهانة لذلك الفريق الذي ظل يتفرج عاجزاً عن فعل أي شيء بما في ذلك إخراج الكرة من مرماه.
كل شيء يتغير ويتبدل بسرعة وحِدّة في لبنان حتى فرق كرة القدم، كان هناك فرقا تنتمي لتيارات لبنانية وتصارعت طويلاً ثم اختفت، وجاءت فرق بديلة، ومن الواضح الآن أن الساحة اللبنانية يتصارع فيها فريقان، وهناك لاعبون محترفون، فعون بعد أن هاجمه الفريق السوري ودك حصونه وحاصره ثم نفاه إلى باريس عاد إلى بيروت بفضل فريق 14 آذار ليلعب معه ثم فجأة وبفعل قوانين الاحتراف اللبنانية رأيناه يلعب - وياللغرابة - مدافعاً عن المرمى السوري ومهاجماً وبعنف مرمى فريق 14 آذار أما جنبلاط اللاعب المحترف رقم واحد فقصص تنقله من فريق إلى آخر، ومن مركز إلى آخر ومن كتلة إلى أخرى أكثر من أن تحصى.
في مباريات كرة القدم يحصل أحياناً أن ينزل الجمهور إلى الملعب ويختلط الحابل بالنابل، وهذا يحدث عندما يشعر الجمهور بالإهانة الشديدة، أو بعدم حياد صارخ من الحكم، ومباريات كرة القدم اللبنانية من ذلك النوع الذي ينزل فيه الجمهور إلى الملعب، فالإهانات المتبادلة كثيرة، والملعب بلا حكم أصلاً، واللاعبون يتميزون بالعنجهية والصلف، مجموعة سلاطين لهم أتباع يقيمون في أحياء متجاورة يسمونها الدولة اللبنانية، وقد نزل الجمهور اللبناني كثيراً إلى أرض الملعب في السابق، ونزل يوم أمس في اليوم الذي سموه يوم الغضب، وأظن أن ما فعله نصرالله ليس سهلاً، إذ لا معنى للإفصاح عن استدعائه عمر كرامي وعرض رئاسة مجلس الوزراء عليه (وهو المنصب السني) عدا إبلاغ الطرف الآخر أن القرار اللبناني من ألفه إلى يائه أصبح في مكان واحد، وينبغي أن يعي الجميع هذا بمن فيهم تيار المستقبل.
ما حدث يوم أمس هو شوط جديد سيستمر، وستأتي أشواط أخرى، وهذه هي حال كرة القدم اللبنانية، أشواط عديدة متتالية، ويوم لك ويوم عليك، ولكن يقول أحد الصحفيين اللبنانيين من جماعة 8 آذار إن الأشواط التالية قد تكون (عليك) لأن الساحة الآن يلعب فيها طرفان، طرف يملك السلاح، وطرف يملك الأرجيلات..