جريدة الجرائد

ليبيا: لا بريمر.. ولا كرزاي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبد الباري عطوان


يبدو ان رحيل العقيد معمر القذافي من السلطة في ليبيا سيتأجل لاسابيع وربما لأشهر مع دخول ثورة معارضيه اسبوعها الثالث، فقد تلقت هذه الثورة ضربتين موجعتين يوم امس، الاولى من الولايات المتحدة الامريكية التي اعلنت وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون ان بلادها ما زالت بعيدة عن اتخاذ قرار بشأن 'اقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا داعية الى التروي والحذر' معربة عن مخاوفها من تحول البلاد الى 'صومال كبير' و'مأوى' لتنظيم 'القاعدة'. اما الضربة الثانية فجاءت من اجتماع وزراء الخارجية العرب الذين نسوا خلافاتهم واصدروا بيانا 'مائعا' ناشدوا فيه القيادة الليبية حقن الدماء والتجاوب مع مطالب شعبها المشروعة في احترام حقوق الانسان.
من الواضح ان العالم الغربي 'خائف' من التدخل عسكريا في ليبيا لما يمكن ان يترتب عليه من تكاليف باهظة على الصعيدين الامني والنفطي، مضافا الى ذلك عدم وجود اي ضمانات بنجاح هذا التدخل في اطاحة النظام اولا، والسيطرة على الاوضاع ثانيا.
العقيد الليبي ديكتاتور دموي، وهذه حقيقة ليست موضع جدل، وقد يصبح اكثر دموية اذا تيقن بان نظامه مهدد، ولكننا نختلف مع الكثيرين، ونجادل بانه ليس مجنونا، ولو كان كذلك لما حكم ليبيا طوال الاربعين عاما الماضية، وحولها الى حقل تجارب لنظرياته.
الخطابات التي ادلى بها طوال الاسبوعين الماضيين، سواء عبر التلفزيون الرسمي، او من الساحة الخضراء في طرابلس، او اثناء لقائه مجموعة من الصحافيين الغربيين، هذه الخطابات لم تكن موجهة الى الشعب الليبي، وانما الى العالم الغربي، والولايات المتحدة بالذات، وتضمنت العديد من الرسائل المكتوبة بعناية فائقة.
كان لافتا ان العقيد القذافي ظل يركز طوال الوقت على اتهام تنظيم 'القاعدة' بالوقوف خلف اعمال الاحتجاج التي سادت ليبيا، وطالبت باسقاط نظامه، وربط بين هذا التنظيم والمنطقة الشرقية، وخاصة مدينتي درنة وبنغازي اللتين تحررتا من سيطرة نظامه، من حيث القول ان الجماعة الليبية المسلحة المتحالفة مع التنظيم انطلقت من المدينتين في الاساس.
اما الورقة الاخرى التي لوح بها العقيد الليبي في خطاباته، فكانت خطر 'الصوملة' وتحويل ليبيا الى دولة فاشلة تنطلق منها الهجرات غير الشرعية نحو الشواطئ الاوروبية القريبة، والايطالية منها على وجه الخصوص التي لا تبعد عن ليبيا الا مسافة ثلاثين دقيقة فقط.
السيدة هيلاري كلينتون فهمت رسائل الزعيم الليبي بشكل جيد، وكذلك فعل روبرت غيتس وزير الدفاع الذي قال ان فرض مناطق حظر جوي فوق ليبيا يحتاج الى هجوم عسكري، وان حكومته تبحث حاليا مختلف الخيارات الاخرى، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية وحظر بيع الاسلحة.
' ' '
مخاوف الادارة الامريكية من التدخل العسكري مفهومة، فلا يوجد اي تأييد عربي، رسمي او شعبي، لمثل هذا التدخل، بما في ذلك معظم قيادات ورموز الثورة الليبية، فلا أحد يريد 'جنرال بريمر' آخر في ليبيا، وتكرار التجربتين الامريكيتين الكارثيتين في العراق وافغانستان.
حتى هذه اللحظة لم يبرز 'كرزاي ليبي' تدعمه الولايات المتحدة، ويتولى قيادة دفة البلاد، لان ثورة الليبيين ليست ثورة انطلقت بتخطيط امريكي في الغرفة السوداء التي تحدث عنها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وانما من رحم المعاناة والظلم، ولوضع حد للفساد، والقهر، ومصادرة الحريات، ومن اجل بناء ليبيا عصرية حديثة.
الانظمة العربية تتآمر على الثورة الليبية ايضا، وهي تعارض التدخل العسكري الخارجي، من هذا المنطلق، وليس من منطلقات وطنية، فنحن لا ننسى ان هذه الانظمة ايدت بقوة التدخل الامريكي في العراق وافغانستان وما زالت، ولم يكن من قبيل الصدفة ان يرد الزعيم الليبي التحية بما هو اكثر منها، عندما غازل، في خطابه يوم امس، المملكة العربية السعودية، واعتبر زيادة انتاجها النفطي لتعويض النقص الناجم عن انخفاض الصادرات الليبية انه 'امر طبيعي'، ولم يتفوه بكلمة واحدة ذات طابع انتقادي، وهو الذي لا يكن اي ود للعاهل السعودي وبلاده.
توقف الثورة الليبية قد يعني انحسار، او تعطيل، عملية التغيير الديمقراطي في الوطن العربي التي انطلقت من مدينة بوزيد التونسية ووصلت الى البحرين واليمن وسلطنة عمان والعراق مرورا بمصر، وهذا ما يفسر حرص الانظمة العربية على دعم الزعيم الليبي سياسيا واعلاميا بطريقة غير مباشرة، تماما مثلما حاولوا دعم الرئيس حسني مبارك، ودخلوا او بعضهم، في مواجهة مع ادارة اوباما بسبب تقاعسها في هذا المضمار.
وليس من قبيل الصدفة ان تعلن دول مجلس التعاون الخليجي الثرية التي تجلس على صناديق سيادية استثمارية تزيد موجوداتها على اكثر من ترليوني دولار، عن مشروع 'مارشال' لدعم مملكة البحرين وسلطنة عمان، يتضمن رصد عشرات المليارات من الدولارات لدعم خطط تنمية تخلق وظائف، وتحرك الدورة الاقتصادية فيهما.
لولا هذه الثورات الشبابية المباركة لما تحركت الدول الخليجية الغنية لنجدة هاتين الدولتين الفقيرتين، ولكن ما يريده شعباهما، والشعوب الخليجية الاخرى، ليس 'مكرمة' مالية، وانما كرامة وطنية. ما تريده هذه الشعوب هو الديمقراطية وحقوق الانسان والقضاء المستقل، والشفافية والمحاسبة، والرقابة التشريعية من خلال برلمانات منتخبة وصحافة حرة.
' ' '

