جريدة الجرائد

تونس.. هل تسلم من المخاطر القادمة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خليل علي حيدر


هنيئا لكم انتفاضتكم وثورتكم الوليدة يا شعب تونس، فمستقبلكم الآن بيدكم وتاريخكم الجديد انتم صانعوه، هذه الحرية التي انفتحت ابوابها لكم ربيع جميل وتيار منعش وتحول تاريخي، الا انها بحاجة ماسة الى الحرص والرعاية والايمان العميق بالديمقراطية والقانون والتسامح والتعددية.. لكي لا تذبل وتموت.
الكثير من الشعوب الثائرة عاشت مثل هذه اللحظات والايام، وتمتعت بالحرية من الاستبداد والتسلط، وشعرت وكأنها ستعيش مثل هذه الاجواء الى الابد، ثم انتكست الاحوال وتراجعت الآمال، وتسلطت قوى ايديولوجية ودينية وسياسية على انفاسها، وسرقت ثورتها، واهدرت تضحياتها.
اكبر ما يهدد التجربة التونسية الجديدة ان تنزلق الى معاداة اوروبا وبخاصة فرنسا، وتبني الشعارات الثورية المعادية للولايات المتحدة والغرب، فمثل هذه الشعارات ستدمر مصالح تونس السياسية والاقتصادية بخاصة وللسياحة ما لها من مكانة وتأثير، وما للاسواق الاوروبية من اهمية للمنتجات التونسية. فعلى قادة الحركة وقواها الجديدة الا تندفع خلف الشعارات والاعمال الانتقامية، وان تحافظ دائما على المكاسب الديمقراطية والطرق السليمة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاهتمام بحل مشاكل البطالة والفقر، والابتعاد عن العزلة الدولية.
ثم ان على قادة تونس الجدد مسؤولية هائلة خارج تونس، وهي الحرص على عدم تهديد جيرانهم بالشعارات، وبذل الجهد في اعطاء اجمل الصور عن عملية التحول السياسي والاجتماعي داخل تونس الجديد كي لا تتزايد معاداة بعض الاوساط والانظمة لها، وكي تكون تونس نموذج التغيير العصري السلمي المنشود بعد ان بدأت هذه البداية الجماهيرية الواسعة، ولم تسر على درب الحروب والانقلابات، كمدخل لتغيير النظام.
الاخطار التي هددت عمليات التغيير السياسية ولعبت بمصيرها في العالمين العربي والاسلامي لاتزال قائمة وستهاجم قريبا تونس. نتمنى الا تُعْدي شعب تونس ولكنها ستفعل.. للأسف! في مقدمة هذه الاخطار الجماعات الاسلامية التي لها ما لها من جذور وامتدادات في تونس. جماعات "النهضة"، قناع الاخوان المسلمين، جماعة "حزب التحرير"، خلايا القاعدة "النائمة". جماعات اسلامية اخرى، ستنشط من خلال التمويل الخارجي، وستشتري النفوذ والامتداد والاعوان بالدعاية والمال.
رَحَلَ دكتاتور! وقد يأتي آخر اسوأ منه بكثير! والمثل الشعبي يقول ان "الحجاج".. كان افضل من ابنه وأرحم!
ان الانظمة، كما يلاحظ كاتب فاضل، ليست بالضرورة اسوأ من معارضيها! "تأمل فقط المعارضة الاسلامية في تونس او جبهة الانقاذ الجزائرية، والذين لم يدخروا جهدا في اللجوء الى العنف ضد المدنيين، فالنظام قد يمارس العنف لحفظ الامن، ولكن خصومه من التيارات الاسلامية يمارسون العنف بوصفه جزءا من الايديولوجيا. النظام يحرمك من حقك السياسي، ولكن المعارضة الاسلامية تحرمك من حقك السياسي، ومن حريتك الشخصية، ومن معتقدك الديني والفكري، بل ومن حقك في الاتصال بالعالم".
الشرطة والمخابرات في الانظمة العربية تقوم بأعمالها القمعية ضد المعارضة كوظيفة وشغل، مقابل مرتب او مكافأة! أما شرطة الاسلاميين ومخابراتهم فانهم يعتبرون اضطهادك من واجباتهم الدينية، ومن شروط بناء الدولة الاسلامية والخلافة، ومن سبل التقرب الى الله وكسب الاجر.
هل ستنجو تونس وتجربتها الوليدة من المخاطر في الداخل والخارج؟
هل ستظل بمأمن من المتزمتين والمغامرين والمخربين والمتشددين؟ هل ستمتنع على نفوذ دول الجيران، واموال النفط، والغزو الاصولي؟
هل ستتغلب قوى الشعب التونسي وقدرته المبدعة على اعداد الحرية ومعارضي التقدم الاجتماعي ودعاة القمع والكبت؟
إنني شديد القلق على مستقبل هذه البلاد، ومدرك لحجم مخاطر الجيران والبلدان العربية وغير العربية عليها.. ولكن لا يسعني الا ان اتمنى لها ولشعبها التوفيق!
إلى الأعلى

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف