جريدة الجرائد

إيران: انفجارات أنابيب الغاز تهدد بتفجير النظام

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هدى الحسيني

ليست مظاهرات التحدي التي ستستمر رغم القمع الدموي، وحدها التي تهز النظام الإيراني، إنما هناك مسألة حساسة أخرى يحاول النظام جاهدا طمسها وإخفاءها، لكنها بدأت تطفو بقوة على سطح الأحداث الإيرانية.

ففي الحادي عشر من الشهر الجاري انفجرت ثلاثة أنابيب غاز في مدينة سلفشيغان الواقعة على بعد 30 كلم جنوب مدينة قم. وشعر عشرات الآلاف من الإيرانيين بقوة ذلك الانفجار، ونجح بعضهم في تصويره وتسريبه عبر "يوتيوب".

اللافت أن وكالة "مهر" للأنباء أشارت إلى حدوث انفجارات في وقت واحد في ثلاثة أنابيب غاز، بينما ذكرت "وكالة الطلبة الإيرانيين" حدوث انفجار واحد. وبدأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إثر وقوع الانفجارات، عملية إخفاء الأدلة، وأعطى تعليمات إلى فريقه بهذا الشأن وهي تشير إلى الفشل المنهجي المستمر في أداء حكومته، لأن الأدلة تجرّم مجموعات "الحرس الثوري" المقربة منه، وبطريقة غير مباشرة تجرمه كرئيس للجمهورية.

هذه الأدلة تشير إلى الإهمال المستمر للبنى التحتية المدنية في إيران، خصوصا تلك المتعلقة بمسألة الغاز، والتي هي نتيجة للسياسة التي يعتمدها "الحرس الثوري الإيراني" وتتضمن هذه السياسة سحب مبالغ ضخمة مخصصة لإعادة تأهيل وصيانة وتطوير البنى التحتية المدنية، لمصلحة "الحرس الثوري" وتقويته على الساحة المحلية، ولنشاط "قوات القدس" على الساحة الدولية.

حسب مصدر إيراني واسع الاطلاع، أبدى أحمدي نجاد أمام مستشاريه قلقه لجهة استمرار بقاء نظامه بعد الانفجارات، وخصوصا على ضوء ما جرى في تونس ومصر، ولمح إلى أن انكشاف عجز حكومته في هذه المسألة، سيؤدي إلى موجة كبرى من المظاهرات، وأنه بالتالي من المشكوك فيه، قدرة النظام على التعامل معها بعدما كان بنى استراتيجيته على قمع المعارضة إلى غير رجعة. قال خلال لقائه مع مستشاريه، إنه من حسن الحظ أن الانفجارات لم توقع ضحايا إنما "لهذا الفشل احتمالات مدمرة لا سيما أن العالم العربي في حالة ثورة، ويتطلع الشعب الإيراني إلى الانضمام إلى هذه الموجة بقصد النجاح في قلب نظام الحكم".

تضمنت تعليمات أحمدي نجاد إخفاء الكثير من الوثائق وإتلاف الكثير من الملفات، ومنها وثائق فيها نداءات متكررة من محافظي عدة مدن إيرانية، بينهم محافظا قم وأصفهان، موجهة إلى وزير النفط مجيد نمجو، تحذر من تداعي وضع أنابيب الغاز في مدنهم.

وأكد المصدر الواسع الاطلاع على أن وزير الطاقة تلقى "أوامر مباشرة" من أحمدي نجاد بعدم التجاوب مع هذه النداءات "بسبب الالتزامات الوطنية للجمهورية الإسلامية، المرتبطة مباشرة بأمن وبقاء الجمهورية".

يذكر أن وزير النفط خدم في صفوف "الحرس الثوري" كقائد لفيلق "خاتم الأنبياء"، ذراع البناء والهندسة في "الحرس الثوري" والذي يملك بعض شركات الغاز في إيران ومنوط به أيضا بناء ومد أنابيب الغاز.

ويكشف المصدر الإيراني، أن واحدا من هذه النداءات أرسله محافظ أصفهان علي رضا ضاهر الأصفهاني، جاء فيه التالي: "أعتقد أنه من الواجب تحذير وزير النفط ماجيد نمجو من مغبة الإهمال المستمر لأنابيب الغاز في أصفهان. لذلك من المحتم زيادة ميزانية تأهيل البنى التحتية للغاز في المدينة بأسرع وقت ممكن، ويجب طرح هذا الأمر على المجلس (البرلمان) لاتخاذ القرار".

