الديمقراطية والثورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد عبد الجبار الشبوط
الديمقراطية بمعنى المشاركة الواسعة للمواطنين في الشأن العام والكبيرة للتعددية والاختلاف واحترام الرأي الاخر، والثورة بمعنى التغيير والاصلاح ومكافحة الفساد والمفسدين وتحسين اوضاع الناس المعيشية وتوفير مفردات البطاقة التموينية وتوفير فرص العمل الانتاجية.... الديمقراطية والثورة، بهذه المعاني، وجهان لعملة واحدة. لا يمكن الحديث عن الديمقراطية بدون الثورة، ولا يمكن الحديث عن الثورة بدون الديمقراطية... هذا هو الدرس الذي تعلمناه منذ منتصف القرن الماضي على الاقل. في ذلك الحين قامت ثورات عسكرية مدعومة شعبيا باسقاط الانظمة القائمة واقامة انظمة ثورية فاضلت بين شعاري الديمقراطية والتنمية، ففضلت الثاني على الاول، وخدعتنا بقولها ان تحقيق التنمية اولا، سوف يؤدي الى الديمقراطية، تاليا. ولكن وبسبب ان النخب العسكرية والمدنية التي تولت الحكم في تلك الفترة لم تكن تؤمن فعلا بالديمقراطية، ولا بالدولة المدنية الحديثة، فقد آل الامر الى الفشل في تحقيق التنمية، من جهة، والفشل في تحقيق الديمقراطية من جهة ثانية، ودفع الانسان في بلدان العالم العربي المختلفة الثمن على شكل مزيد من القمع ومصادرة الحريات وسحق حقوق الانسان وهي الممارسات التي شكلت الهوية العامة للانظمة الثورية الدكتاتورية التي يمثل نظام القذافي اليوم احد معالمها المهمة. سقطت "الشرعية الثورية" التي نادت بها النخب العسكرية والمدنية التي حكمت العالم العربي في تلك الفترة في امتحان توفير حياة كريمة لائقة للانسان الذي تسلطت عليه.
اليوم صار الناس في العالم، قبل اندلاع الانتفاضات العربية مؤخرا، يطالبون بالخبز والحرية معا، بالديمقراطية والاصلاح معا، باعتبار ان الكلمتين تشكلان مفردتين في برنامج عمل اجتماعي شامل، يقوم على مبادئ المواطنة وحقوق الانسان وسيادة القانون والمؤسسات والعلم الحديث. وهذه مجتمعة من معالم الدولة المدنية الحديثة.
تظاهرات العراقيين الحالية، والتي كنت دعوتُ الى مثلها في مقال في جريدة "الصباح" نشر بتاريخ 7 كانون الثاني (يناير) من عام 2006، تمثل، بعد استبعاد المندسين واصحاب الاجندات الخاصة منها، حراكا اجتماعيا شبيها بذلك الذي شهدته اوروبا في عام 1848. وهي قابلة الى ان تتطور ايجابيا باتجاه اصلاح الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق اذا أُحسن التعاملَ معها، وقيادتَها بصورة سليمة وعلمية. واعني بالصورة الصحيحة والعلمية ان تنطلق من المزج الخلاق بين شعاري الثورة والديمقراطية: الثورة على الواقع الفاسد الذي يعاني منه العراقيون، والعمل من اجل اقامة ديمقراطية حقيقية، تسعى الى تحقيق المشاركة الفعالة للمواطنين في الشأن العام، ولا تكتفي بالتمثيل البرلماني او المحاصصة التوافقية.
بعض الشعارات التي رفعها بعض المتظاهرين مطلبية محدودة، وبعض كتابات المحتجين تنطلق من احادية في النظر ومصادرة الرأي الاخر، بل ان البعض اعطى لنفسه سلطة اصدار الاحكام الثورية على الاخرين وبأثر رجعي، كما تفعل كل "الدكتاتوريات الثورية" في العالم. وهذه نقاط ضعف تمكن المغرضين والمخربين من الاندساس وحرف التظاهرات عن اهدافها المشروعة، رغم اخلاص الاخرين وطيبتهم. كتب المفكر العراقي غالب الشابندر مقالا رائعا حول شعارات المتظاهرين، قائلا انها يجب ان تكون معقولة، وغير تعجزية، ضمن مواصفات اخرى لا تقل اهمية عن هذه. أضيف الى ذلك ان الشعارات يجب ان تكون ذات افق ديمقراطي واضح، يدعو الى معالجة عيوب التأسيس واخطاء الممارسة التي ارتكبتها الطبقة السياسية التي تصدت لبناء الدولة بعد سقوط الدكتاتورية، وصولا الى اقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة في العراق الجديد.
التعليقات
لماذا يا إيلاف
عراقي متشرد -لماذا يا إيلاف تحجبون عني تعليقات القراء؟منذ أكثر من شهر وعندما أفتح موقع إيلاف لا تظهر لي الصفحة الأولى،وتظهر لي الأخبار والمقالات وغيرها دون وجود لتعليقات القراء،وأجد بدلها كلة إطبع.هل أن تعليقاتي هي عربة البوعزيزي؟أذا لم ترق لكم تعليقاتي فكان الأجدر بكم أن تقولوا مخالف لشوط النشر أو تطلبوا مني الكف عن الكتابة،علماً أنني لم أشتم شريفاً أو نزيهاً بل كنت أفضح حرامية بغداد الذين تركوا العراق هرباً من التجنيد الإجباري وعاشوا على فتات الموائد واختاروا زوجاتهم من الحانات وعلب الليل من أجل الحصول على جنية البلد الذي آواهم، وبعد التحرير الذي لم تكن لهم يد فيه وجدوا أنفسهم فجأة حكاماً ويملكون كل العراق وكأنه إرث لهم وأصبحوا من أصحاب المليارات ،وإلى وقت قريب كانوا يتحسرون على الدولار.هل أن تعليقاتي يا إيلاف أزعجت هؤلاء فحجبتم عني الصفحة الأولى وتعليقات القراء؟عادة الأنظمة الإستبدادية تخلق إعلاماً استبدادياً،هل يا إيلاف أنتم تسيرون وفق هذه القاعدة؟