قبل أن يتحول تقرير بسيوني إلى «سيرك»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منصور الجمري
يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 هو اليوم الذي نشرت فيه لجنة تقصي الحقائق بقيادة محمود شريف بسيوني تقريرها بشأن ما حدث في البحرين منذ مطلع العام الجاري... وهذه اللجنة أنشأها جلالة الملك في أعقاب انتقادات دولية واسعة لطريقة تعامل السلطات مع المحتجين سواء كان ذلك بالموت تحت التعذيب، أو بالإهانات، أو بتدمير المساجد، أو بإقامة محاكم تفتيش لقطع أرزاق الناس أو تدمير محلات التجار في أماكن محددة، وبعد تضارب الادعاءات بين القيل والقال وادعاء البعض بأن المعارضة تتسلم أوامر من الخارج وأنها قطعت لسان مؤذن، الى آخره من الأقاويل، جاء تشكيل هذه اللجنة.
بالإمكان أن نحتفل بإعلان التقرير بصفته يوماً للانصاف والمواطنة والمساواة والعدالة، لكن هذا سيحتاج إلى أسلوب مختلف في التعامل مع نتائج التقرير؛ فما نشهده حاليّاً يشبه "السيرك" الذي يهدف إلى استراق الأنظار والقيام بحركات بهلوانية أو إبراز شطارة أحد السحرة الذي يخدع المشاهدين بأنه يقطع شخصاً بمنشار ثم بعد ذلك يظهر الشخص المقطوع سليماً ومعافىً، والجمهور يصفق له بعد أن تشهق أنفاسه (الجمهور).
ولكن يجب الانتباه إلى أن تحويل تقرير بسيوني الى ما يشبه السيرك سيأتي بالضرر على أي طرف يقدم على ذلك، سواء كانت الحكومة أو المعارضة... ولعل أهم ما سيخسره من يبدو على هذه الصورة هو رأسماله السياسي... فرأس المال السياسي لأية جهة او شخصية يأتي أساساً من رأي الآخرين عن هذه الشخصية أو الجهة بصورة إيجابية، بمعنى أن الآخرين ينتظرون خيراً ويأملون تصرفاً حكيماً وشجاعة في الإقدام على حل سياسي واتخاذ قرارات أو مبادرات إيجابية. أما في حال تضييع هذه الفرصة؛ فإن أية صورة إيجابية لدى الآخرين عن هذه الجهة أو تلك تنخفض وينخفض معها رأسمالها السياسي، وبعد ذلك لا ينفع هذه الجهة إن قامت بالعمل الصحيح أم لم تقم به في وقت لاحق، لأن الأوان يكون قد فات وانتهت صلاحية الحل.
لدى كثير منا حنين نحو صورة أنموذجية نأمل أن نرى بلادنا عليها، وهذا يعبر عن مدى حبنا وإخلاصنا لوطننا، لكن الحنين لوحده لن ينفع، لأن الحنين يعبر عن مثالية قد لا تتحقق، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن نضيع فرصة تقرير بسيوني، ومن يضيعها (من هذا الجانب أو ذاك)، فإنه لن يفقد رأسماله السياسي فحسب، وإنما أيضاً سيجد أن الكلفة السياسية ترتفع كثيراً فيما لو أراد أن يصحح الوضع مستقبلاً. فرجاؤنا من الجميع، وقبل أن يتحول تقرير بسيوني إلى "سيرك"، أن ينتبهوا إلى مخاطر ذلك