الانسحاب الأمريكي من العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح عبدالرحمن المانع
اقتربت ساعة خروج القوات الأمريكية من العراق بعد أن غزتها قبل ثماني سنوات بدعوى منع العراق من امتلاك أسلحة دمار شامل، وسيغادر ما يقرب من ستة آلاف جندي أمريكي بنهاية الحادي والثلاثين من ديسمبر بلاد الرافدين، بعد أن وصل عددهم في فترة من الفترات إلى مائة وسبعين ألفا.
والحقيقة أننا لسنا بصدد وضع حساب للمغانم والخسائر من الحرب، ولكن المعاناة الإنسانية فيها فاقت كل تصور. وتتراوح إحصاءات القتلى المدنيين العراقيين خلال التسع سنوات من 114 ألفا حسب بعض الإحصاءات، إلى ما يفوق المليون ومائتي ألف حسب إحصاءات أخرى. كما وصل عدد الجرحى إلى ثلاثين ألفا حسب بعض التقارير. وشرد قرابة 7.7 % من سكان العراق (مليوني شخص)، خارج حدود بلادهم، كما شرد 1.2 مليون منهم من قراهم ومدنهم إلى قرى ومدن أخرى داخل العراق نفسها. ولا نعلم التكلفة الإجمالية للحرب على الشعب العراقي وطرقه ومدارسه وبنيته التحتية، ولكن تكلفتها على دافعي الضرائب الأمريكيين بلغت أكثر من ثلاثة تريليونات دولار عام 2008م، أو ما يقرب من 15 بليون دولار شهريا.
وحرم جيل كامل من أطفال العراق من فرص التعليم الحقيقية، بعد أن كان العراق يعد واحدا من أبرز الدول العربية في انتشار التعليم وجودته. وشرد حوالي 800 ألف طفل عراقي من بيوتهم، وهذه الإحصاءات إحصاءات أمريكية وكندية وليست إحصاءات عراقية.
ويتساءل المرء، ما الذي حمل الولايات المتحدة على الانسحاب؟ وهل هو بفعل أعمال المقاومة العراقية، أم بسبب التكلفة العالية للحرب والإنهاك الاقتصادي الذي صاحبها؟ وبالرغم من أن هناك بعض المحافظين المتطرفين الذين يعارضون هذا الانسحاب، فإن 78 % من الشعب الأمريكي، حسب استطلاع أجرته الواشنطن بوست في منتصف شهر نوفمبر الماضي، ذكروا بأنهم يؤيدون الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من هذا البلد.
وتترك الولايات المتحدة العراق وهو يحكم من قبل نخبة سياسية مفككة، وأحزاب وشخصيات لا تثق ببعضها البعض، وبالتالي لا تستطيع التعاون لحل مشكلاتها الوطنية. وما يحتاجه العراق هو لفتة عربية حقيقية، فمؤتمر القمة العربي الذي كان من المقرر عقده في الربيع الماضي، بات مؤجلا لعامين قادمين. وهناك ضرورة للتواصل العربي والخليجي بشكل خاص مع الشعب العراقي، فهو امتداد للشعوب العربية في الخليج، وهم بحاجة إلى دعم إنساني في المجالات الصحية والتعليمية والثقافية.