جريدة الجرائد

أنا لستُ الخمَيني

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد عبدالله محمد

قِيل ما قِيل عما جَرى في تونس ومِصر. لكن الأهم في ذلك القِيل والقال هو تضمّنهما الفرق ما بين (إسلامية) الشَّارِعَين التونسي والمصري. ثم الفرق ما بين موقف أحزاب البَلَدَين من الإسلاميين في أتون أزمتيهِما السياسية. في الحالة التونسية لم يَكن أقصى تمثل للحضور الديني أثناء التغيير وبَعدَه القريب سوى إقامة طقوس عامّة كرفع الأذان وإقامة الصلاة جمعاً وأداء صلاة الغائب. في الحالة المصرية فقد سمِعنا البعض يُخاطب المتظاهرين جهاراً بالقول "يا أحفاد عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وعبد الله بن حذافة، احمدوا ربكم أن وفّقكم الله أن نزع الخوف من قلوبكم، لا تجعلوا رايتكم شرقية ولا غربية لكن اجعلوها إسلامية".

فيما خصّ الأحزاب فإن أقصى بروز لها في تونس كان في حضور 10 آلاف مُؤيّد لحركة النهضة الإسلامية لقاعة المطار لاستقبال زعيم الحركة الشيخ راشد الغنّوشي. وعندما خَرَجَ الأخير هتفت الجُموع بشعار "الله أكبر". ثم ثبت القول بأن ايديولوجية النهضة هي متماثلة مع أفكار حزب العدالة والتنمية في تركيا الملتزم بالديمقراطية. قال أحد النهضويين "لا نريد دولة إسلامية، نريد دولة ديمقراطية". ثم قال الغنوشي "الإسلام ليس مُلكاً لحركة النهضة، نقول للشعب واصل ثورتك وحافظ عليها وترجمها إلى عدل وإحسان ترجمها إلى ديمقراطية وتوافق، لا يمكن للتنمية أن تحدث إلا بعدل وديمقراطية". عاد الغنوشي لكنه قال "أنا لست الخميني".

في الحالة المصرية قال المرشد العام للإخوان المسلمين، محمد بديع "إن البشرية اليوم في أمسِّ الحاجة إلى العدل الذي أقامه الإسلام على الأرض؛ لإسعاد الدنيا، وتصحيح مسار البشر"، مضيفاً في فصل الجهاد وضرورته وأهميته "عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ (رض) أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص) أَفضَلُ الجِهَادِ كَلِمَة عَدلٍ عِندَ سُلطانٍ جَائِرٍ أو أمِيرٍ جَائِرٍ، وإن القيام بهذا الواجب يحتاج إلى إيمانٍ ثابتٍ ويقين راسخ، وتوكل تام على الله عز وجل، والخوف والهيبة منه وحده لا شريك له، والثقة الكاملة بأن الخلق لا يملكون لنا ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورا. أيها الظالمون والمفسدون لن يدفع عنكم غضب الله ما جمعتم من مال ظلما وعدوانًا".

هواجس الأغيار من غير الإسلاميين (التونسيين والمصريين) هي الأخرى بَدَت مختلفة تجاه الأحزاب الإسلامية. في تونس أقصى ما قالته حركة التجديد المعارِضة "إن الحركة ليست ضد النشاط السياسي لحركة النهضة الإسلامية ولمشاركتها في الحياة السياسية (التونسية) بقدر ما يُنتَظر من الحركة أن تقبل منطق التعايش مع بقيّة الأحزاب السياسية". في مصر كنتُ ألحظ حالة ترقّب من الجميع. السَّواد الأعظم من المتظاهرين كان يقول "إحنا مِش إخوان". حتى طبقات المجتمع وشخوصه كانوا ينأون بأنفسهم عن تلك التسميات. الصحفيون، زعماء الأحزاب، القضاة، بل أحدهم كان يقول إن عشرين في المئة من الشعب المصري هم من الاخوان المسلمين فكيف العمل؟! هذه خطورة على مستقبل مصر!.

هنا يظهر الفارق الجَلِي بين البَلَدَين(الشَّارِعَين)، وكذلك الأحزاب السياسية الدينية فيهما وزعمائها. الأكثر جلاءً بين كلّ ذلك هو موضع الطبقة الوسطى (التي تضم جميع المشارب) من ذلك الحِراك وموقفها منه. والذي يبدو أن تلك الطبقة في تونس بدت أكثر تماسكاً واندماجاً مع المطروح سواء إن كان محافظاً أم غير ذلك رغم أن مثيلتها في مصر كانت أسبق إلى التكوّن. وهنا يُثار السؤال: كيف تنال جماعة الإخوان المسلمين في مصر 88 مقعد في انتخابات 2005 التشريعية (عشرين في المائة من المقاعد) في الوقت الذي لا تزال تُشكّل بُعبعاً للجميع؟. فهل الخلل في الخطاب أم في الممارسة أم في تلقّي المجاميع الشعبية لها؟!


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف