جريدة الجرائد

الصحافة البريطانية: أحداث ليبيا تفضح "نفاق" الغرب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن

تغير حظوظ أفريقيا، وأصداء أحداث ليبيا، ودلالات زيارة "كاميرون" لمصر، ومخاوف من حدوث صدمة نفطية... موضوعات نوجزها في قراءة سريعة للصحف البريطانية.

قطار أفريقيا

تحت عنوان "فصل جديد في التاريخ الأفريقي"، أشارت "الجارديان" في افتتاحيتها ليوم السبت الماضي إلى أن هناك قصة واحدة ظلت الأوساط السياسية وأجهزة الإعلام الغربية تتداولها عن أفريقيا في فترة ما بعد الاستقلال، وهي أنها قارة قد عجزت عن إدارة شؤونها، وسقطت فريسة لصراعات القوى السياسية، وللحروب الأهلية، وأن ذلك قد جعل منها موطناً للفقر والجهل والمرض، وفي أمس الحاجة بالتالي للعون الخارجي وخصوصاً من دول الغرب الاستعماري السابق، الذي كان يهرع دائماً -كما تقول القصة- ليمد يد المساعدة للقارة البائسة. هذه الصورة كما تقول الصحيفة راحت تتغير ببطء - دون أن يفطن الغرب - لتحل محلها صورة جديدة تماماً: صورة لأفريقيا ناهضة، متحولة ديمقراطية، تسير باطراد على طريق التقدم، وينمو اقتصادها بنسبة يتوقع أن تفوق 7 في المئة خلال العقدين القادمين، وتُصنف بعض دولها الواقعة جنوب الصحراء باعتبارها من ضمن أسرع الدول نمواً اقتصادياً في العالم، ويتحسن نتيجة لذلك مستوى معيشة سكانها في مجالات التعليم والصحة، والخدمات الأساسية. وترجع الصحيفة هذا التحول الكبير في صورة أفريقيا لارتفاع أسعار المواد الغذائية والثروات المعدنية التي أتاح للعديد من دول القارة مداخيل مالية كبيرة ساعدتها على الانطلاق، وخصوصا بعد اعتمادها سياسات التحرر الاقتصادي والتحول الديمقراطي. وتقول إن الصين والهند كانتا من أوائل الدول التي تنبهت لتغير المشهد معالم الأفريقي، وأن ذلك قد دفعهما للدخول بزخم كبير للقارة من خلال الاستثمارات سعياً للاستفادة من إمكانياتها الكامنة في الوقت الذي تأخر فيه الغرب - وبريطانيا على وجه الخصوص - في إدراك التغير الحاصل، وفي الاستفادة بالتالي من النمو الاقتصادي للقارة، ومن زيادة وارداتها من السلع الاستهلاكية، ويحذر في نهاية مقاله من أن هذه الدول إذا لم تبادر بالقفز في عربات قطار التقدم الأفريقي، الذي بدأ يغادر محطة التخلف، فإنه قد يتركها وراءه للأبد.

نفاق سياسي

وتحت عنوان "اللطخة الليبية على الثوب البريطاني"، يقول "دومنيك لاوسون" في عدد "الإندبندنت" الصادر أول أمس، إنه قد صدم من محتوى خطاب سيف الإسلام القذافي الذي هدد فيه المحتجين الليبيين، بأنهم إذا لم يتوقفوا عن التظاهر والثورة، فإن الأمر قد ينتهي إلى حرب أهلية تحسب فيه أعداد القتلى بالآلاف، وأن مبعث صدمته هو أن نجل الزعيم الليبي كان معروفاً باعتداله وليبراليته بالإضافة إلى تمتعه بتعليم غربي راق بالإضافة لترؤسه للعديد من المؤسسات والمنظمات ذات الطبيعة الإنسانية، ولم يكن متوقعاً منه أبدا هذا الموقف. ولكنه يقول إنه مع صدمته من محتوى خطاب الابن، لم يتفاجأ من الطريقة التي تعامل بها القذافي الأب مع الاحتجاجات، وإن كان أمله قد خاب في ردود الفعل لغربية على تلك الطريقة في التعامل. فتلك الردود في رأيه كانت أقل مما يجب ومتأخرة كثيراً عن اللازم. وهو ما يرجع في اعتقاده لطبيعة العلاقة الملتبسة التي ربطت عدد من الدول الأوروبية بالنظام الليبي خلال الأعوام الأخيرة بسبب تهافت تلك الدول على النفط الليبي، وعلى بيع الأسلحة لنظام القذافي، ويشير في هذا السياق - فيما يتعلق ببريطانيا على وجه الخصوص- إلى العلاقة الوطيدة التي ربطت الزعيم الليبي مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ومن بعده جوردون براون الذي أفرج عن رجل الاستخبارات الليبية المعروف "عبد الباسط المقرحي" المتهم بتفجير طائرة لوكربي مقابل صفقات تجارية ونفطية مغرية. ويقول الكاتب إنه على الرغم من حقيقة أن حكومة "المحافظين" الحالية لم تكن هي من رسخ العلاقات مع نظام العقيد الليبي، إلا أنها مطالبة الآن بالتخلي عن براجماتيتها، وتغليب المبادئ، والاحتجاج بأوضح العبارات على طريقة تعامل القذافي العنيفة للغاية مع تلك الاحتجاجات وأن يكون هذا الموقف من جانبها بداية للتخلص مما يصفه بـ"الوصمة الليبية"، التي علقت بثوب السياسية الخارجية البريطانية.

