سلمان.. وزير الدفاع السعودي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حسين شبكشي
لا أكون مبالغا إذا قلت إن اختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع في المملكة العربية السعودية لم يكن مفاجئا للكثيرين، بل من الممكن القول إنه كان شبه رغبة شعبية، نظرا للمكانة الاستثنائية التي يحظى بها سلمان بن عبد العزيز في نفوس السعوديين بسبب السمعة التي كونت عنه في أذهانهم عبر السنين الطويلة كحاكم إداري فعال ومتابع دقيق للشأن المحلي العام وتواصله الاجتماعي الدؤوب مع شرائح مختلفة من المجتمع السعودي.
ولذلك يأتي اختيار سلمان بن عبد العزيز للمنصب "الحيوي" المهم كوزير للدفاع بمثابة رسالة طمأنة واستقرار بأن يتبوأ المنصب واحد من "الأمراء الكبار" مكانة وحضورا، وهو الآن يتسلم حقيبة وطنية كبرى تليق بسيرته الذاتية المليئة بالحضور والإنجاز الناجح في أكثر من صعيد.
وزارة الدفاع التي سيقودها الآن سلمان بن عبد العزيز ستكون ذات شكل جديد وذات طابع حصري فقط بعد تغيير اسمها وإعادة هيكلتها، وهو سيجيء إليها بأسلوبه الإداري الحازم والفعال ليقود مؤسسة عسكرية تكبر وتتنامى ويتعاظم دورها وأهميتها في ظل دولة تكبر ومنطقة إقليمية تتغير أوضاعها.
الأمير سلمان يأتي على المنصب الحساس بإرث كبير من النهج الإداري المميز والثقافة والاطلاع والعلاقات الإقليمية والدولية الاستثنائية، وهي جميعا مزايا مهمة ستوظف ولا ريب في المنصب الجديد.
القطاع العسكري السعودي يتنامى دوره كجزء أساسي من المنظومة الإدارية والخدمية للدولة السعودية، فإليه ينتمي عشرات الآلاف ما بين مجند وموظف وإداري في قطاعات مختلفة ومتنوعة ما بين العسكري البحت منها وما بين القطاعات المتخصصة الأخرى مثل التدريبي والهندسي والتعليمي والطبي والصناعي والسكني وغيرها، وهي كلها قطاعات تتداخل مع قطاعات الدولة الأخرى في المشاريع والخدمات ويضرب بها المثل في كثير من الأحيان مثلما كان الوضع ذات يوم بالنسبة للقطاع الطبي للقوات المسلحة.
تطوير هذه القطاعات وتقنين أنسب الأوجه لذلك سيكون أول اهتمامات وزير الدفاع السعودي الجديد الذي يؤمن تماما بالتخطيط المدروس وبناء الرؤية طويلة المدى، ولا شيء يثبت نجاح هذه المقولة أكثر من رؤية ذلك الأمر على أرض الواقع وليس بين دفات الكتب في العاصمة السعودية الرياض التي تحولت في عقود بسيطة من الزمان إلى حالة من النجاح للتخطيط العمراني المدروس للمدن العصرية الكبرى.
وليس سرا كما هو معروف للسعوديين جميعا أنه بعد فضل الله يعود النجاح لعمل ورؤية سلمان بن عبد العزيز الذي كان يبني الفكرة ثم يطورها بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة الدؤوبة.
شخصية الرجل ستفرض نفسها على المنصب وتكون بالتالي بصمة واضحة على "مشروعه" للوزارة من إعادة هيكلة وتوزيع أدوار وترسيخ أولويات وتطوير علاقات.
من المؤكد أن هناك أرضية سيتم البناء عليها في الوزارة، ولكنني أعتقد أن هناك "تغيرا" نوعيا في الأسلوب الإداري والرؤية التي ستوضع للوزارة "الجديدة" لتكون متوازنة ومتوافقة مع أولويات جديدة بالبلاد لها علاقة بالتحديات الأمنية والتنموية والإدارية.
السعودية بالإضافة إلى إعلانها عن تبوّء الأمير سلمان منصب وزير الدفاع، وهو إعلان مهم يتخطى مجرد الإعلان عن المنصب، ولكنه له أبعاد طويلة الأجل ومهمة، أعلنت عن مناصب أخرى أهمها اختيار الأمير خالد بن سلطان لمنصب نائب وزير الدفاع، وقد حضرت لقاء بين الأمير سلمان والأمير خالد بن سلطان في مجلس مختصر لم يكن به غيرهما ووجدت حجم التوافق والتقدير والاحترام بين الرجلين، وهو أمر يبعث على الارتياح والاطمئنان لأسباب كثيرة مهمة في المرحلة المقبلة.
وكذلك كان اختيار الأمير سطام بن عبد العزيز أميرا لمنطقة الرياض طبيعيا، وهو الذي كان حاضرا لفترة طويلة، سيدعمه الأمير محمد بن سعد كنائب له بعد سنوات من العمل الإداري الناجح في مناصب مختلفة، وأيضا يصل إلى منصب رئيس ديوان ولي العهد الأمير سعود بن نايف ليدير مسؤولية مهمة لرجل لديه المنصب الثاني في الدولة.
وهناك اختيار لافت آخر له علاقة بتسليم ملف "الطيران" الذي كان جزءا من وزارة الدفاع والطيران سابقا إلى الأمير فهد بن عبد الله الذي كان مساعدا للوزير، وهو رجل عرف عنه النزاهة والكفاءة وسعة الصدر وحب الناس واحترامهم له، ويبدو أن ملف الطيران والمطارات بصورة عامة متجه إلى مرحلة جديدة من الإصلاح الإداري والخصخصة والمتابعة والتطوير، وهي ملفات آن أوانها.
كل التعيينات التي تم الإعلان عنها في السعودية تأتي في إطار التطوير الإداري المنشود، ولكن يبقى اختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع هو الخبر الأهم وفيه مؤشرات لافتة ومبشرة. سلمان بن عبد العزيز كان دوما صوت مدافعا عن السعودية وقضاياها، وليس غريبا أن يكون بالتالي وزير الدفاع فيها.