جريدة الجرائد

بعد الثورات ... لا لتهميش الأقليات!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تركي الدخيل

ترسم الثورات الحالية واقعاً جديداً في العالم العربي. ومع كل الإيجابيات التي جاءت بها، فإن إغفال السلبيات الممكنة والمحتملة يجرنا إلى تفاؤلٍ مفرط يمنعنا من رؤية الثغرات التي تأتي بها حالات التغيير عادةً. من بين المخاطر التي تحيط بالبلدان الثائرة بعد سقوط النظام الحاكم مجيء الأصوليين المتطرفين إلى الحكم، والبعض يظنّ أن التحذير من مجيء الأصوليين إلى سدة الحكم بني على موقف شخصي، أو على رؤيةٍ صارمة حادة، مع أن المخاوف تتضح حين نتابع تصريحات رموز الأقليات وتصريحات مثقفيهم وكتابهم. لأن الأصولية حين تحكم البلد الذي أنجزت ثورته، فإنها سترسم مؤسساتٍ غير مدنية، وبالتالي تبنى القوانين على أساسٍ الفكر الديني الذي تتبناه الأكثرية بينما تضيع الأقلية، وتكون رهن أيديولوجيا حاكمة غير آخذةٍ بالصياغة المدنية للدولة.

فالحريات الدينية شرط للدولة المدنية. وعلى الأطياف الإسلامية في سوريا أو ليبيا أو مصر أن يعلموا أن الحريات الدينية أساسية، سواء للمختلفين ديناً أو المختلفين مذهباً، أو للذين يختلفون على مستوى الانتماءات الفكرية، إذ لا يمكن أن يكون الرأي الواحد مسيطراً، وإلا فإنهم سيكررون مأزق الحزب الواحد السياسي الذي ثاروا عليه. فالرأي الواحد يحمل نفس أمراض الحزب الواحد. وعلى المجالس الانتقالية الانتباه إلى أن الأطياف الأخرى لا يجب أن تعامل بوصفها هامشاً، ولا على اعتبار انها أقلية، وإنما يجب أن تعامل بصفتها شريكة أساسية، وجزءاً من نسيج الدولة ومن المجتمع الذي تأسست فيه وعليه. وكل صياغةٍ للقوانين لا يجب أن ترسم على أساس الأكثرية لتهمش الأقلية، أو لتلزمها على الخضوع لرأيٍ أو نظامٍ لا تؤمن به، لهذا فإن الصياغة المدنية أول تحدٍ تقف أمامه التنظيمات الأصولية أو الحركات الإسلامية التي ربما تصل إلى الحكم، ولا شك أن الجماعة الليبية المقاتلة ممثلةً بعبد الحكيم بلحاج صارت جزءاً من النسيج السياسي، والإخوان المسلمين في سوريا يستعدون لخوض غمار السياسة، فالتحديات أمامهم والاختبار يوشك على البدء، هل سيتمكنون من وضع نظامٍ مدني يشمل كل حقوق الإنسان المكفولة في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" وعلى رأسها الحريات الفكرية والدينية أم لا؟!


الثورة الفرنسية عام 1789 رفعت شعار:"حرية، مساواة، أخوة" وهذه المفاهيم التي نحتاجها في الثورات الحالية. فلا أحد أفضل من أحد، والمجتمع يتساوى في الوطنية، ويحق له ممارسة الحرية كاملةً غير منقوصة، وتضبط حريات الأفراد بالقانون والنظام العام. إن الحركات الأصولية أو أفرادها بعد أن تتم الثورات وتهدأ عليهم أن يندمجوا في اللغة المدنية، وأن يراجعوا أفكارهم، وأن لا يهيمنوا من خلال قوة السلاح على مشاعر الأقليات ويرعبونهم بأيديولوجياتهم القاسية والتي تؤذي الإنسان ولا تمنحه الحرية ولا الأخوة ولا المساواة.
في سوريا هناك أقليات كثيرة، وفيها تنوع واختلاف كبير، من العرب إلى الأكراد إلى المسيحيين والمسلمين، إلى العلويين والسنة، كلها أثنيات حين يحفظها النظام الديمقراطي المدني تكون عنصر ثراء، ويكون الاختلاف "غنىً" للإنسان السوري. لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض وهو يقسم الناس إلى أكثرية وأقلية، لأن دولة المؤسسات المدنية، والنظام الديمقراطي يذيب تلك الفروقات لتصبح الوطنية هي الأساس، وتبقى القناعات الدينية والمذهبية والفكرية خاصةً بالإنسان نفسه، وبالفرد ذاته، ويكون ما يجمع الناس وطنيتهم، حتى تبلغ الدولة ذروة مدنيتها حين لا يسألك الناس عن مذهبك أو دينك، بل يعرفونك بصدى ما تنجزه لوطنك من التزام وأخلاق أو بذل وسخاء أو عمل وإنماء.

التحديات التي تطرحها الثورات كثيرة، ولعل مسألة الأقليات من أكثر التحديات وضوحاً وراهنيةً في هذه الفترة المتحولة من تاريخنا العربي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المهمة العاجلة
للمجلس الوطني -

لمئات السنين , سوريا كانت تفاخر أنها مثال يحتذى به في التعايش والتاخي بين الطوائف في اطار الوطن الواحد , الى أن استولت العصابة الأسدية على سدة الحكم منذ نصف قرن من الزمان , فصار الانتماء الى طائفة معينة أو تأييد استبدادها بالحكم تحت الواجهة الصورية لحزب البعث هو المفتاح للوصول الى السلطة والنفوذ والجاه .... سيكون خطأ قاتلا ادعاء أية طائفة ( الطائفة السنية )أنها تمثل الأغلبية في البلد وبالتالي تقصي الأقليات الأخرى وتستبد بالحكم , فتكون كمن أصلح الخطأ بخطأ أفدح . المهمة الأولى والعاجلة للمجلس الوطني الذي تشكل مؤخرا أن يعلنها صريحة وبلا مجال للتأويل أن الدولة القادمة ستكون دولة مجتمع مدني . ديموقراطي , تعددي , علماني وليس طائفي .... وعندها فقط نستقيم الأمور , تطمئن الأقليات ويستعيد المجتمع السوري لحمته ...

ما ذنبنا ؟؟
عبدالله العثامنه -

يا سيدي الأقليات كانت ولا زالت بخير تنعم بعيش رغيد وامن واطمئنان وسلام والدليل بيوت العباده اتي ما زالت موجوده من مئات السنين والقرى والمدن والضياع الواسعه والاراضي الشاسعه التي يسكنوها لم يتعرض لهم احد في الماضي والحاضر ولولا هذا التسامح والاريحيه التي عوملوا بها لما وجدت لهم اثرا في بلادنا ولكانوا فروا منذ زمن بعيد على يد الحكام المسلمين ودول الخلافه المتعاقبه!! لكني اود ان اقول شيئا انهم كانوا ولا زالوا يمالئون الأعداء ويقفون معهم ويعاونوهم في السر والعلن على قتل الغالبيه ومحاولة تصفيتهاومحوها حسدا وبغضا وتأمرا وتشفيا !! والتاريخ والحاضر مليء بالشواهد ورغم ذلك كانت الغالبيه عندما تتخلص من الأستعمار والأحتلال كانت تعفو عنهم وتسامحهم ولا تأخذ واحد منهم بجريرة الأخر وتعمل بمبدأ عفى الله عما سلف.... اما الأقليات نفسها فنرجوها ان تريحنا من عقدة الخوف والذوبان التي ما فتأوا يرددونها صباح مساء والتهميش والضياع والذوبان والهلع من الأصوليه !! يقفون مع الظالم خوفا من الأصوليه ويعاونوه في قتل الغالبيه خوفا من الأصوليه ويقتّلون الأصوليه خوفا من الأصوليه ويشردوا الغالبيه في اصقاع الدنيا خوفا من الأصوليه !! عجيب والله يهجرون الغالبيه خوفا من ان يهجروا هم؟! ويشردونهم خوفا من ان يشردوا ويذبحونهم خوفا من ان يذبحوا ؟! كل ذلك في حرب استباقيه كي لا تقوم للأسلام قائمه ولأطالة في عمر اسرائيل... يا سيدي من حمى الأقليات غير الأصوليه؟؟!! الم يكن حكامنا من مماليك وعثمانيون وعباسيون وامويون الم يكونوا اصوليين يطبقون الشريعه بفهم السلف الصالح من الكتاب والسنه اللذان يأمرانهم بحسن الجوار واحترام الأقليات والمعاهدين واهل الذمه واهل الكتاب؟! اعطيني نصوصا للشيوعييين والقوميين والليبراليين والأشتراكيين والعلمانيين اقوى من نصوص القران والسنه في الحض على حماية الكتابي او المعاهد او الأقليات.... يا سيدي لا يحمي الأقليات الا اصحاب المباديء الراسخه والعقائد المكينه المتمكنه من النفوس التي تخاف الله وتنفذ اوامره بأنقياد واستسلام في التعامل والتسامح والحفاظ على حقوق الأقليات والكتابيين.... اما ان نذبح ونقتّل وتهتك اعراضنا ونشرد من بيوتنا لمجرد مخاوف وظنون يراها الصغير في منامه ويموت خوفا ورعبا !! ما ذنبنا ان كانوا خائفين مرعوبين بسبب عقائدهم الشركيه التي استوطنت نفوسهم وقطّعت قلوبهم؟!

المهمة العاجلة
للمجلس الوطني -

لمئات السنين , سوريا كانت تفاخر أنها مثال يحتذى به في التعايش والتاخي بين الطوائف في اطار الوطن الواحد , الى أن استولت العصابة الأسدية على سدة الحكم منذ نصف قرن من الزمان , فصار الانتماء الى طائفة معينة أو تأييد استبدادها بالحكم تحت الواجهة الصورية لحزب البعث هو المفتاح للوصول الى السلطة والنفوذ والجاه .... سيكون خطأ قاتلا ادعاء أية طائفة ( الطائفة السنية )أنها تمثل الأغلبية في البلد وبالتالي تقصي الأقليات الأخرى وتستبد بالحكم , فتكون كمن أصلح الخطأ بخطأ أفدح . المهمة الأولى والعاجلة للمجلس الوطني الذي تشكل مؤخرا أن يعلنها صريحة وبلا مجال للتأويل أن الدولة القادمة ستكون دولة مجتمع مدني . ديموقراطي , تعددي , علماني وليس طائفي .... وعندها فقط نستقيم الأمور , تطمئن الأقليات ويستعيد المجتمع السوري لحمته ...

حقوق
laf -

أري في ما كتبه تعليق #2 نظره دونيه لمن يختلف منه مذهبة أو من يختلف معه فكريا. يبدو أن مفهوم ;المواطنه عسير الفهم ما دام منطق ;نحن العليون هو الأعلا.

حقوق
laf -

أري في ما كتبه تعليق #2 نظره دونيه لمن يختلف منه مذهبة أو من يختلف معه فكريا. يبدو أن مفهوم ;المواطنه عسير الفهم ما دام منطق ;نحن العليون هو الأعلا.