ما يجري في ليبيا حاليا هو نقطة تحول فاصلة للمد الديمقراطي، وللصحوة العربية، مثلما هو عامل حاسم لانهاء مرحلة الهيمنة الامريكية التي امتدت على مدى الستين عاما الماضية على الاقل.
تنظيم 'القاعدة' انتشر في المنطقة واصبح قوة كبرى تبث الذعر في اوساط الحكومات العربية لسببين رئيسيين الاول: الاذلال الامريكي الغربي للعرب والمسلمين من خلال شن حروب عليهم، والحصول على نفطهم رخيصا. والثاني: دعم الغرب لانظمة ديكتاتورية عربية فاسدة باتت مهمتها الحقيقية حراسة اسرائيل وحدودها، وتثبيت وجودها في المنطقة وبما يتعارض كليا مع مطالب الشعوب العربية ومشاعرها.
الديمقراطية ومحاربة الفساد ووضع حد للتغول الاسرائيلي واحتلالاته المهينة كلها تشكل الوصفة السحرية لمنع انتشار تنظيم 'القاعدة' وتوسعه، وتقليص اخطاره. وهذا ما تفعله الصحوة العربية الحالية التي نرى ثمارها في مصر وتونس حتى الآن.
الزعيم الليبي يدرك هذه الحقيقة جيدا اكثر من غيره، وهذا ما يفسر تلويحه، بل تهديده بتنظيم 'القاعدة'، فهذا التنظيم غير موجود في ليبيا، ولن نستغرب اذا ما وجه دعوة رسمية اليه، وتحالف معه، في اطار خططه لصوملة ليبيا وتحويلها الى دولة فاشلة، اذا ما ضاق الخناق عليه. فنحن امام شخص خطير لن يتورع عن فعل اي شيء من اجل بقائه ونظامه، ومن استمع الى خطابه الاول من مقر قيادته في قاعدة العزيزية (خطاب الزنقات والقمل) يدرك هذه الحقيقة.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الخاسر الأكبر..
ناصر -

الواقع إن تنظيم القاعدة هو الخاسر الأكبر من الثورات العربية..فقد ثبت بالدليل أن النضال الشعبي السلمي هو الوحيد القادر على التغيير الفعلي في فترة قصيرة جداً..و سقط عنف وإرهاب القاعدة وغيرها من الحركات الإسلاميةالتي أضرت أيما ضرر بأمن ومعيشة وحرية الشعوب ولم تحقق أي تغيير بل بالعكس زادت من قوة وقسوة و ظلم الأنظمة عندما وفرت لها ذريعة الأمن ومواجهة الإرهاب..

ajeeb
ahmed -

that was all true Mr Atwan but I was surprised that you did not mention this time that Saddam was martyr and Gadafi is just dictator !!!!!

ليبيا عروس عروبتكم
khalil -

لا يا عطوان لم تفهم امريكا الرسالة والقذافي اغبى ان يقوم بهكذا تكتيك لكنه ايحاء امريكي لعميلها القذافي ان يدلي بهكذا تصريحات لتاتي كلينتون وتؤكد كلام القذافي من اجل تهديد الشعب الليبي بالمذبحة او بالحرب الاهلية وبالتالي لدفع المقاومة الليبية لاخطاء سياسية وتنازلات لاعطاء امثالك وكل المأجورين الفرصة لذبح المقاومة سياسيا كما فعلتم بالشعب العراقي والكويتي ومنظمة التحرير لكن لا تحلم بهذا فنحن مع ليبيا ظالمة او مظلومة وليكن هذا شعارنا نحن مع الشعب الليبي ظالما او مظلوما

ajeeb
ahmed -

that was all true Mr Atwan but I was surprised that you did not mention this time that Saddam was martyr and Gadafi is just dictator !!!!!

يدخلون لو لا
احمد الواسطي -

ها خويه عبد الباري اقتنعت ما كو تغير بدون دعم وتدخل امريكا ارجوك أنا الان لا تكون جلبي الامة العربيه مع احترامي للدكتور احمد الجلبي مخلصنا من الفاشيه ومو امريكا دوخته بمقالاتك يوم تقول لاتدخلوا واليوم التالي تنتقدهم لعدم تدخلهم يا خويه خليك واضح شتريد يدخلون لو لا مع التحيه;

يدخلون لو لا
احمد الواسطي -

ها خويه عبد الباري اقتنعت ما كو تغير بدون دعم وتدخل امريكا ارجوك أنا الان لا تكون جلبي الامة العربيه مع احترامي للدكتور احمد الجلبي مخلصنا من الفاشيه ومو امريكا دوخته بمقالاتك يوم تقول لاتدخلوا واليوم التالي تنتقدهم لعدم تدخلهم يا خويه خليك واضح شتريد يدخلون لو لا مع التحيه;

الحمى من رجلينا
عراقي -

نحن لا نعتب على امريكا ولكن على الجامعة العربية . ان الجامعة العربية لا تمثل العرب والشعوب العربية وانما تمثل المسلطين على الشعوب العربية والاحرى تسميتها جمعية الطغاة المؤقتين العرب كدساتيرهم المؤقتة

النجدة لو لا ؟
خالد النصور -

سبحان الله. أنا ما عدت أفهم العرب. هل تريدون أن يساعدكم الغرب في انجاح ثورتكم في ليبيا أم لا ؟ كافي وطنيات وعنتريات. نحن العرب ننافق: لما يتحدث الغرب عن تدخل نصرخ وا عرباه وسجل أنا عربي و و و وعندما يقول الغرب لن نتدخل نقول الغرب مع القذافي

النجدة لو لا ؟
خالد النصور -

سبحان الله. أنا ما عدت أفهم العرب. هل تريدون أن يساعدكم الغرب في انجاح ثورتكم في ليبيا أم لا ؟ كافي وطنيات وعنتريات. نحن العرب ننافق: لما يتحدث الغرب عن تدخل نصرخ وا عرباه وسجل أنا عربي و و و وعندما يقول الغرب لن نتدخل نقول الغرب مع القذافي

عع
جج -

السيد عبد الباري المحترمانك تقول .. الانظمة العربية تتآمر على الثورة الليبية ايضا، وهي تعارض التدخل العسكري الخارجي، من هذا المنطلق، وليس من منطلقات وطنية، فنحن لا ننسى ان هذه الانظمة ايدت بقوة التدخل الامريكي في العراق وافغانستان وما زالتو تقول بان هذه التدخلات كانت كارثية على اميركايعني ماذا تريد ان تقول

استجداء امريكا
fouad from Iraq -

عطوان يريد امريكا ان تتدخل ولايريدها.. هو يشتهي ويستحي، علما انه يعلم علم اليقين ان الوضع في ليبيا سيعود الى سيطرة القذافي حالما ترفع امريكا الغطاء عن وجود المعارضين في المناطق الشرقية، تماما كما حدث في العراق في انتفاضة عام 1991، عندما سمحت امريكا لصدام باستخدام طائراته، التي قمع بها المنتفضين.عطوان يحاول الالتفاف على المصطلحات حتى لايقال بانه من الدعاة الى التدخل الامريكي، وهو الذي ادانهم يوم اسقطوا صدامه. اعتقد ان على عطوان ان يستجدي التدخل الامريكي ضد اسرائيل، هذا ان استطاع ان يقنعهم بفعل ذلك كما ضحك عليهم السياسي العراقي المحنك أحمد الجلبي.

استجداء امريكا
fouad from Iraq -

عطوان يريد امريكا ان تتدخل ولايريدها.. هو يشتهي ويستحي، علما انه يعلم علم اليقين ان الوضع في ليبيا سيعود الى سيطرة القذافي حالما ترفع امريكا الغطاء عن وجود المعارضين في المناطق الشرقية، تماما كما حدث في العراق في انتفاضة عام 1991، عندما سمحت امريكا لصدام باستخدام طائراته، التي قمع بها المنتفضين.عطوان يحاول الالتفاف على المصطلحات حتى لايقال بانه من الدعاة الى التدخل الامريكي، وهو الذي ادانهم يوم اسقطوا صدامه. اعتقد ان على عطوان ان يستجدي التدخل الامريكي ضد اسرائيل، هذا ان استطاع ان يقنعهم بفعل ذلك كما ضحك عليهم السياسي العراقي المحنك أحمد الجلبي.

عبدالباري عطوان
عروبي عراقي -

فتش الطائفيون في ارشيف المخابرات العراقية بعد احتلال العراق العربي عن ما يدين او يشين السيد عبدالباري عطوان فلم يجدوا فارسلوا اليه انتفاض قنبر ليعتذر اليه هل يتوقع الطائفيون ان يصطف الاستاذ عبدالباري مع الامريكان ضد العراق !!

عبدالباري عطوان
عروبي عراقي -

فتش الطائفيون في ارشيف المخابرات العراقية بعد احتلال العراق العربي عن ما يدين او يشين السيد عبدالباري عطوان فلم يجدوا فارسلوا اليه انتفاض قنبر ليعتذر اليه هل يتوقع الطائفيون ان يصطف الاستاذ عبدالباري مع الامريكان ضد العراق !!