ما يجمع بين العراق وفلسطين ولبنان..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله
تشير أحداث الأيام الأخيرة في الوطن الصغير إلى أن هناك ما بات يجمع بين العراق وفلسطين ولبنان. صار الكلام عن علاقة بين "الساحات" الثلاث مطروحاً في ضوء تكليف السيد نجيب ميقاتي تشكيل حكومة لبنانية جديدة نتيجة تحول الأقلية النيابية في لبنان إلى أكثرية. حصل ذلك بقدرة قادر في أقلّ من اسبوع. وهذا يفرض النظر إلى الموضوع اللبناني من زاوية مختلفة هي الزاوية الإقليمية. للمرة الأولى في تاريخ لبنان، تتحكم إيران بالوطن الصغير إلى حدّ تفرض فيه رئيساً لمجلس الوزراء وتضع في الوقت ذاته فيتو على شخصية معينة هي السيد سعد الحريري.
ماذا حصل عملياً في لبنان؟ كل ما في الأمر أن "حزب الله" وهو ميليشيا إيرانية مسلحة عناصرها لبنانية "أوحت" بطريقتها الخاصة للزعيم الدرزي السيد وليد جنبلاط بأن عليه الانقضاض على سعد الحريري. أخذ وليد جنبلاط نفسه وستة من نوابه إلى مكان آخر. ترافق ذلك مع "اقناع" سوري لميقاتي بضرورة قبول أن يكون رئيساً لمجلس الوزراء نظراً إلى أن المهم في هذه المرحلة التخلص من سعد الحريري بأي شكل كان نظراً إلى أنه متمسك بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
لا شك أن الرئيس المكلف، وهو رجل عاقل يمتلك نوعاً خاصاً جدّاً من الذكاء الحاد، ما كان ليقدم على هذه المغامرة لولا إشارات من دوائر عربية معينة من بينها المملكة العربية السعودية التي تغاضت أيضاً عن انتقال شخص مثل النائب والوزير محمد الصفدي إلى الضفة الأخرى...
وهكذا، استطاع نجيب ميقاتي الحصول على ثمانية وستين صوتاً في الاستشارات الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية، في مقابل ستين صوتاً لسعد الحريري. هل هناك من يتجرّأ على كشف حقيقة ما حصل في لبنان والتعاطي مع الوضع الجديد في الوطن الصغير من منطلق أنه صار مستعمرة إيرانية لا أكثر ولا أقلّ بمباركة سورية وتواطؤ عربي؟
أكدت طهران مرة أخرى أن بيروت ليست سوى ميناء إيراني على المتوسط وأن في استطاعتها أن تفعل فيها ما تشاء وحتى أن تحتلها عسكرياً كما حصل ابان غزوة السابع والثامن من مايو 2008. كانت غزوة بيروت تلك، التي ترافقت مع اخضاع الجبل الدرزي في ظل صمت دولي مريب، إشارة إلى أن ليس هناك من يريد الوقوف مع اللبنانيين وأن عليهم أن يتدبروا أمورهم بأيديهم وأن يقفوا وحيدين في مواجهة ثقافة الموت التي لم يجد شخص مثل وليد جنبلاط خياراً آخر غير الرضوخ لها، فكان ما كان... وانتهى الأمر بحصول نجيب ميقاتي على تأييد أكثرية النواب في الاستشارات الملزمة التي أجراها الرئيس ميشال سليمان في التوقيت الذي شاءه خصوم سعد الحريري.
لا اعتراض على شخص نجيب ميقاتي ومؤهلاته التي تتيح نقل البلد إلى وضع أفضل في ظروف طبيعية غير الظروف الراهنة. المشكلة في مكان آخر نظراً إلى أنه بات في استطاعة إيران التأكيد الآن أنها تستطيع فرض رئيس للوزراء على لبنان تماماً كما فعلت في العراق. في العراق، وضعت فيتو على الدكتور اياد علاّوي صاحب أكبر كتلة في مجلس النواب. وأصرت على أن يكون نوري المالكي رئيساً للوزراء. أتت له بدعم من عدوه اللدود مقتدى الصدر الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى حليف للمالكي. الأكيد أن ليس في الإمكان إجراء مقارنة بين شخصي مقتدى الصدر ونجيب ميقاتي، خصوصاً أن الأخير يُظهر من خلال تصريحاته أنه مصرّ على أن يكون على مسافة واحدة من الجميع. يفعل ذلك رغم من أن أداة الأدوات التي اسمها النائب ميشال عون تفتخر بأن الرئيس ميقاتي كان مرشح الثامن من آذار. أي أنه مرشح الفريق اللبناني الذي يخشى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ويسعى إلى تعطيلها بتعليمات من دمشق وطهران!
بفضل سلاح "حزب الله"، صارت الأقلية أكثرية. لم يعد سرّاً أن وظيفة هذا السلاح استكمال وضع اليد الإيرانية على لبنان على غرار ما حصل في العراق حيث باتت هناك دوائر حكومية لا يتحدث الموظفون فيها في ما بينهم سوى بالفارسية. يحصل ذلك فيما الحكومة العراقية تتفرج وفيما لا همّ للأميركيين سوى البحث عن التزام موعد الانسحاب العسكري من البلد. يحصل ذلك أيضاً فيما يتحدث رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عبّاس (ابو مازن) بالفم الملآن عن أن "إيران لا تسمح لـ "حماس" بتوقيع" وثيقة المصالحة الفلسطينية التي كانت وافقت عليها في الماضي. أصبحت إيران صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في فلسطين. في استطاعتها أن تقرر ما إذا كانت هناك مصالحة فلسطينية أم لا؟
مرة أخرى، لا مشكلة للبنانيين مع شخصية نجيب ميقاتي، رغم مما يصدر عن بعض السنة السوء. تكمن المشكلة في تحول الأقلية إلى أكثرية والأكثرية إلى أقلية في أقلّ من اسبوع. فسعد الحريري ليس زعيماً سنياً فحسب، بل هو زعيم درزي ومسيحي بامتياز، خصوصاً في ضوء الهبوط الكبير في شعبية النائب ميشال عون الذي لم يعد تهريجه ينطلي على أحد، هو الذي لا يستطيع أن يوصل نائباً إلى مجلس النواب من دون أصوات "حزب الله"... أكثر من ذلك، أن كل شيعي لبناني يمتلك حداً أدنى من الحس الوطني والعربي، إنما ينتمي إلى التيار الاستقلالي الذي يعتبر سعد الحريري رمزاً من رموزه.
دخل نجيب ميقاتي نادي رؤساء الوزارة في لبنان في العام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. لم يكن عليه وقتذاك الإجابة عن أي سؤال باستثناء الإشراف النزيه على انتخابات نيابية. نجح في ذلك إلى حدّ كبير. في السنة 2011، يبدو الوضع مختلفا كلياً لا لشيء سوى لأنه بات عليه الإجابة عن مجموعة كبيرة من الأسئلة في مقدمها السؤال المتعلق بموقف الحكومة اللبنانية من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. هل في استطاعة شخصية تمتلك كل هذا الرصيد في لبنان وتلك الشبكة الواسعة من العلاقات العربية والدولية بدءا بسورية وانتهاء بالسعودية وتركيا- رجب طيب اردوغان، مروراً بقطر وفرنسا، الوقوف في وجه المحكمة؟ بكلام أوضح، هل يمكن لرئيس حكومة لبنان الانصياع لثقافة الموت والاغتيالات، هل يمكن لرئيس مجلس الوزراء السنّي في لبنان نقل لبنان من الوصاية السورية إلى الوصاية الإيرانية بمشاركة سورية؟ بكلام أكثر وضوحاً أيضاً هل يمكن لرئيس مجلس الوزراء في لبنان قبول الوصول إلى هذا الموقع عن طريق سلاح "حزب الله" المذهبي الذي يقاوم كل ما هو حضاري أو يمت الى العروبة الصادقة الحضارية بصلة في لبنان والعراق وفلسطين والمنطقة؟
التعليقات
فلسطيني
مازن -رغم اني فلسطيني .. لكن مايجمع مابين العراقيين والفلسطينيين واللبنانيين هو اننا شعوب كثيرة الثرثرة والشكوى وقليلةالفعلتحية لتونس ومصر.
فلسطيني
مازن -رغم اني فلسطيني .. لكن مايجمع مابين العراقيين والفلسطينيين واللبنانيين هو اننا شعوب كثيرة الثرثرة والشكوى وقليلةالفعلتحية لتونس ومصر.