عندما يشتم «الشبيحة»!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جميل الذيابي
شعرت للوهلة الأولى عندما أدرت "ريموت كنترول" التلفزيون لمشاهدة القناة السورية، وتعليقها على قرار الجامعة العربية القاضي بتعليق مشاركة دمشق في اجتماعاتها وتهديدها بعقوبات، بأنني أشاهد قناة "الجماهيرية" خلال حكم معمر القذافي لليبيا، وحالة التقديس والإذعان التي مارستها على الشاشة لتبجيل شخصه على مدى أربعة عقود.
فضّلت مشاهدة القناة السورية لمعرفة ماذا سيقول ضيوفها، وكيف ستناقش برامجها قرار الجامعة المنتصر لـ"المغبون" السوري، ومدى قدرة النظام على استيعاب القرار بعد "خراب مالطا"، وبعد قتل أكثر من أربعة آلاف مدني، وسجن وتعذيب الآلاف.
شاهدت في القنوات السورية الرسمية والمحسوبة على النظام، حفلات "ردح" ضد دول عربية، خصوصاً السعودية وقطر، ومنحت "الميكروفونات" لأبواق محلية سورية مستفيدة من النظام، وطابور خامس "مستأجر" من لبنان.
في الحقيقة، لم استغرب ما سيقوله ضيوف القناة السورية، لمعرفتي سلفاً بأنها لن تأتي الا بـ"أبواق" تنعق بما يمليه عليها النظام ممن لا يكترثون بما يجري في المدن والبلدات السورية، من سفك دماء وتعذيب وترويع للنساء والأطفال، ولا يهتمون بكم عدد الضحايا الأبرياء الذين سقطوا على مدى ثمانية أشهر برصاص الجيش و"الشبيحة".
هل ستشهد سورية سيناريو أشبه بما جرى في ليبيا، بعد أن منحت الجامعة العربية بقرارها "مظلة" لتدخل الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لمساعدة السوريين ضد بطش "النظام"؟
قرار الإجماع العربي على تعليق المشاركة السورية، والدعوة إلى سحب الجيش، والتهديد بعقوبات ضد دمشق هي عناصر "فجائية" في الموقف العربي لم يتوقعها أكثر المتفائلين، ما يمكن وصفه بـ "حالة يقظة" تتواكب مع "الربيع العربي".
لكن اعتراض اليمن ولبنان على القرار، وامتناع العراق عن التصويت، لا يعتبر مفاجأة بالنسبة لبعض المحللين.
لماذا؟ لأن علي عبدالله صالح لم يبق أمامه إلا الاعتراض واللف والدوران، خشية "المقص" المقترب من رأسه، خصوصاً بعد أن فشل مرات عدة، قبل أن يفجّر ويأتي إلى الرياض ليتطبب، وبعد أن عاد منها وقد "جمّل" وجهه ويديه، ولم يعد ينتظره إلا الحلاق ليقص رأسه من دون أن يسأله عن "التصفير" لإبعاده عن كرسي الرئاسة الجاثم عليه لأكثر من ثلاثة عقود، من دون أن يعزّز تنمية، أو يهتم ببناء الإنسان، أو يحارب الفقر، أو يكافح البطالة بقدر ما تفرغ للمحسوبيات، وتصفية الحسابات، وتكريس الجهوية والقبلية.
كما لم يكن مستغرباً أيضاً الاعتراض اللبناني على قرار الجامعة في ظل حكومة يديرها "حزب الله" حليف سورية، ويترأسها نجيب ميقاتي المتماشي مع أجندات الحزب. ولكون لبنان كما يصفها هادي بن السيد علي الأمين على صفحته في موقع "تويتر" ليست حكومة، وإنما "محكومة" لبنانية تعمل وفق أجندات "حزب الله"، معتبراً أن الحكومة اللبنانية شريكاً في الفظاعات المرتكبة ضد المواطنين السوريين، ومطالباً في الوقت نفسه بإطلاق حملة لبنانية تدعو إلى طرد السفير السوري من بيروت.
أما بغداد فلم تعد تلك العاصمة العربية التي "تهش أو تنش" كما يقول الإخوة المصريون، بعد أن سيطر على قرارها نوري المالكي وبقية وحلفاء إيران.
الهجوم على السفارتين السعودية والقطرية في دمشق، والعبث بمحتوياتهما وتهشيم نوافذهما وأبوابهما، تصرّف متوقع من "شبيحة" النظام السوري، وليس على الرياض والدوحة والعواصم الخليجية الأخرى إلا المسارعة بطرد سفراء دمشق، على اعتبار أن غالبية دول الخليج سحبت سفراءها في وقت سابق.
حفلة الردح والشتائم والسباب التي أطلقها مندوب سورية في الجامعة العربية تؤكد أن بعض الديبلوماسيين والسياسيين السوريين ليسوا سوى "شبيحة" يجيدون ربط "العنق" وخنق الحقائق. لكن ما يعيب بعض الخليجيين هو الانسياق وراء حملات الردح، واستخدام بعض الكلمات النابية "غير اللائقة" في ذروة الحماسة كما كتب أحد البرلمانيين الكويتيين على صفحته في "تويتر"، خصوصاً وهو نائب إسلامي في مجلس الأمة، وينتظر منه أن يكون قدوة لآخرين، وكان من الأجدر به التمعن في موقف وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم عندما كبر عقله وخلقه، وتجاهل الرد على سفاسف وهرطقات المندوب السوري.
لا شك في أن الشعوب العربية على مدى العقود الماضية ابتليت بزعماء جل تفكيرهم مصالحهم، وترتيب أولويات عائلاتهم، وتسليمهم المناصب على حساب حقوق الشعوب وطموحاتها في المشاركة والبناء.
الأكيد أنه لو لم تتخذ الجامعة العربية هذا القرار "المنتصر" للإرادة الشعبية في سورية وبقية البلدان العربية في هذه المرحلة المفصلية من "الربيع العربي"، فستسقط من أعين الجماهير للأبد، وستبقى بصفة جامعة الحكام العابثة بمتطلبات الشعوب، لكنها بهذا القرار تشجع على التفاؤل، والقول بأنه "لا يزال فيها أمل"!
أعتقد أن الجامعة العربية بقرارها تعليق العضوية السورية في ظل ممارسات نظام الأسد "الوحشية" انتقلت من حالة الصمت ومربع "اللا فعل" إلى دائرة "الفعل"، ويجب عليها أن تستمر في هذا المسلك الإيجابي، الذي يتماشى مع طموحات الشعوب العربية ومطالبها المحقة بالحرية والديموقراطية.
التعليقات
من عاب عنك أصله دلائله فعله
معاوية -ومتى كانت الملوك تنزل لمستوى الديوك؟ فالأمير أمير والحقير حقير وكل يعمل بأصله حتى لو كان بمرتبة وزير.
من عاب عنك أصله دلائله فعله
معاوية -ومتى كانت الملوك تنزل لمستوى الديوك؟ فالأمير أمير والحقير حقير وكل يعمل بأصله حتى لو كان بمرتبة وزير.