جريدة الجرائد

الحرب الطائفية والنظام الأمني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

طيب تيزيني

كانت التحولات البنيوية التي لحقت بالمجتمعات العربية منذ سبعينيات القرن المنصرم، قد حملت وشم نُظم أمنية تقتات من كل حالة أو ظاهرة تدخل في خانة الفساد والإفساد.

وحيث يكون الأمر كذلك، فإن سادة النظام الأمني العربي يجدون أنفسهم في حِلّ من مهمات مواجهة الشعب، لأن هذا الأخير هو الذي يقوم بمواجهة من يثور عليهم، في هذه الزاوية الخبيثة يكتشف الباحث تلك القوة "الاستثنائية"، التي يحتمي النظام المذكور وراءها، ناهيك عن القوة الأمنية الصريحة التي يوظفها في خدمته بكيفية يضفي عليها "شرعية المؤسسات" المدافعة عن الوطن في وجه "العدو"، هذا ما نواجهه في الأحداث الكارثية، التي تعيشها سوريا الآن وجدير بالاهتمام أن تلك القوة الأمنية تقوم بدورها حيال الطوائف، التي يجيّشها النظام، أما عملية التجييش التي تبرز هنا فتستند على قاعدة حاسمة هي: ضرب الطوائف بعضها ببعض عبر تلفيق تناقضات زائفة ولكن خطيرة. أما الوظيفة الحاسمة التي على عملية التجييش تلك أن تنجزها، فتتحدد في نقل مسرح الصراع من ثنائية "الشعب - النظام" إلى ثنائية "الطائفة هذه- الطائفة تلك".

ولما كانت البنية الديموغرافية للشعب السوري تقوم على التعددية الطائفية والاثنية والقومية والمذهبية والدينية (وهذا ما اعتُبر ثروة وغنى على الصعيد الثقافي في تاريخ الشعب السوري)، فقد وجد مفكرو النظام المذكور أنهم أمام مخزون ضخم لنقل الصراع القائم بينه وبين الشعب إلى صراع بين الطوائف التي يمثل عددها الموزَّع على المجتمع السوري إشارات محتملة لمواقع قوة تخدمه وتعطيه حالات احتياطية من القوة. وفي هذا السياق، كان أولئك المفكرون قد اكتشفوا أن الموقع الأكثر حسماً في صراع طائفي سوري هو ذلك الذي يجب أن يشتعل بين الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها هو من طرف، وبين الطائفة السنية التي تمثل الأكثرية الديموغرافية.

لقد اعتقد مهندسو الصراع الطائفي السوري أنه سيقلب مراكز القوى، إذا نجح. لمَ لا؟ فبدلاً من تلاحم القوى السورية التي تعاني من الفقر والإفقار والإذلال والفساد والإفساد، ضد النظام الذي أنتج مظاهر البؤس هذه على امتداد أكثر من أربعين عاماً، يجب خلق جبهات بين السنيين والعلويين والمسيحيين والدروز وغيرهم، مع التركيز على تخويف العلويين من السنيين، وجعلهم يعتقدون أن من يحميهم أنما هو النظام ذاته. وعلى هذا الطريق، تشتعل سوريا بصراعات طائفية تفتح الأبواب أمام "الأخيار" في أوروبا وأميركا وروسيا، لتكوين "سايكس - بيكو" جديدة.

لكن على العكس من ذلك، يكتشف الشعب السوري، بكل مكوناته، أنه قوي حقاً بقدر ما يمثل حالة من الوحدة الوطنية يكون أفراد كل تلك المكونات فيها مواطنين سوريين لهم حقوق وعليهم واجبات لا ينسل منها أحد. والأمر ذو الأهمية التاريخية والراهنة القصوى يقوم على أن سوريا لم تعرف من الصراعات الطائفية إلا ما حاول أعداؤها في الداخل والخارج إقحامها فيها. ومعروف أن رموز الطوائف الوطنيين كانوا دائماً يؤكدون على الوحدة السورية ضمن مجتمع مدني وطني حر. وهذا ما أكد عليه أمثال صالح العلي وإبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش وفارس الخوري وآخرون كثيرون.

الصراعات الطائفية هي طريق معبّد لتفتيت المجتمع السوري أولاً، ولفتح الأبواب أمام التدخل الخارجي ثانياً، وللإطاحة بحلم الوحدة القومية ثالثاً، وهذا هو ما يجسد فكرة فوكوياما في إخراج سوريا والعالم العربي برمته من التاريخ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الديمقراطية نقيض الطائفية
محمد الحاج علي -

أتعجب ونحن في عصر التحولات الكبرى وعصر الوعي والحداثة والديمقراطية كيف يستطيع نظام مافيوزي أن يخدع العالم أو بعضا منه بإكذوبة الطائفية. أنا سوري والله ما عرفت طائفتي إلا بعد بلوغي عمر 22 سنة، ففي سورية الشعب الراقي الحضاري، يوجد ناس متطرفين جهلاء طائفييين، نعم ولكن ليسوا هم من يقرر مصير سورية قطعا. أما النظام المافيوزي فعندما يتحدث عن بعبع الطائفية فهذا يعني أنه في 50 سنة من الكذب والتبجح لم يستطيع تخليص البلد من هذا المرض، بل هو من كان يثير هذه النعرة والشعب بوعيه وحسن تدبيره يتعالى عنها كان ومازل. ثم بماذا تطالب الثورة اليوم؟ نطالب بالرحية بالدولة المدنية بالديمقراطية بالعدالة بالمساوة بحقوق المواطنة دون أي تمييز لا عرقي ولا ديني نطالب باحترام كافة حقوق الإنسان لكل فرد وكل جماعة كثرت أم قلت تعيش في سورية فأين الطائفية، بل هذا هو قبر بقايا الطائفية والطائفيين وإلى الأبد إن نجاح الديمقراطية يعني موت الطائفية عشتم وعاشت سورية.

دجاجه خفرت على رأسها عفرت
عبدالله العثامنه -

الفتنه الطائفيه بكامل عناصرها مستبعده ولا وجود لها ولا يمكن ان تتحقق لسبب بسيط وهو ان معظم الشعب السوري من الطائفه السنيه الكريمه وبقية الطوائف لا تزيد عن اربعه بالمئه لكل منها وهم جميعا لا يشكلون 11% من تعداد السكان هذا من ناحيه ومن ناحيه ثانيه اذا اصر النظام على اشعالها فأنه سيكون اول من يكتوي بها لماذا؟؟ لأن الكثير من اركان النظام هم من الطائفه السنيه اي ان النظام سينقل الفتنه من الشارع الى المؤسسات والدوائر الحكوميه والوزارات ووحدات وكتائب وفرق الجيش السوري يعني بمعنى اخر ستحرق هذه الفتنه اقدام ممن يشعلها كما يقول المثل دجاجه حفرت على رأسها عفرت.... وبذلك سيتحول كل سني موالي للنظام ومدافع عنه الى النقيض وبذلك يسقط النظام في اسرع وقت .

دجاجه خفرت على رأسها عفرت
عبدالله العثامنه -

الفتنه الطائفيه بكامل عناصرها مستبعده ولا وجود لها ولا يمكن ان تتحقق لسبب بسيط وهو ان معظم الشعب السوري من الطائفه السنيه الكريمه وبقية الطوائف لا تزيد عن اربعه بالمئه لكل منها وهم جميعا لا يشكلون 11% من تعداد السكان هذا من ناحيه ومن ناحيه ثانيه اذا اصر النظام على اشعالها فأنه سيكون اول من يكتوي بها لماذا؟؟ لأن الكثير من اركان النظام هم من الطائفه السنيه اي ان النظام سينقل الفتنه من الشارع الى المؤسسات والدوائر الحكوميه والوزارات ووحدات وكتائب وفرق الجيش السوري يعني بمعنى اخر ستحرق هذه الفتنه اقدام ممن يشعلها كما يقول المثل دجاجه حفرت على رأسها عفرت.... وبذلك سيتحول كل سني موالي للنظام ومدافع عنه الى النقيض وبذلك يسقط النظام في اسرع وقت .

كلام ضعيف
علي -

أثبت أهل الفكر العربي ومنهم طيب تيزيني أنهم ليسوا على مقدرة في تحليل الوضع العربي الثقافي والإجتماعي والفكري..أغلب مقلات طيب تيزيني خاضعة لتحليلات وهمية وتصورات غريبة وآمال كبيرة..الإنسان العربي ليس له القدرة على مواجهة أزماته وخاصة المفكر العربي..فمثلا هنا لا يتكلم عن الشارع الأصولي السني ولماذا لا يسأل نفسه أن أغلبية الشارع يتبع شخص مثل العرعور ويترك أمثاله من اهل الفكر وخاصة لدى شارع يقول أنه يتطلع للحرية والمستقبل؟

طيب
suri -

كلام فاضي

طيب
suri -

كلام فاضي