جريدة الجرائد

رأي الأسد في الاحتجاجات المصرية والتونسية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عادل الطريفي

في حوار جريء للغاية، أجراه الرئيس السوري بشار الأسد مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية (31 يناير)، تحدث الأسد بصراحة عن سلسلة المظاهرات والاحتجاجات التي تعم عددا من البلدان العربية، قائلا: "إذا لم تكن ترى الحاجة للإصلاح قبل ما جرى في مصر وتونس، فقد فاتك الوقت أن تقوم بأية إصلاحات".

كلام مهم، ودقيق، من رئيس دولة عربية في وقت حساس للغاية حيث صمتت أغلب النظم العربية فيه عن التعليق. ولعل المتابع لمسيرة الرئيس الأسد أن يسأل: لماذا اختار الرئيس السوري أن يعلق في هذا الظرف بالذات على محاولات تغيير النظام السياسي في بلدين عربيين؟ وما هي طبيعة الإصلاح أو التغيير الذي يعد فيه سورية والسوريين في المرحلة المقبلة؟

لقد تحدث الرئيس بشار مطولا - خلال الحوار - عن رؤيته لعالم السياسة العربية الداخلي. أي: أنظمة الحكم، والمشروعية الشعبية، والإصلاح، والتطرف الديني، وانتهى بوصف الطريق الصحيح - حسب وجهة نظره - لتحقيق الديمقراطية في سورية. يمكن القول إن الحوار تكمن أهميته في أن الرئيس السوري تحدث - ربما لأول مرة - عن مستقبل النظام السوري بالنظر إلى الداخل السوري، وقد انتهى إلى خلاصات بليغة تشبه إلى حد بعيد ما يرد في كتب مثل "المقدمة" لابن خلدون، أو "الأمير" لميكافيللي. ففي معرض حديثه عن الأحداث الأخيرة، يقول: "كلما كان لديك انتفاضة، فمن البديهي أن يقال أن لديك غضب، ولكن هذا الغضب يتغذى على اليأس. اليأس مبني على عاملين: داخلي وخارجي... أما الداخلي، فاللوم يقع علينا نحن كدول ومسؤولين... إذا كنت ترغب في الحديث عن التغييرات داخليا، يجب أن يكون هناك نوع مختلف من التغييرات: السياسية والاقتصادية والإدارية. هذه هي التغييرات التي نحتاج إليها".

في رأي الرئيس الأسد أن سورية محصنة ضد ما حدث في مصر وتونس، حيث يقول: "لماذا سورية مستقرة، على الرغم من أن لدينا ظروفا أكثر صعوبة؟ وقد دعمت مصر ماليا من قبل الولايات المتحدة، بينما نحن تحت الحصار من قبل معظم دول العالم. لدينا نمو على الرغم من أننا لا نملك العديد من الاحتياجات الأساسية للشعب. وبالرغم من كل ذلك، فإن الناس لا يذهبون إلى انتفاضة. إذا المسألة لا تتعلق بالاحتياجات، أو الإصلاحات فقط. المسألة تتعلق بالأيديولوجيا، أي تلك المعتقدات والقضية التي لديك. هناك فرق بين امتلاك قضية والوقوع في الفراغ".

ملخص كلام الرئيس - المطول - هو أن ما تعرضت له مصر وتونس هو نتاج "اليأس"، وانعدام "الأمل" و"الكرامة"، مضيفا أن: "عليك أن تكون مرتبطا بشكل وثيق جدا بمعتقدات الناس. وهذه هي القضية الأساسية. عندما يكون هناك اختلاف بين سياستك ومعتقدات الشعب ومصالحه، سيكون لديك هذا الفراغ الذي يخلق اضطرابات. لذا الناس لا يعتاشون على المصالح فقط، بل يعتاشون على المعتقدات - أيضا -، لا سيما في المناطق المؤدلجة للغاية. إذا كنت لا تفهم الجانب الأيديولوجي للمنطقة، لا يمكنك فهم ما يحدث".

أما الحل الذي يطرحه، فهو ليس التطبيق الفوري للديمقراطية لأن الشعب بحاجة إلى تطوير، وربما وصل "الجيل القادم" إلى الممارسة الديمقراطية مستقبلا، ولكن ما ينبغي القيام به هو الإصلاح التدريجي بتطوير المجتمع مع مراعاة إشراكه في القرار، "إذا كنت تريد أن تكون شفافا مع شعبك، لا تقم بأي عمل تجميلي، سواء من أجل خداع الناس أو للحصول على بعض التصفيق من الغرب. إذا كانوا يريدون انتقادك، فاسمح لهم بالانتقاد ولا تقلق".

أجدني أتفق مع الرئيس السوري في أن التطبيق الفوري لمبدأ صندوق الاقتراع في مجتمعات لم تصبح القيم الديمقراطية جزءا من وعيها لا يحقق النتائج المطلوبة، كما أن الإصلاح يجب أن يكون متدرجا كي يتمكن الشعب من مجاراة التغيير. كلام جميل على المستوى النظري، ولكن العبرة في التطبيق على الأرض!

الرئيس أيضا محق، حينما يشير إلى أن بلدان مثل مصر وتونس حققتا نموا اقتصاديا، وقطعتا أشواطا في الانفتاح على العالم الخارجي، ومع هذا حدثت فيهما انتفاضات، ولكننا نختلف مع الرئيس في كون "الأيديولوجيا" - البعثية هنا - أو "القضية" - منهج المقاومة - هما الضمانة تجاه عدم حدوث الفراغ الداخلي. زمن الأيديولوجيا العابرة للحدود ولى، والإنسان اليوم لم يعد فردا متماهيا في الشعب، بل له استقلاليته وحريته الخاصة. استخدام النظام للــ"القضية"، سواء كانت تحرير الجولان، أو فلسطين، ليست ضمانة أمام المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية. ولعلنا نتذكر هنا نظام "ولاية الفقيه" في إيران، والذي أشار إليه الرئيس باعتباره نموذجا للإرادة الشعبية، فهو بالرغم من تبنيه للمقاومة والوقوف في وجه الغرب، خرجت عليه مظاهرات شبابية عارمة تطالب بتغيير النظام في 1996، و1999، و2003، و2009 قمعت كلها باستخدام القوة. خلال الانتخابات الإيرانية الأخيرة، خرج الملايين للاعتراض على ما اعتبروه تزويرا للانتخابات، فكيف تعامل النظام "المقاوم" مع الشعب؟ لقد سحقت عصابات "الباسيج" عظام المئات في شوارع طهران، واضطر الحرس الثوري إلى فرض إعادة نجاد بالقوة حماية للنظام، ودفع بشباب المعارضة إلى محاكم الثورة.

وأخيرا، فإن هؤلاء الشباب الذين يقومون بالمظاهرات اليوم لا يقومون بذلك من أجل "القضية"، أو "الأيديولوجيا"، بل لأنهم ينشدون تغيير أحوالهم التعيسة. ولعل من المقلق أنهم في الوقت ذاته لا يملكون تصورا للبديل القادم. كما أن تحركهم تقوده العاطفة والحماسة، ولذا فإن مستقبل تطلعاتهم ليس مضمونا، إذ ما أن يعود أولئك الشباب إلى بيوتهم حتى تتحرك الأحزاب الممنوعة إلى الاستئثار بالفرص السانحة، وركوب موجة التغيير.

كل ما يأمله المراقب أن تبادر الحكومات إلى استيعاب الدروس، وأن تعمل على تجنيب مجتمعاتها من مزالق المرور بتلك المحنة المؤلمة.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
و اخيرا كاتب محترم
عادل -

هذا ما اسميه كاتب و صحفي مهني, انصف و انتقد الرئيس بشكل لا غبار عليه بعيدا عن اي تعصب او انحياز ( و ما اكثرهم في هذه الايام)يا سيد عادل بارك الله فيك نحن بأمس الحاجة لصحفيين مثلك في هذا الزمن الرديء لينوروا العقول بدلا عن غسلها. يا ايلاف شكرا جزيلا

Free Syria
Free Man -

1-طريقه بسيطه وسهله ومضمونه لدخول اى موقع محجوب:ممكن حضراتكم تكتبوا فى جوجل ; وتدخل على اول نتيجة بحث او ادخل مباشرة على...حتلاقوا على الشمال مربع كبير مكتوب عليه Download دوس عليه وحمل البرنامج وسطبه راح تلاقى نفسك بتدخل على اى سايت فى العالم ... طيب الفكره فى ايه؟ الفكره ان اى IP من سوريا ممنوع انه يدخل المواقع هاد .. البرنامج بقى بيخلى الـ IP الذي عندك كإنو من امريكا مو من سوريا...وبالتالى كإنك بالظبط قاعد فى امريكا يعنى تدخل اى موقع ... وصلت الفكرة؟؟ (-;2-فك شفرة الفيس بوك: مشان تفتح الفيس بوك اكتب فى مكان العنوان 69.63.189 هالرابط بيفتح الفيس بوك.أنشروها يا شباب مشان نعرف نتواصل ونعرف الأخبار...خذوها كوبي واحفظوه،أتمنى أن تجربوه وأن توزعوه للأصدقاد رجاءاً..وشكراً.أخوكم الكردي السوري.وسوريا حرة والأسد وعصابتوا لبرا..والسلام.

جميل
مغترب سوري -

كلام جميل و موضوعي يا سيد عادل

اوهام
نزيه -

مثل الاسد في نظامه القمعي مثل العديد من انظمة الاستبداد والقهر ويصلح ان يكون عنوانا براقا لنظام شمولي سيطر بالرصاص على شعبه ابتداءا من الحسكة ومرورا بمطاليب حمص ودمشق،سيدي نرى لزاما على مثقفي او اشباه المثقفين في العالم العربي ان يكونوا احرارا في تسطير الاسطر وجر الاقلام للكتابه بحرية فهل ولدتهم امهاتهم اراذل للسلطة كي يكتبوا تملقا وتزويقا لها

سؤال للكاتب
shams -

سؤال لكاتب المقال ، من هو سبب تعاسة احوال هؤلاء الشباب ؟ .

الحكام
وهم -

كلام الرئيس بشار الاسد مردود علية و هو نوع من النفاق السياسي الهدف منه الظهور بمظهر من له حكمة وفكر وقيادة ناجحة بحسب مفهوم انا اعرف كيف اعامل السورين وهم شعب قاصر يحتاج لأجيال ليفهموا الديموقراطية وكلامه فيه نوع من الشماته بغيره من الحكام الذين اعطوا شعبهم قدر من الحرية وكانه يقول لهم هذه نتيجة عدم فهمكم للشعب و هو العارف ان البقاء في الحكم في سوريا لم ولن يكون بسبب حب الناس له ولانجازاته بقدر خوفهم من ايحائه بان يختاروا بينه وبين الفوضى والانهيار وكان الشعب وامنه رهينة وجوده في الحكم

tarif
3robi -

..........

مسيحي مسلم
باخوس -

على بشار الاسد ان يرحل. 40 عاما من حكم بيت الاسد اقسم بالله عيب على الشعب السوري

الراي البناء
محمد يوسف -

رؤية متقدمة فكريا لكاتب بناء لكم بحاجة الى اراء بناءة في زمن يصعب على الشباب العربي التمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل ايضا في زمن غاب عنه الوعي الفكري ( نظرا لغياب الاطلاع والقراءة)

غلط شنيع
ابو عريب -

المشكله ان الكتاب لايقراون التاريخ ياسيدي سوريا كان فيها ديمقراطيه بالخمسينات واوائل الستينات حتى في زمن الانقلابات والدستور يضمن الحريه للجميع ولكن كان هناك ضعف في نفسية كبار ضباط الجيش الذين كانوا ينقلبون على النظام...الممارسه الديمقراطيه ليست شئ صعب التطبيق وهذا الفكر البعثي الذي يعتبر نفسا وصيا على الشعب صار مرفوض فنحن نتحث عن فكر نمى وترعرع عندما كان اكثر السوريين اميين اما عندما يوكون نسيه الحاصلين على الثانويه العامه تمثل معظم ابناء الشعب ومع وجود الاتصالات والاعلام فان الاطفال صاروا يفهمون. المشكله الحقيقيه هي توجس العربي من صوته الحر لان الاحرار هم القادرين على التغيير. اما قراءة رئيسنا غير الشرعي فهي قرائه مخجله لشخص متعلم يعتبر نفسه ببساطه انه افلح بالكذب على السوريين في حين فشل الاخرون