النظام العربي ... وهشاشة العظام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله العوضي
النظام العربي يمر بمرحلة صعبة على الوصف، لأن الواقع بتفاصيله هو أكبر دليل على مدى هذه الصعوبة دون أن نضيف إليه بهارات الطمأنينة والسلامة.
وبعيداً عن المقارنة مع أي نظام مقابل أوروبي أو أميركي أو حتى من غيرهما، فإن الوضع العربي في نظامه العام يقف بين عجب القول واستغراب الفعل.
ليس هُناك نظام عالمي أو إقليمي فوق التشخيص وإلا أصيب أحدهما بالانهيار إذا لم يتم وضع الملح على الجرح حتى لو آلم صاحبه، وخاصة إذا كانت الحالة لا تحتمل تأجيل أكثر مما هو محتمل الآن.
فإذا كان يمكن لنا أن نتمثل النظام العربي بمرض هشاشة العظام فإن هذا المرض له وقت محدود لتوفير العلاج اللازم، فكلما كان السن مبكراً كان الدواء أنفع. وأما إذا شاخ فإن أي سقوط ولو بمستوى سلم واحد من عدة سلالم تساوي عقوداً من الزمن كافٍ لحدوث كسر أو خدش لا يمكن علاجه إلا ببقاء المصاب طريح الفراش.
وإذا ما وصل النظام العربي بشكل عام إلى هذه المرحلة فإن الثورات غير المتوقعة هي التي تتولى زمام العلاج الذي قد لا يكون مناسباً أو أفضل حالاً مما كان، ومع ذلك قد يكون البديل هو فوضى عارمة لا تعرف لقوانين التغيير التدريجي طريقاً يبساً ولا رطباً.
المجتمعات العربية لم تعد قادرة على الصبر الذي مَلَّ منه منذ فترة طويلة، حتى يخرج الرجل المناسب من قمقمه فهذا مما لا يتوافق مع العمل الدستوري والقانوني والمؤسسي الذي يتغنى به العالم المتقدم من شرقه إلى غربه في كل الأدبيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأي عملية تغيير مستقبلي مطلوب.
فالبدء بالتغيير من القاعدة خير من الفرض من القمة التي قد تكون مرفوضة من البعض وغير مرغوب فيها لإجراء أي خطوة لا تثق الشعوب بأنها ستؤتي ثمارها بعيداً عن وعود الشعارات الجوفاء، التي لم تنه فقراً ولم ترفع ظلماً.
ولو أراد البعض علاج هذه الهشاشة بعد فوات الأوان فإن الثمن أغلى من أن يتحول سعر الملح إلى سعر كل أنواع الذهب بألوانه الزاهية.
الوقفة أهم من المضي بهذه العلة إلى نهايتها غير المأمونة، ويؤكد على ما تذهب إليه كلمة وزير الخارجية الكويتي في افتتاح اجتماع شرم الشيخ "أن العالم العربي سيشهد حراكاً سياسيّاً غير مسبوق وتحديات حقيقية على صعيد الأمن القومي، إذ أن هُناك دولاً تتفكك وشعوباً تنتفض وحقوقاً تضيع، ويقف المواطن ويتساءل بحسرة هل بإمكان النظام العربي القائم أن يوفر للمواطن العربي الحياة الكريمة والكرامة الإنسانية؟".
إن هذا التحدي هو الملح الذي يجب أن يضاف إلى النظام العربي لأداء الدور الحقيقي من أجل المواطن العربي في أي مكان، وإلا فإن الخرق قابل للاتساع والترقيع الذي يحصل بين فينة وأخرى، حتى لو كان من ذات الثوب العربي لم يعد قادراً على الوصول إلى الغايات المرجوة للنظام العربي، لأنه في حالته هذه لا يملك مقومات تحمّل تبعات تحديات المستقبل، فلو ظلّ على هشاشته تلك فإن القابل لن يكون أفضل حالاً من الماثل أمامنا، بل أمام العالم أجمع.