جريدة الجرائد

ماذا ستخلف أزمة أوروبا الجديدة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد سليمان العنق

رفض لندن التوقيع على تعديلات معاهدة دول الاتحاد الأوروبي مع أربع دول أخرى ليس بالحدث العابر فرغم أن التعديلات الجديدة تهدف لخفض العجز بميزانيات دول الاتحاد مما سيسهم بحل أزمة ديون أوروبا السيادية على المدى المتوسط والبعيد إلا أنه اصطدم بواقع أوروبا السياسي غير المعلن وهو عدم انسجام غالبية الدول في طريقة بناء القرار الأوروبي الموحد بالشأن الاقتصادي وخصوصا السياسة المالية لكل دولة، فحالة الاسترخاء السابقة ومنذ إطلاق العملة الموحدة اتجاه مراقبة التزام الدول الأعضاء فيها بشكل رئيسي كانت السبب وراء استفاقة العالم على صدمة أزمة الديون السيادية التي بات إيجاد حل لها من أكبر العقبات التي تواجه الاقتصاد العالمي المريض.

فبريطانيا لا تريد أن تدخل في سياق حلول ترى أنها ستعود عليها بأضرار بالغة تضرب خططها نحو التعافي الاقتصادي ففرض ضرائب على المعاملات المالية سيخفض موارد ميزانيتها ويضعف دور سوق لندن المالي كأحد أكبر أسواق المال العالمية أن أزمة أوروبا اليوم في صميم هيكلها السياسي وليس الجغرافي الذي فرض على دول أوروبا حالة الاتحاد والأزمة اليوم تظهر بأن أوروبا بالرغم من كل التقدم بحالة الاندماج الطموحة التي كانت هدف عمل عليه الأوربيون قرابة ستين عاماً لكن الواقع يقول إن القارة العجوز ما زالت تعيش مطبات سياسة ما قبل بناء الاتحاد الذي كان هدفه إنهاء حالة الحروب التي كانت تعيشها أوروبا والتي كانت ذروتها الحرب العالمية الثانية فتعدد الأيديولوجيات والتوجهات الفكرية السياسية التي كانت تؤجج الحروب باقية في العقل الأوروبي وإن كان ذلك بمفهوم وآليات عمل مختلفة.

فالخلاف الاقتصادي في داخل أوروبا بلغ ذروته برفض بعض الدول التوقيع على المعاهدة الجديدة مما يعني أن الدول السبع عشرة التي تنضوي تحت لواء اليورو ستصبح إطاراً اقتصادياً ضيقاً بعيداً عن الدائرة الأوروبية الكبرى التي تشمل سبع وعشرين دولة كل ذلك يحدث بهدف التمسك بسيادة القرار الداخلي لكل دولة لم تنضم لليورو.

أوروبا منقسمة على الأقل في دولها الرئيسية حول كيفية الخروج من مأزقها المركبة والحل سيبقى سياسياً نابعاً من مدى قناعة الدول الأوروبية بأن ما يجمعها ليس الجغرافية فقط بل مصالح كبرى تذوب أمامها الاعتدادات السيادية لصالح أكبر تكتل اقتصادي في العالم والذي إذا لم يتم تدارك مخاطر الاختلافات على بقائه بإطاره الحالي قد يعني بداية فكرة لوجود كتلة أوروبية جديدة بإطار واتفاق اقتصادي يختلف عن تكتل دول اليورو فالعديد من دول أوروبا الكبرى ما زالت خارج إطار الاتحاد الكبير كتركيا وروسيا والسنوات القادمة ستكون حبلى بالمتغيرات التي ستكشف لنا من هي التحالفات العالمية الجديدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف