جريدة الجرائد

لكي تقود الثورة مصر إلي تغيير حقيقي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أحمد سيد أحمد

شهدت مصر بسقوط النظام السابق علي يد شبابها العظيم لحظة تاريخية فارقة بكل ما تعنيه الكلمة من تحولات جوهرية في بنية المجتمع والسياسة وتسطر لصفحة جديدة تمثل بداية لعصر من الحرية والديمقراطية واستعادة الإرادة المصرية المسلوبة لتقرر مصيرها ومستقبلها بيدهاrlm;.rlm;

دروس كثيرة تعلمها العالم أجمع من أول ثورة حقيقية في تاريخ مصر علي مدي آلاف الأعوام بدت دلالاتها في أنها ثورة شعبية تعكس رغبة وإرادة كل أطياف المجتمع المصري بمسلميه ومسيحييه وشبابه وشيوخه لتؤكد أن المصريين رباط واحد لا يفرقه اختلاف سياسي أو ديني أو فئويrlm;,rlm; وأن روحهم وإرادتهم لم تمت برغم اختطافها لسنوات وسنواتrlm;.rlm; وهي ثورة لم يحركها الخارج كما حدث في الكثير من الثورات في العالم علي نحو ما شاهدناه في الثورات البرتقالية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينيةrlm;,rlm; بل كانت نبتا مصريا خالصا عكس رقي وتحضر المصريين في الاحتجاج السلمي والصمود حتي الانتصارrlm;,rlm; وجسدت روح الوطنية الحقيقية سواء من جانب المتظاهرين أو من جانب قوات الجيش التي انحازت للشعب وساهمت في تهيئة المناخ لنمو واستمرار ثورته حتي النهايةrlm;.rlm;
لكن وحتي نبني عهدا جديدا يعكس تغييرا حقيقيا وشاملا في مصر تسوده الديمقراطية والحرية وحق الشعب وإرادته في اختيار من يحكمه عبر انتخابات نزيهة وحرة وتتكرس التعددية والحرية الحقيقية سواء تعدد الأحزاب وحرية الصحافة والإعلام وحرية الرأي والتغيير وازدهار المجتمع المدني وتحقيق التنمية الشاملة لكل المصريين وحقهم في العيش بحياة كريمةrlm;,rlm; فإن المرحلة الآن تتطلب تكاتف المصريين جميعهم وعلي اختلاف أطيافهم ليبنوا مصر الجديدة سوياrlm;,rlm; وهذا لن يتأتي إلا عبر الحوار الوطني الحقيقي الذي يستهدف عددا من الأمورrlm;:rlm;
أولاrlm;:rlm; دراسة التجربة السابقة بشكل موضوعي وجاد والوقوف علي سلبياتها وعللها الحقيقية لمنع تكرارها في المستقبلrlm;,rlm; فلا شك أن انتشار الفساد واحتكار السلطة ووأد الأحزاب وقوي المجتمع المدني ونشر التعصب والكراهية وإثارة الفتنة بين جناحي الأمةrlm;,rlm; ونخبوية التنمية التي قسمت الشعب إلي فئة قليلة شديدة الثراء وأغلبية كاسحة شديدة الفقرrlm;,rlm; وتكبيل حرية الرأي والتعبيرrlm;,rlm; وصورية المؤسساتrlm;,rlm; كلها كانت البيئة التي أخرجت من رحمها ثورة مصر الحقيقيةrlm;.rlm;
ثانيهاrlm;:rlm; إن تقرير مستقبل مصر لا يكون برؤية فئة واحدة تحتكر القرار وتستأصل معها الرؤي الأخري كما حدث في السابقrlm;,rlm; ولكن عبر رؤية شاملة وتوافقية تعكس كل تصورات فئات المجتمع المصري في بناء ملامح البيت الجديد الذي يجسد القاسم المشترك الأعظم لكل المصريين ويمثل أساسا صوب التقدم والازدهارrlm;.rlm;
ثالثهاrlm;:rlm; إن الثورة لكي تجني ثمارها الحقيقية فمن المهم أن تتحقق الشروط الضرورية والكافيةrlm;,rlm; فالهدف هو إقامة نظام سياسي جديد يرتكز علي المؤسسات الفاعلة والتي تعكس إرادة المواطن وليس إرادة النظام أو توجهات فئة بعينهاrlm;,rlm; وتتمثل في انتخاب مجلس شعب عبر انتخابات نزيهة وحرة وتستهددف تشريعاته المواطنrlm;,rlm; وأن يمارس دوره الرقابي الحقيقي علي السلطة التنفيذية بما يمنع كل أشكال الفسادrlm;,rlm; وأن تكون السلطة التنفيذية بأجنحتها المختلفة سواء مجلس الوزراء أو المحافظين أو المجالس المحلية في خدمة المواطن والارتقاء بهrlm;,rlm; وأن تتكرس استقلالية السلطة القضائية في أداء دورها في تحقيق العدالةrlm;,rlm; وأن يكون هناك إعلام حر يعكس نبض المواطنين وهمومهمrlm;,rlm; وأن تترسخ قوي المجتمع المدني وتقوي الأحزاب للقيام بدورها الحقيقي في التنشئة السياسية وتفريخ قيادات المستقبلrlm;,rlm; وأن يكون هناك جهاز أمني قوي يتصالح مع المواطن ويسهر علي حمايته ويحترم حقوقه ويوفر لهم الأمن والأمانrlm;.rlm;
كل هذا يمثل الشروط الضرورية لكنها ليست كافية حتي تتغير مصر بشكل حقيقي فالمكمل لها هو مسئولية المجتمع وأن يسري التغيير إلي جسد المجتمع وعقول مواطنيه وعلي جميع المستوياتrlm;,rlm; فالديمقراطية في شقها الإجرائي والمؤسساتي ليست كافية بل الأهم هو في شقها القيمي وأن تكون هناك ثورة في العقول وفي طريقة النظر إلي المستقبل وأن نتشرب قيم الحرية والمساواة وتداول السلطة في كل مؤسسات المجتمعrlm;,rlm; ويسود التسامح وإحترام الرأي الآخر دون تخوين أو استئصالrlm;,rlm; وأن نربي مفاهيم إتقان العمل والجودة وتقديس الوقت والحرص علي المصلحة العامة ومواجهة كل صور الفساد والمحسوبيةrlm;,rlm; وأن نعالج مشكلاتنا وخلافاتنا عبر الحوارrlm;,rlm; وأن يساهم الجميع في تحقيق تنمية شاملة عبر شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمعrlm;.rlm;
إن الإعلام والتعليم والخطاب الديني المستنير هو الثالوث الذي يشكل قاطرة التطور في المرحلة المقبلة في إعادة صياغة عقل ووجدان المصريين في ترسيخ قيم الديمقراطية الحقيقية التي تمثل صمام الأمان والضمانة الأساسية لاستمرار عملية البناء والتطور في مصرrlm;,rlm; ولذلك من المهم أن نتجاوز سريعا هذه المرحلة الانتقالية الحساسة في تاريخ مصر وألا يكون التركيز فقط في تصفية الحسابات وممارسة سياسة الانتقام من رموز العهد البائدrlm;,rlm; بل أيضا المهم هو كيف نبني مصر من جديد ووفق أسس صحيحة تضمن التقدم عبر صياغة دستور جديد يعكس إرادة المصريين وطموحاتهم وأبرزها تداول السلطة وإحترام كرامة المواطن وحقه في حياة أفضل علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإلغاء القوانين سيئة السمعة السابقة وتشريع قوانين جديدة تحقق الآمال المرجوةrlm;.rlm; ولا شك أن هناك تحديات كثيرة وخطيرة تواجه مصر ما بعد الثورة لكن الحوار والتوافق والديمقراطية الحقيقية هي الكفيلة بالتغلب عليها ومواجهتهاrlm;,rlm; فاستمرار نفس طريقة التفكير القديمة والعقيمة قد تهدد بتفريغ الثورة من مضمونها وأهدافها الحقيقية وساعتها سيكون التغيير مجرد أشخاص وليس تغييرا في السياسات والتوجهاتrlm;.rlm;
وفي تاريخ ثورات العالم كان الأهم ليس فقط الثورة في ذاتها بل هو ما بعد الثورةrlm;,rlm; كما أن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاهاrlm;,rlm; وينبغي ترتيب أولويات مصر في المرحلة المقبلة علي المدي القصير وهو ضمان الانتقال الآمن والسلس للسلطة من خلال العمل المشترك بين المجلس العسكري الذي يدير أمور البلاد وجميع القوي السياسية الوطنية وفق منهج إعلاء مصلحة مصر العليا فوق كل اعتبار وضمان عدم الارتداد إلي الوراء وتنفيذ كل مطالب الثورة وعلي المدي البعيد توسع الحوار المجتمعي لمناقشة جميع القضايا في إحداث نقلة حقيقية ونوعية تضع مصر في مكانتها اللائقة بها بين الأمم والشعوبrlm;.rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف