لماذا يرتبط الفساد بالاستبداد ؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سليمان صالح
أهم الحقائق التي يمكن أن نتوصل لها من دراسة تاريخ النظامين المصري والتونسي أن الفساد دائماً يرتبط بالاستبداد .
وإدراك تلك الحقيقة من أهم الأسس التي يجب أن نقيم عليها مستقبلنا ، فالذي يريد الإصلاح يجب أن يقاوم الديكتاتورية ، وأن يكافح لحماية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .
والنظام الاستبدادي يصنع له أنصارا وأعواناً من الفاسدين الذين يعبدون الدنيا بكل ترفها . فيتخلون عن كل معاني الشرف والقيم الأخلاقية ، ولا يهمهم سوى الحصول على الأموال التي تمكنهم من أن يمتعوا أنفسهم ، وأن يحصلوا على كل أنواع اللذة .
وهؤلاء الفاسدون المترفون هم أهم أعوان المستبدين في كل العصور ، فهم يعيشون لأنفسهم ويتكبرون على شعوبهم ويسخرون من الشرفاء ويحتقرون الذين يتمسكون بالقيم والأخلاق ويضحون من أجل الوطن .
إن أردت دليلاً على صحة ما أقول فأنظر إلى تركيب لجنة السياسات في الحزب الوطني ، وهي تلك اللجنة التي تجمع فيها الفاسدون الذين كان كل هدفهم أن ينقلوا السلطة من حسني مبارك إلى ابنه جمال .
ولقد استخدم أعضاء هذه اللجنة كل خبراتهم من أجل تحقيق مشروع التوريث ، وفي مقابل ذلك فقد تم إطلاق أيديهم في ثروات مصر وأراضيها وخيراتها ينهبون منها ما يشاءون ، ويحولون المليارات إلى حسابات سرية في الخارج .
وأعضاء تلك اللجنة كانوا يتعاملون باحتقار شديد مع شعب مصر ، حيث يعتبرون أنفسهم السادة بينما كل شعب مصر من العبيد .
أخيراً أدرك علاء مبارك تلك الحقيقة حين صاح في أخيه جمال : أنت خربت البلد أنت وأصحابك .
لكن ذلك الإدراك جاء متأخراً في اليوم الأخير لعهد ذاق فيه شعب مصر العذاب والإفقار .
ولقد ظهرت بعض الحقائق المثيرة عن ثروات رجال الأعمال الذين تمتعوا بالسلطة وبعضوية لجنة السياسات وبالنجومية في وسائل الإعلام وبالحصانة البرلمانية والمناصب التنفيذية .
وقدرت ثروة مصر التي نهبها المفسدون بثلاثة تريليونات من الدولارات ، والتريليون أيها السادة هو ألف بليون دولار.
والسؤال : ماذا لو تم استخدام هذه الثروة في بناء المصانع والمدن وإصلاح الأرض .. هل كان يمكن أن يكون هناك فقير في مصر .
هذه الثروة أيها السادة كان يمكن أن تحقق التقدم ، وأن تحول مصر إلى دولة متقدمة .
لقد أطلق النظام الفاسدين ينهبون ثروة مصر ويفقرون أهلها من أجل أن يحقق مشروع التوريث .
وكان هؤلاء الفاسدون يستعينون بأجهزة الأمن في تأديب وتخويف وإرهاب كل من تحدثه نفسه بأن يتحداهم أو يكشف فسادهم .
وكانت عضوية لجنة السياسات مقصورة على من تتأكد أجهزة الأمن أنه قد فسد حتى لم تعد هناك إمكانية لصحوة ضمير ، وأنه أصبح صاحب مصلحة في توريث جمال مبارك ، وأن مستقبله أصبح يرتبط بهذا المشروع ، وأنه يملك أفكاراً وخبرة يمكن أن يساهم بها في نجاح المشروع .
ولكن أجهزة الأمن كانت أيضاً تحتفظ بوثائق تدين كل النجوم الفاسدين ، وتجمع هذه الوثائق في مبنى الحزب الوطني ، حتى يدرك هؤلاء النجوم أن حياتهم ترتبط بهذا النظام . فهل يمكن أن يشكل ذلك تفسيراً لحرق مبنى الحزب الوطني ، ومن هو صاحب المصلحة في حرقه .
وهل يشكل ذلك أيضاً تفسيرا لقيام رجال الأعمال بتمويل البلطجية لضرب المتظاهرين ، وقيام الإعلاميين الحكوميين بالدفاع عن النظام حتى آخر لحظة !!.