تقلبات نفطية

وفي افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء، وفي موضوع يتصل بالتطورات في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والتي عنونتها بـ "مخاوف من صدمة نفطية بسبب انفجار الأحداث في ليبيا"، توقعت "الديلي تلغراف" أن الاضطرابات التي تحدث في ليبيا، وفي عدد من دول الشرق الأوسط، تهدد بحدوث صدمة نفطية قد تفوق الصدمة التي تسببت فيها الثورة الإيرانية عام 1979، وأن ذلك يرجع لأن صدمة نهاية السبعينيات كانت ناتجة عن ثورة في دولة واحدة فقط. أما هذه المرة، فإن اندلاع الاضطرابات في ليبيا، يأتي بعد ثورتين في مصر وتونس، واضطرابات في البحرين واليمن والجزائر. وترى الصحيفة أن التطمينات التي ساقها مسؤول سعودي قبيل اجتماع وزراء النفط في الرياض بأنه ليست هناك حاجة ماسة لاتخاذ أجراء من دول منظمة أوبك، لأن الوضع في السوق العالمية لم يصل إلى درجة الخطورة التي تبرر ذلك، لم تكن كافية، خصوصاً وأنه لا أحد تقريباً يعرف ماذا ستؤول إليه تلك التطورات، ولا الوقت الذي ستستغرقه. وتضيف الصحيفة سبباً آخر يجعل من الصدمة النفطية إذا حدثت أقوى من مثيلتها في أواخر السبعينيات، وهي أن الصدمة إذا حدثت ستقع هذه المرة في سياق أزمة مالية واقتصادية لم يفق العالم من تبعاتها حتى الآن، كما أن عدد دول العالم التي تشهد نمواً اقتصادياً متسارعاً وبالذات الصين والهند أكثر بكثير من مثيله إبان الثورة الإيرانية، مما يزيد من حجم الطلب المتوقع على النفط. علاوة على ذلك فإن تلك الاضطرابات أدت إلى تغيير قواعد اللعب بالنسبة للعديد من الشركات العالمية العاملة في مجال التنقيب على النفط في دول المنطقة.

ساق واحدة

وتحت عنوان "رياح التغيير تحمل كاميرون إلى مصر"، كتب "نيكولاس وات" في عدد "الجارديان" الصادر الاثنين الماضي يقول إن الزيارة الخاطفة التي قام بها ديفيد كاميرون لمصر، والتي لم تكن مقرره ضمن زيارته لعدد من دول الشرق الأوسط، كان المقصود بها إعادة التوازن إلى السياسة الخارجية البريطانية، تلك السياسة التي أعلن كاميرون منذ أن جاء إلى 10 دوانينج ستريت أن عنوانها الرئيسي، هو ترويج تجارة بريطانيا مع دول العالم - علما بأن ذلك كان يعني في كثير من الأحيان دعم مبيعات الأسلحة البريطانية على وجه التحديد. فـ"كاميرون" كما يرى الكاتب أراد أن يسجل موقفاً من خلال مسارعته ليكون أول زعيم أوروبي يزور القاهرة بعد التطورات الأخيرة الخطيرة التي وقعت فيها - قبل ساركوزي، الذي عادة ما يسبقه لمثل هذه الأمور - كي يثبت من خلال ذلك أن سياسة بريطانيا لا تقف على ساق واحدة من ناحية، ولكي يضفي مسحة أخلاقية تخفف من وطأة الطابع البراجماتي البحت لتلك السياسة من ناحية أخرى، فكأنه يريد أنه يقول إن بلاده مثلما تسعى إلى تدعيم علاقاتها التجارية مع دول العالم، فإنه تسعى أيضاً إلى دعم الحرية والديمقراطية، التي هبت رياحها على تونس ومصر في الأسابيع الأخيرة، ومن المتوقع أن تواصل هبوبها لتشمل دولاً أخرى ربما تكون ليبيا أولها.

إعداد: سعيد كامل

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف