إعدام معمر القذافي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالباري عطوان
ان يخرج مئات الآلاف من الليبيين للاحتفال بمقتل الديكتاتور معمر القذافي، بعد استعادة مدينتي سرت وبني وليد آخر معاقلة، فهذا امر متوقع علاوة على كونه مشروعاً، لان ابناء الشعب الليبي عانوا، ولأكثر من أربعين عاما، من ظلمه وطغيانه وفساد نظامه، ولكن ما خيب آمالنا هي الطريقة غير الانسانية التي عومل بها الزعيم الليبي بعد اصابته وأسره، وكذلك بعض ابنائه والمقربين منه.
نحن مع الاحتفالات بسقوط الطغاة وأنظمة حكمهم، وعودة السلطة كاملة الى الشعب، صاحبها الحقيقي، ولكننا لسنا، ولا يمكن ان نكون مع قتل الأسرى، وجرجرة جثامينهم بالصورة التي شاهدناها جميعاً عبر شاشات التلفزة العربية، قبل الأجنبية.
العقيد معمر القذافي نزل من السيارة التي نقلته الى سرت وهو في صحة جيدة، وكان يمشي على رجليه، ولا آثار للاصابة في رأسه، ثم رأيناه جثة هامدة مضرجة بالدماء وهو في سيارة الاسعاف، مع تضارب كامل في الروايات حول مكان وكيفية العثور عليه، والظروف المحيطة بإصابته.
ديننا الاسلامي الحنيف، وتقاليدنا وقيمنا العربية التي نفتخر بها ونعتز، توصي بالعناية بالأسير، واكرام وفادته، وتضميد جراحه، هكذا اوصانا رسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وهكذا فعل كل الصحابة وقادة جيوش الفتح المسلمين، وعلى رأسهم المجاهد الأكبر الناصر صلاح الدين الذي ضرب مثلاً للبشرية جمعاء في تعاطيه الاخلاقي مع الأسرى الصليبيين.
العقيد القذافي ارتكب جرائم، وخرج بذلك عن كل قيم الاسلام عندما عذب اسلاميين قبل ان يحرق اكثر من الف منهم في سجن ابوسليم، ولكن علينا ان نتذكر ان الثورة ضد نظامه اندلعت بفعل هذه الممارسات اللاإنسانية، وكنا نتوقع من قادة الثوار ان يقدموا لنا نموذجاً مختلفاً، وممارسات اكثر حضارية وانسانية في التعاطي مع الخصوم، ولكن توقعاتنا لم تكن في محلها للأسف.
ما نستشفه من التقارير الاخبارية المصورة التي وصلتنا حتى الآن، ان قراراً صدر بـ'اعدام' كل، او معظم، رجالات العهد السابق، وعدم القبض عليهم احياء. وهذا يؤكد ما اعلنه السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي نفسه، من انه جرى رصد مكافأة مالية (مليوني دولار تقريباً) لكل من يقتل العقيد القذافي، وتوفير الحصانة الكاملة له من اي مقاضاة او ملاحقة قانونية على فعله هذا.
فليس صدفة ان يتوالى وصول جثث نجلي العقيد سيف الاسلام والمعتصم، وبعدهما ابوبكر يونس جابر وزير الدفاع الذي كان واجهة فقط، لم يمارس اي صلاحيات، وكذلك السيد عبد الله السنوسي رجل امن النظام القوي وولده او ولديه، ولم يؤخذ اي من هؤلاء بمن فيهم العقيد نفسه الى مستشفى قريب او بعيد لإسعافه.
***
انه اعدام بدم بارد، يعكس رغبة دفينة بالانتقام والثأرية لا يمكن ان تساعد في تأسيس نظام ديمقراطي حضاري يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي وطموحاته. ممارسات تذكرنا بما جرى للأسرة الهاشمية في العراق بعد الاطاحة بنظامها بعد ثورة عام 1958 بقيادة المرحوم عبد الكريم قاسم ورفاقه.
الرئيس المصري حسني مبارك الذي لا يقل ديكتاتورية عن الزعيم الليبي المخلوع، عومل بطريقة انسانية يحمد عليها المصريون، فقد احضر الى المحاكمة على سرير، وجرى توفير افضل المحامين للدفاع عنه، وكذلك ابناؤه، وكبار المسؤولين في نظامه الفاسد، وهذا ما كنا نتمنى ان نراه في ليبيا الثورة.
سمعنا عضواً في المجلس الانتقالي يطالب بالقاء جثمان الزعيم الليبي في البحر لتأكله كلاب البحر، في مقابلة على شاشة محطة 'العربية'، وشاهدنا آخر يصف الجثمان بأنه 'جيفة'، وثالثاً يتباهى بأنه وجه اليه الاهانات، فهل هذا امر يعقل وديننا الحنيف وقيمه تنص على انه 'اللهم لا شماتة في الموت'.
اعدام العقيد القذافي هو نهاية مرحلة وبداية اخرى، ولا نبالغ اذا قلنا ان ما هو قادم قد يكون الأصعب، لما ينطوي عليه من تحديات جسيمة نلخصها في النقاط التالية:
أولاً: العمل على تكريس الاستقلال والسيادة الليبيين في مواجهة اي نفوذ لحلف الناتو ودوله. فإذا كان هذا الحلف قد ساعد في اطاحة النظام الديكتاتوري وحمى المدنيين، فلا مانع من ان يكافأ بالاموال، وهناك اكثر من 160 مليار دولار من الودائع المالية في الغرب يمكن تخصيص مبالغ منها لهذا الغرض.
ثانياً: تسوية الخلافات المتفاقمة بين الجناحين الرئيسيين في المجلس الوطني الانتقالي، الاسلاميون من ناحية، والليبراليون من ناحية اخرى، واعطاء كل ذي حقه ودوره، حسب حجم تضحياته في هذه الحرب، ونحن نعرف حجم هذه الخلافات وضخامتها.
ثالثاً: نزع سلاح الميليشيات ودمج أفرادها في القوات الوطنية المسلحة، لان ليبيا تحولت في الأشهر الثمانية الماضية الى غابة سلاح، ولا يمكن ان يستقيم الأمن في ظل هذا الانتشار الكثيف للأسلحة، خارج اطار القانون. وسمعنا السيد محمود جبريل رئيس الوزراء يقول ان لا احد يستمع الى اوامره او يطبقها، وانه يحذر'من فوضى عارمة في البلاد.
رابعاً: لا بد من المصالحة الوطنية، والخطوة الاولى في هذا الصدد تتمثل في عدم التعاطي بمنطق المنتصر مع انصار النظام السابق، فالمجمتع الليبي مجتمع قبلي لا يمكن ان يقبل الاهانة والفوقية.
خامساً: الديمقراطية تعني الحكم الرشيد، وسيادة حكم القانون، والشفافية، والقضاء العادل المستقل والمساواة في توزيع الثروات، والعدالة الاجتماعية، واذا كانت قد وقعت اخطاء وتجاوزات فلا بد من علاج سريع لها، قبل ان تتفاقم وتتحول الى غضب وربما ثورة مضادة.
***
قد يجادل البعض، وهم كثر داخل ليبيا خاصة، ان ما حدث بالأمس هو نهاية دموية لنظام دموي، ولكن الشعوب العربية تريد نهايات وردية ديمقراطية انسانية لهذه الانظمة الدموية، تظهر الفارق بين ممارساتها وممارسات ممثلي الثوار الديمقراطيين، فشيم القادرين المنتصرين تتلخص في الترفع عن النزعات الانتقامية الثأرية.
ندرك جيداً انه في ظل الاحتفالات الكبيرة والمشروعة بسقوط نظام طاغية، تسود العاطفة ويتراجع العقل، ولهذا قد لا يعجب كلامنا هذا الكثيرين، ولكن نجد لزاماً علينا ان نقول ما يجب ان يقال، في مثل هذه اللحظة التاريخية في ليبيا.
التعليقات
مات/نفق الطاووس
بن ناصرالبلوشي -ولكنكم لم تعرفوا(الانسانية)ولم تعيروا اهتماما بوصاياالرسول(صلى الله عليه وسلم)ولاأفعال الصحابة ولاالمجاهدالأكبر(الناصرصلاح الدين الأيوبي)..في جررة الأسيرالامريكي في شوارع أرض الخراب والقحط(الصومال)!بل فرحتم ورقصتم(الدبكة),وساندتم صدام في ابادته(بالكيمائي)لقوم المجاهدالأكبر/صلاح الدين الأيوبي..بل وهللتم في تصفية الأكراد!كنتم من الشامتين على عبث العراقيين لأجسادشهداءوشهيدات واسرى الكويتيين(في غزوة الكويت!)..ومجدتم ذلك(الصحفي)المخدوع حينما قذف(بحذاءئه)في وجه محرر بلاده!وتلذذتم في قتل وترويع(الآمنين)على يد(شيخكم-بن لادن)وباقي العصابة!وتناصرون منفذي الاعدامات(بدون محاكمات)على الشوارع وجرجرة(جثامينهم)في شوارع(أزقة)غزة..بادعاءالعمالة لاسرائيل!لستم ملائكة رحمة..و(الانسانية)كلمة لاوجودلهافي قاموسكم..مجردأعضاءفي سوق شراء الذمم بالدولاروالتومان والروبل!
حاكم ظالم وثورة اظلم وزي مايقولوا الجواب من عنوانه
suzan -حاكم ظالم وثورة اظلم وزي مايقولوا الجواب من عنوانه ان حكام العرب عشقوا السلطة والمعروف ان السلطة تزيغ العقل والعين ومادام لاتوجد قوانين ديمقراطية يلتزم بها الحاكم سنظل في هذة الدوامةوالثورات العربية دائما تديرها اجندات اجنبيةتتلاعب بالثورات الى جانب ان الثورات العربية ليست للبحث عن الحرية والديمقراطية كم يدعون بل للارتزاق او الثار او القبلية وتقاتل على السلطة للاستحواذ على مدخرات الدولة .وكان اشرف لثوار الليبين ان كانوافعلا يبحثون عن الحرية ان يقدموا القذافي للمحاكمة عادلة هو ومن معه ولكن مابني على باطل فهو باطل واني ارى ان ليبية لن ترى اي ديمقراطية بل التناحر بين مايدعون انهم ثاروا ضد الظلم .ولا انسى ان اتقدم بالشكر لثورة المصرية الذي تبحث فعلا عن ديمقراطية وكذلك لحسني مبارك الذي احترم شعبه وتنحى عن السلطة بدون خسائر كبيرة.
عصابة
حميد20 -ألليبيون أدرى بحاكمهم ألدي حكمهم لوقت طويل لكن ألا يوافقني ألبعض بأن هذه ألثورة يتزعمها أشرار ربما هم أكثر دموية من ألحكام أنفسهم ما رأيناه من صور عبر قنوات ألاخبار تقشعر له ألابدان و لا يعبر الا على عصابة مجرمة لا تملك أدنى صفاة ألادمية قتل الاسير و جرجرته و تشويهه صورته هي من صفات هؤولاء ألصليبين ألذين يدعون مساعدة ألشعوب ألعربية في خلع حكامهم لماذا لا يساعدون ألفلسطنين من براثن ألصهاينة؟ هدفهم هو تدمير الدول العربية و تفريقهم أكثر مما هم عليه و الاستلاء على ثرواتهم أكثر مما هم عليه و تنصيب مجرمين أكثر دموية ممن يحكمونا حاليا و أنا لا أدافع عن أي حاكم لكن ألدي لا يقبله أي ضمير هو ما حدث بليبيا و ألدي لا يعبر الا على سلوك اجرامي و من المفروض محاكمة ألجناه كمجرمين لا يمتلكون أي صفة من صفاة ألادمية و التاريخ سيثبت أنهم عصابة من الخونة و سفاكي الدماء و أكثر قذارة من ألجرذان
همجية وانحطاط اخلاقي
احمد مراقب -الجيش الروماني اللااسلامي واللامسيحي لم يمثل بجثة سبارتاكوس ومن قتلوااوصلبوا معه ولم يركل اوينتهك لاقبل ولابعد.تذكروا هذا كان في عام 71 ق.م!! الثورة الفرنسية وقادتها اللااسلاميون سمحوا للويس 16 محاكمة عادلة علنية واعدم بعد مرافعات مطولة بدون ضرب واهانات وتنكيل. الثورة الروسية الشيوعية ;الكافرة ; وان قتل ثوارها القيصر وعائلته بدم بارد لكنهم لم يضربوا ويهينوا او ينكلوا. جيفارا كان يعفو عن جنود العدو باخلاق رفيعة ويطلق سراح الاسرى. طبعا لااحب هنا اقارن بينه وبينّ ;الثوار الليبيين ;فهذا ظلم بحق نبي الثورات. سيذكر التاريخ ان الليبيين صغارا وكبارا التقطوا صور زعيمهم يضرب ويهان وينتهك ويركل على ;طريقة الثوار الاسلاميين ; وهم مبتهجون ويضحكون بملئ الفم. اين هؤلاء من قول الرسول ;لاتمثلواولو بكلب عقور ;. الفاتحة على حقوق الانسان والدولة المدنية ياعرب.