لماذا لا يستطيع النظام السوري تنفيذ المبادرة العربية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله
نظراً الى أن ما هو مطروح يشكل مدخلا للإحاطة باللازمة المصيرية التي يعاني منها النظام السوري من كلّ جوانبها، سيكون صعبا على هذا النظام، بل سيستحيل عليه قبول مبادرة جامعة الدول العربية. فالسؤال المنطقي، الذي يطرح نفسه في المناسبة، هل يمكن لنظام ما القبول باصلاحات، اي نوع من الاصلاحات، في حال كان يدرك انه سيوقع بذلك شهادة وفاته؟
على الرغم من ذلك، لا يمكن الاّ توجيه الشكر للجامعة على إقدامها على هذه الخطوة الحكيمة نظرا الى انّها تمثّل محاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سوريا نفسها وإيجاد مخرج لائق للنظام لعلّه يدرك قبل فوات الاوان ان عليه الاعتراف اوّلا بانّه يواجه ثورة شعبية حقيقية لا يمكن ان تنتهي الاّ يتغيير كبير. انه تغيير من النوع التاريخي الذي ينقل سوريا الى مرحلة جديدة مختلفة كليا عن تلك التي عاشتها منذ العام 1963 تاريخ وصول حزب البعث الى السلطة وصولا الى تحوّل النظام، بشكل تدريجي، الى تابع لعائلة واحدة مرتبط بها كلّيا ابتداء من العام 2000.
لماذا قبل النظام المبادرة العربية "من دون تحفّظ"، علما انه يدرك ان ليس في استطاعته تنفيذ اي بند منها؟ الجواب بكلّ بساطة ان ما حصل في ليبيا اخيرا كان له تاثيره النفسي في سوريا. كلّ ما يمكن قوله في هذا الشأن ان هناك مخاوف سورية من تكرار للتجربة الليبية بغض النظر عن كلّ ما يصدر عن هذا المسؤول السوري او ذاك. فخلافا لكلّ ما يقال في بعض الاوساط، هناك ارتباط تاريخي في العمق بين النظامين السوري والليبي وذلك منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي. كان هناك دائما وجود عسكري وامني سوري في ليبيا، خصوصا في مجال استعانة سلاح الجو الليبي بطيارين سوريين، مع ما يستتبع ذلك من وجود سوري على ارض ما كان يسمّى "الجماهيرية".
من هذا المنطلق، كان طبيعيا ان تترك الاحداث المصيرية التي شهدتها ليبيا والتي توجت بالطريقة البشعة التي قتل بها معمّر القذافي انعكاسات في اوساط الحلقة الضيقة التي تحكم سوريا. بات على افراد الحلقة الضيقة التفكير في مستقبلهم. لا شكّ ان المبادرة العربية توفر فرصة لالتقاط الانفاس ومواجهة الواقع كما هو وليس كما يتصوره اولئك الذين يعتقدون ان في استطاعة النظام اعادة الوضع الى طبيعته في المدن والبلدات السورية عن طريق القمع ولا شيء آخر غير القمع. كذلك، لا شكّ ان هناك في سوريا من شاهد سيف الاسلام القذّافي يصيح:"طز بالمحكمة الجنائية الدولية". ولم تمض اسابيع الا وصار سيف الاسلام يجري اتصالات غير مباشرة مع المحكمة الجنائية الدولية بحثا عن طريقة تؤمن له تسليم نفسه بموجب شروط معينة من بينها عدم احتجازه في الاراضي الليبية ومحاكمته فوقها. قد يكون على حقّ في ذلك بعدما شاهد ما حلّ بوالده وشقيقه المعتصم!
اضافة الى العامل الليبي، ثمة سبب آخر في غاية الاهمية دفع في اتجاه قبول دمشق المبادرة العربية. هناك رهان سوري على ان الوضع في البلد، اي داخل سوريا نفسها، سيتبدل كليا بمجرد انسحاب القوات الاميركية من العراق اواخر السنة الجارية نظرا الى ان الانسحاب الاميركي سيكون له تأثيره على التوازنات الاقليمية. وهذا ما تؤمن به ايران. يظنّ النظام الايراني ان مجرد خروج الاميركيين من العراق سيكون نقطة تحوّل في المنطقة تكرّس واقعا جديدا ونشوء قوة اقليمية مهيمنة بعد سقوط الخط الفاصل بين الثقافتين العربية والفارسية لمصلحة الاخيرة.
هل مثل هذا الرهان في محله؟ لا شكّ ان ايران ستكون قادرة على ملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الاميركي من العراق. في النهاية كانت ايران الشريك الحقيقي للولايات المتحدة في الحرب التي شنتها ادارة بوش الابن في العام 2003 وأسفرت عن إسقاط النظام العائلي- البعثي، غير المأسوف عليه، الذي أقامه صدّام حسين.
في نهاية السنة 2011، سيتبين اكثر من اي وقت ان هناك منتصرا وحيدا في الحرب الاميركية على العراق. اسم هذا المنتصر هو ايران. ستسعى ايران، بكلّ بساطة، الى تأكيد ان العراق صار يدور في فلكها.
من الطبيعي اذا، ان يفكّر النظام السوري في كيفية الاستفادة الى ابعد حدود من انتصار حليفه الاوّل في العراق... هذا اذا كان الانتصار سيتحوّل حقيقة وستسمح الولايات المتحدة به.
ولكن ما قد يكون طبيعيا اكثر ضرورة تفكير النظام السوري في ان مشكلته ليست مرتبطة بالتوازنات الاقليمية، بل هي في مكان آخر. بكلام اوضح، مشكلة النظام السوري هي مع الشعب السوري ولا علاقة لها بسيطرة ايران على العراق وتمددها في هذا الاتجاه او ذاك على حساب كلّ ما هو عربي في الشرق الاوسط.
جاءت مبادرة جامعة الدول العربية، التي تدعو اوّل ما تدعو الى وقف العنف واللجوء الى الحوار، لمساعدة النظام السوري على ايجاد مخرج من الازمة العميقة التي يعاني منها. انها ازمة عائدة اوّلا واخيرا الى رفضه الاعتراف بانه في مواجهة مباشرة مع اكثرية الشعب السوري. ما العمل اذا مع نظام لا يريد ان يساعد نفسه من جهة ويعتقد ان الترياق سيأتي من العراق من جهة اخرى؟ ما العمل مع نظام لا يريد ان يأخذ علما بان جدار برلين سقط قبل اثنين وعشرين عاما بالتمام والكمال وان برلين الغربية هي التي انتصرت على برلين الشرقية وليس العكس!
التعليقات
الديموقراطية
هي الطريق -قالها بشار الأسد بعضمة لسانه في خطابه الأخير عندما صرح بأن المادة الثامنة من الدستور ( والتي تعطي حزب البعث الهيمنة الكاملة على الدولة والمجتمع ) هي لب وجوهر النظام , وبالطبع فان أية اصلاحات ستطيح بهذه المادة وبكل ما يعطي أية جماعة أو حزب أو طائفة السيطرة المطلقة على شؤون البلاد ورقاب العباد . ومن هنا اعتمد الأسد أسلوب المراوغة لكسب الوقت على أمل أن يخمد الثورة , لكن هيهات لعزيمة الشعب الثائر ان تخمد أو تضعف .
الديموقراطية
هي الطريق -قالها بشار الأسد بعضمة لسانه في خطابه الأخير عندما صرح بأن المادة الثامنة من الدستور ( والتي تعطي حزب البعث الهيمنة الكاملة على الدولة والمجتمع ) هي لب وجوهر النظام , وبالطبع فان أية اصلاحات ستطيح بهذه المادة وبكل ما يعطي أية جماعة أو حزب أو طائفة السيطرة المطلقة على شؤون البلاد ورقاب العباد . ومن هنا اعتمد الأسد أسلوب المراوغة لكسب الوقت على أمل أن يخمد الثورة , لكن هيهات لعزيمة الشعب الثائر ان تخمد أو تضعف .
طريق مسدود
fouad -يعلم النظام السوري ان تطبيق بنود المبادرة العربية تعني نهايته لان سحب الجيش والشبيحة من الشوارع تعني امتلاؤها بجمهور المتظاهرين وانضمام الخائفين وخاصة بحلب ودمشق وحضور وسائل الاعلام سيجعل من العودة الى القمع مستحيلة واصلا ستكون مستحيلة بدون اعلام حتى .قبل لانه لايستطيع ان يرفض هي طريق مسدودة . في الوضع السوري التكهن صعب للاسف الدماء ستسيل غزيرة هي انظمة اتت بالقوة ولا ترحل الا بالقوة والاعتماد الان على وعي الشعب اسوري وقدرته على تجنب الالغام الطائيفية
طريق مسدود
fouad -يعلم النظام السوري ان تطبيق بنود المبادرة العربية تعني نهايته لان سحب الجيش والشبيحة من الشوارع تعني امتلاؤها بجمهور المتظاهرين وانضمام الخائفين وخاصة بحلب ودمشق وحضور وسائل الاعلام سيجعل من العودة الى القمع مستحيلة واصلا ستكون مستحيلة بدون اعلام حتى .قبل لانه لايستطيع ان يرفض هي طريق مسدودة . في الوضع السوري التكهن صعب للاسف الدماء ستسيل غزيرة هي انظمة اتت بالقوة ولا ترحل الا بالقوة والاعتماد الان على وعي الشعب اسوري وقدرته على تجنب الالغام الطائيفية