جريدة الجرائد

قيام الوطنية وسقوط الأممية : مصر مثالاً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد عبد اللطيف آل الشيخ

ما جرى في مصر كانت حركة (وطنية) بامتياز، خلت من شعارات المراحل السابقة، لا في الهتافات، ولا في الشعارات المرفوعة، ولا في مطالبات أساطينها الشباب؛ قضيتهم مصر أولاً ومصر أخيراً؛ معاناة أهلها، الفقر، البطالة، طموحات الشباب، الحرية، رغبتهم الحقيقية في تنمية اقتصادية تنقذهم من واقعهم السيئ؛ لم تعد مصر كما كانت في السابق تتبنى قضايا الآخرين، وتشغل نفسها بما وراء الحدود؛ فلا (الأمة العربية) كان لها وجود في الخطاب، ولا (الأمة الإسلامية) كان لها محل في الشعارات؛ ولم يكن العدو الأمريكي، ولا حتى الإسرائيلي، ولا (التغريب)، وخزعبلات الإخوان السابقة، والتي صدروها إلينا، أي حضور.

ليس لدي أدنى شك أن مصر تعيش مرحلة جديدة تختلف في ثقافتها وفي قيمها وفي أطروحاتها عما كان سائداً من قبل في مصر وفي المنطقة في الماضي القريب. الوطنية لا (الأممية) هي الجذوة التي أشعلت التغيير في مصر، وهي التي كانت بمثابة العامل المشترك الذي جمع المصريين بمختلف أطيافهم وطوائفهم تحت العلم طيف واحد في غاية التجانس؛ كانوا يرفضون و(بحزم) أي محاولة لشرذمتهم وتفرقهم، لذلك نبذوا أي شعار حزبي أو فئوي أو طائفي يدعو إلى الفرقة؛ وهذا ما يلاحظه أي مراقب تابع عن كثب هذه الحركة التي تسعى إلى تغيير الواقع المصري.

هذا الاختلاف تجلى بوضوح في سقوط رموز الأمس، أو على الأقل تراجعهم إلى الصفوف الخلفية، وظهور رموز وطنية حقيقية ليس لها علاقة إطلاقاً بالمعارضة (الكرتونية) التي كانت في حقيقتها من صنائع النظام، والتي كانت رموزها تنطلق من منطلقات لا علاقة لها بالإنسان، ولا بتنميته، ولا بهمومه، ولا بما يعانيه من مآسٍ. يكفي أن تعرف أن الشاب المصري وائل غنيم (من مواليد 1980) هو أحد قواد الانتفاضة المصرية المعارضة، وأحد من صنعوا نجاحها عن طريق توظيف الإنترنت في التنظيم واستقطاب المناصرين وشحذ هممهم؛ اعتقله النظام لمدة 12 يوماً، ثم أفرج عنه تحت الضغوط التي توالت من كل حدب وصوب؛ وبمجرد أن أفرج عنه جمعت صفحة (أفوض وائل غنيم للتحدث باسم ثوار مصر) على الفيس بوك حتى صباح الأربعاء، وقت تحرير هذا المقال، أكثر من 148 ألف مؤيد خلال أقل من يوم واحد، ومن المتوقع أن يحقق هذا الرمز السياسي الشاب رقماً قياسياً من المناصرين لم يصله أي زعيم مصري بعد عبد الناصر؛ ما يعني أن وائل غنيم سيكتسح بلا شك كل التنظيمات السياسية التقليدية في مصر بجميع أطيافها من حيث الشعبية. وهو ما يشير من زاوية أخرى إلى تلهف الرأي العام المصري إلى زعيم سياسي جديد يتماهى مع متطلبات المرحلة، ويكون في مقدوره أن يقود الانتفاضة المصرية إلى خلق واقع جديد يتواءم مع طموحات الشباب، وما رفعوه في انتفاضتهم من مطالبات؛ التي هي في الواقع متطلبات الإنسان المصري البسيط، والبعيد عن الأدلجة والأحزاب.

الغريب أن مظاهرة قامت في الأردن لمناصرة الانتفاضة المصرية كانت ترفع شعارات الأمة العربية الخالدة الواحدة، وتدعم ما جرى في مصر من منطلقات محض قومية استوردتها من (التاريخ) القريب؛ وكأن المحتجين المصريين ما قاموا إلا لإعادة أحلام الأمة العربية، ومجدها الغابر، كما في الخطابات الأممية التي لم يعد لها وجود إلا في أحلام ما تبقى من القوميين.

إلى اللقاء.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عين الصواب..
ناصر -

رائع هذا المقال..وأتفق تماماً معك بأننا نشهد نهاية للشعارات العروبية والإسلاموية التي مكنت للاستبداد حتى وإن أدعت معارضته،فمفهوم تلك الحركات الفاشية للحرية ليس أكثر من العداء للآخر والنظر للفرد كوقود لمعارك الأمة!..أما حرية وكرامة الإنسان الفرد فلم يكن يخطر على بال تلك الجماعات والأحزاب...الآن يستعد الإنسان الفرد -في مصر و قبل ذلك في تونس- وجوده، ويطالب بحقوقه كإنسان أولا وبحرية وتقدم وطنه..

أقمار للبيع !!
هشام محمد حماد -

منذ أكتوبر 2008 - لجأ أحد المسلمين إلى الله عز وجل داعياً وسائلاً القصاص لعدم تمكينه من المسؤولين ؛ وأستمروا هُم على تفعيل المزيد والمزيد من الظلومات يومياً وعلى مدار ساعات اليوم الواحد .. والسؤال القائم الآن بعدما أفتضح أمر تلك التمثيلية السخيفة بمصر وغيرها والتي عبارة عن لهو من مسؤولين بالمخابرات ومسؤولين ونسلهُم من الذكور المتخنثين بلا لحية: هل سيقتص الله العزيز الجليل الخالق لهذا المسلم - أم أن شريعة القصاص التي كتبها اللهُ علينا كمسلمين ستظل معلقة بالهواء؟ .. من جانبنا نؤكد أن الله تعالى سيقتص لهذا المسلم طالما كان مظلوماً وفعل ما بإستطاعته ولم يتمكن سوى رفع تلك المظالم إلى الله القوي المتين لإحقاق الحق وسأل اللهُ العدل .. فإذا بأمور تحدث منها إنكشاف لعبة المخابرات : وكانت أخر ورقة للعلمانية بمصر [مثلاً] بعدما تحدوا هذا المسلم لمعرفة شيء محدد إحتفظوا بِهِ بخزانة لديهم يتضمن رقماً معيناً .. فكشف اللهُ تعالى سترهُم لهذا المسلم بأغرب حسبة بالتاريخ وغير مسبوقة [سنفيدكم بإذن الله] .. حيث إتضح إنها مجموعة صفحات [قبل وبعد الصفحة رقم 209] من كتاب (إحياءُ علومُ الدين) [الجزء الثاني] تصنيف الإمام أبي حامد الغزالي ؛ أما الرقم فهو رقم هاتف المكتبة المروجة .... تجدر الإشارة أن ذلك الإنكشاف لمخابرات عدة بلاد معاً ليس هو الفضيحة المقصودة بالمداخلة السابق إرسالها عن [فضيحة فضائح التاريخ الوشيكة ؛ والتي تابعتها عدة أقمار صناعية] .. إنما كان بتاريخ 31/1/2011 المقدمة لما حدث مساء يوم 8/2/2011 : فماذا حدث ؟ .. نقول لكم إن لم يتم تنفيذ أمور محددة قبل نهاية يوم الجمعة غداً .. وهلا نسألهم الرحيل من سدة الحكم - أم إنهم يرغبوا بإعلان تلك الفضيحة التي ربما تتسبب عالمياً بكارثة محددة محيقة .. والنشر حرية وأمانة

qaumiah
maher -

you are afraid if yo hear this word ;arabic nation. I hope you will hear this word every day, every hour, every minute and every second.