نظام القذافي يتهاوى... ويلجأ إلى فزاعة «القاعدة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
طرابلس، بروكسيل
في وقت تزايدت الضغوط الدولية على العقيد معمر القذافي أمس للمطالبة بوقف استخدام العنف في مواجهة المحتجين المطالبين بإنهاء حكمه، لجأ النظام الليبي إلى استخدام فزاعة تنظيم "القاعدة"، محذراً الغرب من أن التنظيم سيطر بالفعل على مدينة شرق البلاد وحوّلها "إمارة إسلامية".
وفقد القذافي السيطرة على أقسام واسعة من شرق البلاد، إلا أنه بقي مصمماً على قمع الحركة الاحتجاجية التي تعصف بالبلاد، وأوقعت مئات القتلى حتى الآن. واتسعت سيطرة معارضيه حتى أجدابيا غرباً مروراً بطبرق وبنغازي. وشوهد مسلحون إلى جانب جنود انقلبوا على القذافي على الطريق الممتدة حتى طبرق الواقعة غرباً على بعد 150 كلم. وعزز تلك الأنباء إعلان وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أمس أن "إقليم برقة لم يعد خاضعاً لسيطرة الحكومة".
وذكرت صحيفة "قورينا" على موقعها على الإنترنت أن طائرة حربية ليبية تحطمت غرب بنغازي أمس بعد قيام قائدها ومعاونه بالقفز منها بالمظلات رافضين أوامر عسكرية لقصف المدينة. وكان لافتاً أن أحد الطيارين من قبيلة القذافي.
وحتى طرابلس التي دعا القذافي منها أنصاره إلى النزول إلى الشارع لقمع المعارضة، لم تُشاهد في شوارعها سوى مجموعات صغيرة تضم عشرات الأشخاص، إضافة إلى سيارات كانت تحمل صور القذافي والأعلام الخضراء وتجول في الطرقات مطلقة العنان لأبواقها، فيما بقيت غالبية المتاجر مغلقة وشوهدت طوابير طويلة أمام الأفران ومحطات الوقود.
وتواصلت الانشقاقات في صفوف النظام، فانشق وزير الداخلية عبدالفتاح يونس على غرار وزير العدل مصطفى عبدالجليل قبله، واستمرت الاستقالات من الديبلوماسيين الليبيين المعتمدين في الخارج.
وفي مواجهة فقدان السيطرة على الأرض، لجأت طرابلس إلى ورقة التخويف من سيطرة المتطرفين. وحذر وكيل وزارة الخارجية الليبي خالد الكعيم أمس سفراء دول الاتحاد الأوروبي من أن "القاعدة" أقامت "إمارة إسلامية" في درنة (شرق) "بقيادة عبدالكريم الحسدي وهو معتقل سابق في غوانتانامو"، مؤكداً أن "القاعدة تفكر في سيناريو على طريقة طالبان" في ليبيا.
وزعم أن الحسدي له "مساعد مقيم" في مدينة البيضاء، "وهو عضو أيضاً في القاعدة ويدعى خيرالله برعاصي". وأضاف أن "لديهم الآن إذاعة بتردد أف أم وبدأوا بفرض البرقع وقاموا بتصفية أشخاص لأنهم رفضوا التعاون". وحذر من أن الصحافيين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى ليبيا "خارجون على القانون ونعتبر كأنهم يتعاونون مع القاعدة".
وبعد هذا التحذير بساعات، أرسل شخص يدعى "صلاح أبي محمد" بياناً إلى وسائل إعلام، بينها "الحياة"، وقدم نفسه باعتباره "المسؤول الإعلامي لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". وأعلن البيان الذي لم يتسن التحقق من صحته "وقوفنا التام مع هذه الإمارات الإسلامية في ليبيا". وتوعد البيان القذافي وأبناءه ومن وصفهم بـ "المجرمين الصهاينة والصليبيين الذين ارتكبوا في حق الشعب الليبي أبشع الممارسات وأشنع الفظائع من قتل وتنكيل وتشريد". وأرفق البيان بصورة لثلاثة ملثمين أما سيارات دفع رباعي وأسلحة وذخيرة مع تعليق يقول: "بعض غنائم المجاهدين في الصحراء الليبية متجهين نحو العاصمة بإذن الله".
وكان لافتاً تركيز رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني، الحليف المقرب من القذافي، على دعوة المجتمع الدولي إلى معارضة "التوجهات نحو التطرف الإسلامي" في ليبيا وغيرها من دول شمال أفريقيا. وقال: "علينا أن نحذر من العنف غير المبرر والتوجه نحو الأصولية الإسلامية... لا نريد أن نرى الوضع يتدهور نحو الأصولية الإسلامية الخطرة".
وفي وقت أعلن الاتحاد الاوروبي أمس أن دوله اتفقت على البدء في إعداد عقوبات ضد نظام القذافي، بدأت تظهر لهجة تصعيدية في الموقف الأميركي الذي اتسم بالبطء إزاء التطورات في ليبيا، بعد لقاء بين الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في البيت الأبيض. ويتوقع أن يعقب هذا الاجتماع أول بيان رئاسي حول الأزمة. وأكدت مصادر موثوقة لـ "الحياة" أن واشنطن تفضل التحرك مع الشركاء الدوليين في السعي إلى عقوبات دولية وإجراءات تقوض سلطة القذافي.
وكانت الإدارة الأميركية اعتمدت، بحسب مصادر موثوقة، "الانضباط في ردها على الأزمة، وتريثت قبل تصعيد الموقف حرصاً على سلامة رعاياها هناك الذين يتم إجلاؤهم في هذا الوقت". وتوقعت المصادر تصعيداً في الموقف الأميركي "باتجاه خطوات ملموسة بالاشتراك مع المجتمع الدولي بعد إجلاء الرعايا"، كون التأثير الأميركي "غير كاف هناك". وتدرس الإدارة سلسلة خطوات مع الجانب الأوروبي، بينها زيادة العقوبات على الشخصيات القريبة من القذافي وتقويض سلطته بوسائل قانونية تستهدف أصوله المادية وصلاحياته الأمنية.
وفي بروكسيل، قال ديبلوماسي من الاتحاد الأوروبي عقب اجتماع للبحث في القضية الليبية مساء أمس إن الدول الأعضاء "اتفقت على اتخاذ مزيد من الإجراءات. وفي المصطلحات الديبلوماسية، يعني ذلك عقوبات". وسيضع خبراء قائمة بالإجراءات المقترحة التي قد تشمل منع تأشيرات وتجميد أصول وحظراً على بيع السلاح وقيوداً أخرى.
وانتقد مجلس الأمن النظام الليبي في بيان مساء أول من أمس لاستخدام القوة ضد المتظاهرين المسالمين ودعا إلى محاسبة المسؤولين عن العنف. وأعرب عن "القلق البالغ للوضع هناك ومقتل مئات المدنيين". ودعا إلى إنهاء العنف فوراً و"اتخاذ خطوات لتلبية المطالب المشروعة للسكان بما في ذلك الحوار الوطني".
واعتبرت ألمانيا واسبانيا أن النظام الليبي فقد الآن كامل شرعيته، فيما ناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يحكم البلاد الأطراف الليبية العمل سريعاً على حقن الدماء ومنع سقوط مزيد من الضحايا. وأعلن السماح بدخول المساعدات الإنسانية والغذائية بلا قيود وفي أي وقت عبر الحدود، "تضامناً من الشعب المصري مع الأخوة الليبيين في ظل هذه الظروف الراهنة".
وأعربت المفوضية الأوروبية أمس عن قلقها من خطر حصول كارثة إنسانية نتيجة أعمال العنف في ليبيا، وأرسلت خبراء إلى الحدود التونسية والمصرية مع هذا البلد لتقويم الاحتياجات في حال حصول موجة نزوح للسكان.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة لمناقشة الوضع ليبيا غداً بناء على طلب من دول غربية وأميركية لاتينية تطالب بتحقيق دولي في مقتل محتجين. لكن في ظل امتناع غالبية تضم الدول الآسيوية والأفريقية، مدعومة من روسيا والصين وكوبا، عن دعم مسودة قرار، قال ديبلوماسيون إن من المرجح أن يتم تخفيفها كثيراً وربما لا يتم إقرارها أصلاً خلال الاجتماع الطارئ.