الوثائق التي أمر أحمدي نجاد بإخفائها تشير أيضا، إلى أن مفتش الدولة بور محمدي، رئيس منظمة المراقبة في إيران حذر بدوره القيادة الإيرانية من أن صيانة البنى التحتية للطاقة في البلاد، سيئة جدا، وقال محمدي إن فيلق "خاتم الأنبياء" ليست لديه الخبرة الضرورية، ولا يملك التكنولوجيا المطلوبة للحفاظ على البنى التحتية الإيرانية للطاقة، وهذا ما أدى إلى حالتها المتدهورة.

في الفترة الأخيرة، وبناء على توصية أحمدي نجاد، وافق مكتب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي على خطوة لا سابقة لها، تتضمن زيادة موازنة "الحرس الثوري" الإيراني بمقدار 4.5 مليار دولار، على حساب البنى التحتية المدنية بما فيها الكهرباء والغاز، وشق الطرقات والمياه. ومما قام أحمدي نجاد بإخفائه أيضا مبلغ 1.5 مليار دولار كان مخصصا للتطوير وصيانة وإعادة تأهيل البنى التحتية لحقول الغاز، وقد أمر هو بتحويله لـ"الحرس الثوري".

وحسب المصدر فإن هذا المبلغ كان الغرض من صرفه صيانة أنابيب الغاز، والتصليح الدوري للصمامات، وتطوير القدرات البشرية لمراقبة الأنابيب، وإقامة نظام تنبيه من التسرب الخطير الذي عندما يحدث، لا يتم إصلاحه حسب الأصول.

إن أغلب شركات الغاز في إيران مملوكة من "الحرس الثوري"، وهذا يفسر الإهمال المستمر لهذه المنشآت بسبب الحاجة لتقوية صلاحيات وسلطات الحرس. ويقول محدثي، إن تقوية الحرس تشمل الباسيج وأجهزة مخابراته وذلك من أجل منع المظاهرات والقلاقل في الجمهورية الإسلامية، وتوطيد أنشطة "قوات القدس" على الساحة الدولية وخصوصا في أفريقيا، وأميركا الجنوبية ولبنان وغزة.

عملية نقل حيّز كبير من الإشراف واستثمار الغاز الإيراني إلى "الحرس الثوري"، وهي تزايدت في السنتين الأخيرتين، وكانت نتيجتها حصول الحرس على مشاريع بمليارات الدولارات، استمرت رغم أن "الحرس الثوري" لا يملك القدرات التشغيلية والمهنية، ولا التجربة أو التكنولوجيا لإدارة الصيانة الروتينية لمنشآت الطاقة على الأقل.

وللعلم، فإن شركات الغاز والتنقيب المرتبطة بـ"الحرس الثوري" هي: "شركة فارس للنفط والغاز" وهي مسؤولة عن حقل غاز جنوب فارس، "سيبانير" شركة الطاقة الرئيسية للحرس يملكها فيلق "خاتم الأنبياء"، وتتعاطى بمشاريع الغاز ومسؤولة عن تطوير بعض المراحل في حقل غاز جنوب فارس، "سيرة فتح"، شركة طاقة مملوكة من فيلق "خاتم الأنبياء" وتتكفل بتطوير حقل غاز جنوب فارس، "سادرا" وتتناول الحفر في البحر في حقول الغاز والنفط، "بتروبارس" المسؤولة عن تطوير عدد من حقول الغاز، "زاغروس" شركة غاز ونفط، كما أن فيلق "خاتم الأنبياء" مكلف أيضا بمد أنابيب الغاز.

يقول محدثي، إنه بعد وقوع الانفجارات الثلاثة في أنابيب الغاز، يشعر النظام الإيراني بأن تكرار مثل هذه الانفجارات قد يتطور أكثر ويؤدي إلى مظاهرات أضخم تهدد استقراره. والتخوف الأكبر، أن هذه الانفجارات والإهمال اللاحق بالبنى التحتية لقطاع الطاقة، عندما ينكشف العمق الذي وصل إليه، وينقطع وصول الغاز إلى العديد من المدن، سيكون "القشة التي قصمت ظهر البعير".



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف