جريدة الجرائد

ثلاثة تحديات تواجهها الحكومة المصرية الجديدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد السيد

بينما توجه ملايين المصريين إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في أول مرحلة من ثلاث مراحل للانتخابات البرلمانية التاريخية، كان من الواضح أن عهداً جديداً قد بزغ فجره. للمرة الأولى منذ ستة عقود، أدلى المصريون بأصواتهم بحرية في انتخابات ديمقراطية.

بغض النظر عن بعض الحالات الشاذة البسيطة التي شوهت العملية الانتخابية والتي يمكن توقعها في ديمقراطية ناشئة، فإن الحضور غير المسبوق وضع نهاية لفكرة أن المصريين غير مستعدين بعدُ لنظام ديمقراطي.

أدت النتائج النهائية للمرحلة الأولى للانتخابات إلى فوز غالبية لصالح الأحزاب السياسية الإسلامية، وبالدرجة الأولى الإخوان المسلمين، التابعين إلى حزب الحرية والعدالة، إضافة إلى حزب النور السلفي. وهكذا وللمرة الأولى في تاريخهم ستحصل الأحزاب السياسية الإسلامية على ورقة اختبار لقدرتهم على الحكم في دولة متنوعة مثل مصر.

ستواجه الأحزاب السياسية الإسلامية التي ستكون لها على الأرجح اليد العليا في صوغ دستور جديد وحكم جديد، ثلاثة تحديات رئيسية: إعادة بناء مؤسسات الدولة غير الفاعلة ووضع الاقتصاد على الطريق الصحيح ومحاولة إضعاف سيطرة الجيش على الدولة.

يجب على المهمة الصعبة المتمثلة بالتوصل إلى توافق بشأن دستور تقبل به جميع القوى السياسية والاجتماعية أن تتم صياغته من خلال الإجماع، مع الأخذ في الاعتبار تنوع المجتمع المصري، هل يجب أن تحاول الأحزاب السياسية الإسلامية صياغة دستور بحسب مبادئ الشريعة؟

ستطرح الأقلية القبطية، التي تشكّل نحو 10 في المئة من مجمل السكان، والأحزاب العلمانية صوتاً معارضاً قويّاً.هذا الإجماع أساسي لوحدة الدولة واستقرارها. وإذا لم يتم تمثيل أصوات المجتمع المتنوع؛ فمن المحتمل أن يمتلئ ميدان التحرير مرة أخرى بالمعارضين والمحتجين، بمن فيهم الشباب والليبراليون والأقباط.

عندما توجه ملايين المصريين إلى ميدان التحرير، الذي أصبح اليوم رمزاً، وغيره من المواقع في محافظات كثيرة، أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني، كان شعارهم الرئيس "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية". وبعد تسعة شهور من إسقاط نظام الرئيس مبارك، يستمر الشعب باحتلال ميدان التحرير لأنهم لا يشعرون بأن هذه الاحتياجات الحاسمة قد تم تحقيقها.

قادت الحركات السياسية الإسلامية أعمال الخير لعقود كثيرة، وهي تساعد الفقراء على البقاء في دولة تفتقر إلى العدالة الاجتماعية، وخاصة خلال العقدين الماضيين، وربما يكون توفير الطعام والأموال للأقل حظاً من الشعب قد ساهم في تحقيق نصر انتخابي كاسح. لكن ذلك لن يكفي بحد ذاته.

يجب أن تكون سياسة مكرسة تهدف إلى إخراج نحو 30 في المئة من السكان إلى ما فوق خط الفقر الاهتمام الرئيسي لأية حكومة. يمكن للتمويل المتناهي الصغر للمجتمعات الأقل حظاً، وخاصة في مصر العليا حيث يستفحل الفقر، إضافة إلى توفير قروض ميسرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن تشكّل بداية جيدة.

وفي الوقت الذي تنخفض فيه معدلات النمو (وصلت إلى أقل من 2 في المئة في العامين 2010 و2011)، ستبقى عملية رعاية دولة موجهة نحو النمو وتشجع الاستثمارات الأجنبية والتصنيع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تشكل التحديات الرئيسة التي تواجهها أية حكومة.

وإذا وجدت الأحزاب السياسية الإسلامية نفسها تدير دفة حكومة جديدة؛ فمن الحكمة القول بوضوح أن الدين سيكون قضية شخصية، وأنها، أي الأحزاب تعارض محاولة فرض أسلوب حياة معين. وهذا سيعني، على سبيل المثال أن مصر ستستمر بالترحيب بالسياح بغض النظر عن أسلوب حياتهم المختلف. لا تستطيع دولة تعاني من نسبة بطالة تصل إلى 12 في المئة أن تتحمل إفشال صناعة السياحة فيها، والتي شكلت حتى بداية الثورة واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، حيث وفرت ما يزيد على ستة ملايين فرصة عمل.

ولكن ربما يكون التحدي الأصعب المقبل بالنسبة إلى الحكومة والبرلمان المقبلين هو التفاوض على دور الجيش المهيمن في مصر ما بعد الثورة. يسيطر ضباط الجيش حالياً على 10 إلى 20 في المئة من الاقتصاد، وهو وضع غير طبيعي في دولة تسعى إلى بناء اقتصاد راسخ تنافسي.

في نهاية المطاف، وحتى يتسنى لمصر تحقيق ديمقراطية كاملة، يجب على الحكومة المنتخبة أن تسعى إلى الحد من دور الجيش بالتدريج، ومن ثم تحييده في السياسة وكذلك في الاقتصاد. لن يكون تحقيق تحول في الوضع الحالي ممكناً من دون دعم شعبي قوي، وهنا تكمن أهمية استغلال قوة الاندفاع الحالية التي تجمعت في ميدان التحرير، تنادي بنهاية لستة عقود من الحكم العسكري.

وحتى يتسنى لها النجاح يجب على أية حكومة جديدة أن تتعامل بجدية مع الظلم الذي أطلق الثورة ضد نظام مبارك. ومتى يحصل ذلك، سيجب على الحكومة الجديدة تملق الجيش نحو تسليم سلطاته إلى القيادة المدنية، حتى تستطيع مصر البدء بتمهيد السبيل نحو التغيير الإيجابي بجدية وإخلاص

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف