لا سلام مع المستوطنات و"الفيتو"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الوطن السعودية
من الواضح أن اليأس الفلسطيني والعربي من التوصل إلى سلام دائم في الشرق الأوسط في هذه المرحلة ليس حالة خاصة. فقد أظهر استطلاع للرأي نشرته مؤخرا صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن حوالي ثلثي اليهود الإسرائيليين يعتقدون أنه لا توجد هناك فرصة على الإطلاق للوصول إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. كما أظهر الاستطلاع نفسه أن 45 بالمئة من الإسرائيليين يخافون على بقاء إسرائيل كدولة يهودية، أي أن حوالي نصف اليهود الإسرائيليين يشعرون أن وجودهم معرض للخطر. لكن هذا الشعور بالخطر واليأس من التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين لم يمنع الحكومة الإسرائيلية من إصدار قرار ببناء 1,100 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، ولم يعر المسؤولون الإسرائيليون أي أهمية لكل الانتقادات الدولية لهذا القرار، جاء ذلك على خلفية قيام مجلس الأمن بتحويل طلب الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة، الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية، إلى لجنة لدراسته، الأمر الذي قد يستغرق أسابيع لاتخاذ قرار بشأنه ويعطي فرصة للجهود الأوروبية والأميركية لإعادة إطلاق محادثات السلام وتجنب مواجهة دبلوماسية بعد أن هددت واشنطن باستخدام الفيتو ضد الطلب. وبالتالي فإن قرار الحكومة الإسرائيلية ببناء مستوطنات جديدة يضعف ـ بلا شك ـ فرص نجاح أي جهود أميركية أو أوروبية لإعادة إطلاق عملية السلام.
مشكلة الإدارة الأميركية أنها تناقض نفسها وتتعامل مع الصراع في الشرق الأوسط بمعايير مختلفة. فالبيت الأبيض لا يجد ضيرا في انتقاد قرار الحكومة الإسرائيلية ببناء وحدات استيطانية جديدة على أساس يعيق عملية السلام، لكن الرئيس أوباما في نفس الوقت يلقي خطابا في الأمم المتحدة يؤيد فيه إسرائيل بلا حدود ولا يذكر مطلقا المستوطنات الإسرائيلية، حدود 1967، الاحتلال الإسرائيلي والمعاناة الفلسطينية، ويركز عوضا عن ذلك على "أمن إسرائيل". خطاب أوباما في الأمم المتحدة، يبدو كأنه صادر عن مسؤول إسرائيلي متشدد، يتعارض بشكل حاد مع الأفكار والوعود التي جاء بها أوباما خلال حملته الانتخابية وبداية ولايته. ولعل مقارنة بين خطابه الأخير وخطابه الشهير في القاهرة في 4 يونيو 2009 تظهر إلى أي حد اختلفت رؤيته للصراع في الشرق الأوسط.
يبدو أن الرئيس أوباما، كسابقيه من الرؤساء الأميركيين، لا يفكر إلا في الانتخابات التالية وقوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وقدرته على تغيير نتائج الانتخابات الأميركية القادمة. وطالما بقيت السياسة الأميركية محكومة بمعادلات انتخابية، وبقي العرب غير مؤثرين بما يكفي في تلك المعادلة، لا يمكن أن تلعب الإدارة الأميركية أي دور إيجابي حقيقي في تسوية الصراع في الشرق الأوسط.
لقد أثبتت التجارب أن انقسام الفلسطينيين لا يمكن أن يوحد المجتمع الدولي لنصرة قضيتهم، ومن يريد أن يحصل على نتائج مختلفة، عليه أن يغير ظروف ومدخلات الصراع.