جريدة الجرائد

الإعلام وحركات الاحتجاج

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شملان يوسف العيسى

الأحداث الدموية في ليبيا كشفت مدى عجز وزيف الإعلام العربي الرسمي، ففي الدول العربية التي شهدت وتشهد هذه الأيام احتجاجات وثورات شعبية شبابية لديها مطالب مشروعة، لم تغط الصحافة والإعلام الرسمي هذه الأحداث وحاولت تجاهلها رغم انتشار شعبيتها وضخامة تحركها. فلماذا فشل الإعلام الرسمي في هذه الدول عن مواكبة المتغيرات الداخلية التي حدثت في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين والأردن والعراق؟ هذه الحركات الشبابية وطنية لديها مطالب محددة، وهي الإصلاح والتغيير السلمي للسياسات الحكومية، لذلك فالإجابة على هذا التساؤل تكمن في حقيقة أن الدول العربية بشكل عام ترفض وتقاوم التغيير والإصلاح حتى ولو كان من داخل المجتمع نفسه. فالسياسة الإعلامية التي تبنتها هذه الدول تنطلق من طبيعة الأنظمة السياسية التي تنفي بأن لديها مشاكل داخلية. وقد تبين ذلك بشكل واضح عندما اندلعت ثورة البوعزيزي في تونس وأسقطت بن علي، حيث صرح بعض القادة العرب بأن بلدانهم محصنة من ثورة مماثلة. وعندما تم إسقاط الرئيس المصري سارع القذافي للقول إن ما حدث في تونس ومصر لن يحدث في ليبيا، لكن هذا هو القذافي محاصر في طرابلس رافضاً الاعتراف بأن ما يحصل في بلده هو تغيير جذري يدفع الليبيون ثمنه شهداء وجرحى.

مرة أخرى نتساءل: لماذا يصر الإعلام الرسمي على قلب الحقائق ومحاولة إخفائها؟ لماذا أصبحوا أعداء للحقيقة ويخشون كشفها؟ ولماذا تصر بعض الأنظمة على الاستمرار في محاربة رجال الإعلام والحيلولة بينهم وبين كشف حقيقة ما يجري في هذه البلدان التي ثار شبابها من أجل الحرية والحياة الكريمة والعدالة واحترام حقوق الإنسان؟

التقارير الدولية التي نشرتها وكالات الأنباء أشارت إلى حرب ضد الإعلاميين في تونس ومصر وليبيا، حيث تمت مصادرة الكاميرات والأفلام التي توثق كثيراً من الجرائم وتكشف عسفاً تتعرض له الشعوب، وكيف تمارس بعض الأنظمة عنفاً واسعاً ضد المتظاهرين السلميين، بقصفهم من المباني العالية وقتل الجنود وهم مكبلين.

الإعلام الرسمي العربي في الظروف العادية لم يستطع كسب ثقة المواطن العربي، كمصدر يعتمد عليه في الأخبار ومتابعة الأحداث السياسية الساخنة محلياً وإقليمياً. ما حدث خلال الثورات الحالية هو أن وسائل الإعلام الرسمية تجاهلت حركة الشباب الاحتجاجية في البداية، لكنها عادت لتنشر وجهة نظر الحكومة فقط متجاهلة الشارع العربي. هذا التصرف دفع المشاهدين العرب للتسابق لمشاهدة وسائل الإعلام الغربية مثل "بي بي سي" البريطانية و"سي إن إن" الأميركية و"مونت كارلو" الفرنسية وغيرها، كما أن بعض الفضائيات العربية تميزت أيضاً في تغطيتها للأحداث.

لقد غاب عن المسـؤولين في الأزمة الحالية أن الجمهور العربي لم يعد ملزماً بمتابعة ما يطرحه الإعلام الرسمي، فثورة المعلومات والطفرة في القنوات الفضائية العربية والغربية، فتح مجالات واسعة للمشاهد العربي لمتابعة كل ما يحدث، دون وصاية حكومية أو غير حكومية.

وبالنسبة للدول العربية التي تحاول منع تواصل الشباب من خلال الإنترنت ومواقع تويتر والفيسبوك وغيرها، نقول إن التكنولوجيا العالمية المتقدمة كسرت القيود القديمة التي تمنع انتشار المعلومات حول كل ما يحدث في العالم، وأصبح العالم قرية صغيرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف