جريدة الجرائد

من «باب الحارة» إلى باب السباع!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حسين شبكشي

في مسلسلات الدراما التلفزيونية السورية، وتحديدا فيما عرف بمسلسلات البيئة الشامية، كانت تبرز فيها شخصيات الزعامة والقيادة بشكل هو أقرب للأسطورة، لعل أشهر تلك المسلسلات كان مسلسل "باب الحارة" الذي أبرز شخصيات "الزعيم" و"العكيد" ومجد ومدح في دور "المقاومة" ضد الخائن والمحتل حتى فتن المشاهدون بما شاهدوه في عالم "باب الحارة" الافتراضي الجميل، وسعدت بنجاح المسلسل أبواق النظام السوري وقتها لأن ذلك يساعد على استمرار ترويج فكرة أنه نظام الممانعة ونظام المقاومة في الذهنية العربية.
لكن عالم التلفزيون شيء والواقع شيء آخر، فها هو الجولان لا يزال محتلا دون أن يشهد تمثيلية مقاومة واحدة بحقه، ولم يظهر في الحقيقة لا زعيم ولا عكيد. ولكن مشهد المقاومة الحقيقي اليوم في سوريا انتقل من باب الحارة الافتراضي إلى باب السباع الحقيقي.. باب السباع ذلك الحي السوري العتيق في مدينة حمص التي تحولت بجدارة إلى عاصمة الثورة السورية الحالية.
باب السباع كما يعرفه أهل حمص هو موطن الرجال "القبضايات" أو "الزقرتية" لا يهابون أحدا في الحق، أبناء مدينة عرفها سكانها باسم "حمص أم الحجارة السود" كما يتغنى بها سكانها في عرضتهم الشهيرة التي يتفاخر أهلها بأنهم أحفاد خالد بن الوليد المدفون فيها. حمص "جننت" النظام ولم يستطع بعتاده وصواريخه وجنوده ودباباته وطائراته القضاء على الثوار فيها ولا القضاء على المنشقين من الجيش القمعي والمنضمين للثورة بحمص تحديدا بأعداد مهولة. باب السباع هو نواة مستقبل سوريا وليس باب الحارة الافتراضي.
الثورة في سوريا تتطور بشكل نوعي مهم، أعداد القتلى لم يتوقف ونظام الإبادة الذي يمارسه النظام مستمر، ولكن كذلك الأمر بالنسبة للتخبط في إصدار القرارات، وخصوصا في الجانب الاقتصادي، احتجاج رجال الأعمال بقوة أجبر الحكومة على أن تتراجع عن قرارها بحظر الاستيراد، والليرة تواصل هبوطها حتى خسرت ما يقارب العشرين في المائة من قيمتها، النظام فعليا تمكن من أن يخسر أي تعاطف له مع الأكراد والعشائر بعد أن اعتدى على أكبر رمزين لهما، وهذه كلها عناصر تسريع القضاء على النظام من الداخل.
استمرار تهريب الذهب والعملات الأجنبية إلى الخارج وتحديدا إلى إيران مستمر، وكذلك خروج كبير لأسر المسؤولين في سفر جماعي إلى أوروبا الشرقية، مع الاعتقاد بأن المعارضة السورية ممثلة في المجلس الوطني السوري سيُعلن عن قبولها والاعتراف بها كممثل شرعي وحيد للشعب السوري في فرنسا وبريطانيا وقطر قريبا جدا، مع زيادة الحديث عن وجود نواة انقلابية كبيرة داخل الجيش السوري وتستعد للحراك بعد الاعتراف الكافي بالمجلس الوطني السوري خارجيا، وهو أيضا سيكون متزامنا مع طلب تجميد عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية الذي قد يطرح في الأيام المقبلة.
الثورة الشعبية "كيفت" نفسها وشكلت نظاما متوازيا على الأرض، فهناك العشرات من المشافي السرية التي تعالج الجرحى بعيدا عن أعين النظام، وكذلك الأمر بالنسبة للطلبة يتم تعليم الكثير منهم في البيوت بعيدا عن المدارس، ودخلت البلاد بالتدريج في مرحلة العصيان المدني. وما إن قامت عناصر الاستخبارات الأمنية بصنع مسيرات التأييد في دمشق وجندت لها جميع الطاقات الأمنية وأخلت مدنا أخرى لأجل ذلك، حتى قامت مظاهرات ضد النظام في حلب بعد أن فكت سلطات الأمن يدها عنها، ويبدو أن حلب ستدخل الثورة نظرا للأزمة الاقتصادية الخانقة والضغط الشعبي المتزايد على أهلها.
استمرار استخدام النظام السوري للسلاح الجوي والطيران سيساعد على المطالبة بضرورة الحظر الجوي على سوريا، وهو ما يؤيد أن هناك حديثا متزايدا على أن الطيران التجاري سيتقلص وقد يتوقف عما قريب تمهيدا لذلك الأمر. العقوبات الاقتصادية باتت مؤثرة جدا، ومن المتوقع أن تزداد نقمة الناس على النظام وخصوصا مع دخول موسم الشتاء القاسي. تركيا والأردن وبعض الشرفاء في لبنان والعراق يدعمون الثوار بشكل واضح ويعلمون يقينا أن أيام النظام باتت معدودة. النظام السوري لا يزال يعيش في زمن المقاومة الافتراضي، ولكن هذا النظام يصلح على شاشات التلفاز في رمضان وليس على أرض الواقع طوال العام.
من باب الحارة إلى باب السباع هو المسافة بين عالم الافتراض وعالم الواقع الذي غاب عن النظام تماما، وهو الذي سيكون، ولكنه سيكون كذلك سببا مباشرا في نهاية سعيدة جدا لدراما الثورة السورية الحالية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ليست إفتراضية
خالد الدايل -

عزيزي الإستاذ شبكشي, مقالتك جميلة, لكن باب الحارة ليس إفتراضي, بل هو مشهد من الشارع السوري أيام الإنتداب الفرنسي. أنا من البيئة السورية الشعبية و أعي ما أقول و سمعت قصص متناقلة من الأباء و الأجداد تروي بطلات السوريين أيام الإحتلال. أما عدم تحرير الجولان, فسببه أن من يقود الجيش السوري ثلة من العلويين المستعمرين فعلياً للأراضي السورية. و هؤلاء بالأصل قد باعوا الجولان التي لا تعينيهم ثمناً لجلوسنهم على كرسي الحكم, و إنت سيد العازفين.

هذه احلام يقظة
د.يوسف الداية -

لا اعلم كيف انك تقوم بتشويه الحقائق :باب سباع في حمص هي علامة عار في جبين السوري لان كل سلفي نكفيري حاقد يوجد هناك و ثانيا لا اعلم اين خرجت المظاهرات في حلب و انا من سكان حلب ولن اسمع عنها أي شئ كما انك تقول بأن عائلات المسؤولين تهرول الى اوربا الشرقية و هي جميعها موجودة في بيوتها وتعيش حياتها العادية .و اخيرا ليكن معلوما لديك ان المؤامرة على سوريا مكشوفة لان من يدعمها عملاء حاقدون من امثالك انت وعزمي بشارة ومجموعة من الكتاب .....

المعلق رقم 2
مها -

الى المعلق رقم اثنين . حمص هي عروس الثورة مع درعا وكل المدن السورية . وهي البركان الثائر الذي سيقذف بحممه في وجه الطاغية الاسدي والمافياالتابعة له كل يوم . واذا هدأ البركان ليوم في مكان فستندلع نيرانه في مكان آخر في سوريا الى ان ينتهي حكم آل الاسد المجرمين ويرحلوا عن ارض سوريا الحبيبة . ولا يمكن لك ان تنكر ان الطغمة الحاكمة بدأت تفكر فعليا في ترحيل اموالها وافرادها كما يفعل عم بشار الاسد في بريطانيا . وانت تعيش في وهم كبير وانصحك ان تفيق منه قبل فوات الاوان

هذه احلام يقظة
د.يوسف الداية -

لا اعلم كيف انك تقوم بتشويه الحقائق :باب سباع في حمص هي علامة عار في جبين السوري لان كل سلفي نكفيري حاقد يوجد هناك و ثانيا لا اعلم اين خرجت المظاهرات في حلب و انا من سكان حلب ولن اسمع عنها أي شئ كما انك تقول بأن عائلات المسؤولين تهرول الى اوربا الشرقية و هي جميعها موجودة في بيوتها وتعيش حياتها العادية .و اخيرا ليكن معلوما لديك ان المؤامرة على سوريا مكشوفة لان من يدعمها عملاء حاقدون من امثالك انت وعزمي بشارة ومجموعة من الكتاب .....

نفاق
ابو صطيف خبيني -

وجود هيك اصدقاء للثورة السورية اسوأ من وجود اي عدو لها. اوهام و تخاريف و نفاق لا محدود من باب الحارة الى باب السما. ببساطة لان المؤسسة الدينية في سوريا كانت الحاضنة الحقيقية للاستعمار العثاني. و في زمن الاستعمار الفرنسي لم تقدم اي شيء لسوريا و الدلالة الرمزية الوحيدة في استعمار فرنسا لسوريا هي خروج يوسف العظمة لمحاربة الفرنسيين و نذكر الكاتب ان العظمة خرج من وزارة الدفاع و ليس من المسجد و لا يعرف التاريخ الحقيقي لسوريا اي دور للمؤسسة الدينية او للمتطرفين الاسلاميين في محاربة المحتل الا في فنتازيات المخرجين الذين يغازلون الاسلاميين الان بهدف الترويج لبضاعتهم و ليس لانصاف التاريخ.

اسمع من عمك يزيد
يزيد بن شهاب -

يا استاذ حسن اسمع من عمك يزيد بن شهاب ابتعد عن سورية وسيبك من اهلها وخليك في اخوتك الشيعة الساعين للعدالة والانصاف واللذين يحتقرون ويقتلون كل يوم, بلدك واهلك اولى بافكارك وحلولك العظيمة وممكن تبدع اكثر ,هذي نصيحة عمك يزيد لوجه الله.

نفاق
ابو صطيف خبيني -

وجود هيك اصدقاء للثورة السورية اسوأ من وجود اي عدو لها. اوهام و تخاريف و نفاق لا محدود من باب الحارة الى باب السما. ببساطة لان المؤسسة الدينية في سوريا كانت الحاضنة الحقيقية للاستعمار العثاني. و في زمن الاستعمار الفرنسي لم تقدم اي شيء لسوريا و الدلالة الرمزية الوحيدة في استعمار فرنسا لسوريا هي خروج يوسف العظمة لمحاربة الفرنسيين و نذكر الكاتب ان العظمة خرج من وزارة الدفاع و ليس من المسجد و لا يعرف التاريخ الحقيقي لسوريا اي دور للمؤسسة الدينية او للمتطرفين الاسلاميين في محاربة المحتل الا في فنتازيات المخرجين الذين يغازلون الاسلاميين الان بهدف الترويج لبضاعتهم و ليس لانصاف التاريخ.