واشـنطن والناتـو: ليـبـيا قـد تقـسّـم والـقـاعـدة خطـراً !
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عواصم
بدا، أمس، أن الرئيس الليبي معمر القذافي ماض في جر البلاد إلى حرب أهلية، تسابق المسؤولون الغربيون، من واشنطن إلى بروكسل، إلى التحذير من عواقبها، بالحديث عن احتمال التقسيم، بعدما نجحت قواته في فرز ليبيا بين غرب تسيطر عليه الكتائب الأمنية التابعة للنظام، وشرق يقاتل الثوار للحفاظ على مواقعهم فيه، في مواجهة الآلة المدفعية والجوية التي أجبرتهم على انسحاب من مدينة رأس لانوف الإستراتيجية، في وقت بدأ الحديث يتراجع عن اقتراح فرض حظر جوي فوق أجواء ليبيا، بسبب الخلافات العميقة سواء في الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وتقدمت القوات الموالية للنظام الليبي مدعومة بقصف جوي وبري باتجاه مدينة رأس لانوف، المعقل الاستراتيجي الأكثر تقدما للثوار في الشرق، ما اضطر هؤلاء إلى الانسحاب باتجاه مواقع خلفية، من دون أن يتأكد ما إذا كانت القوات الحكومية قد أحكمت سيطرتها على المدينة النفطية.
وأعلن التلفزيون الليبي أنه "تم تطهير مدينة راس لانوف من العصابات المسلحة ورفع الراية الخضراء على جميع مرافقها"، فيما أكد شهود عيان أن الثوار انسحبوا من المدينة على متن عشرات العربات وقد انهكتهم المعارك.
وأقر أحد الثوار، عرف عن نفسه باسم أسامة، "لقد هزمنا. أنهم يقصفون بالقذائف ونحن نفر. هذا معناه أنهم يستعيدون راس لانوف"، فيما قال آخر، وهو يحمل بندقية رشاشة، "هل تعتقدون ان بوسعي اعتراض صواريخ غراد بهذا؟"، ملمحا إلى ان التراجع هو الخيار الوحيد.
لكن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، الذي شكله الثوار في بنغازي، عبد الحفيظ غوقة، نفى هذه المعلومات، موضحاً أن "كل ما يرى هناك هو القصف بالمدفعية الثقيلة من البحر والجو"، فيما قال مقاتل عرف عن نفسه باسم محمد العربي إن الثوار يسيطرون سيطرة كاملة على المدينة، وإن الوضع "على ما يرام".
وفي الغرب، قال شهود عيان إن مدينة الزاوية (40 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس) باتت تخضع لسيطرة القوات الموالية للقذافي بعد أيام من المواجهات العنيفة مع المعارضين. وقال أحد الشهود إن "المدينة حاليا تحت سيطرة الجيش"، مضيفاً أن "المعارك توقفت مساء أمس (الأول)، والوضع اليوم هادئ"، فيما قال آخر إن "هناك عدداً كبيراً من الجنود الليبيين، وكثيراً من الآليات المدرعة وسيارات الشرطة"، لافتاً إلى أنّ "الجنود كانوا يطلقون النار في الهواء تعبيرا عن انتصارهم".
وكان متحدث باسم السلطات الليبية أعلن أن الجيش استعاد السيطرة على الزاوية، لكنه أوضح أن "بؤر أعمال عنف" ما زالت مستمرة.
القذافي
في هذا الوقت، قال سيف الإسلام القذافي ان النظام الليبي "لن يستسلم أبدا"، متوعداً الثوار بـ"حرب شاملة". وقال سيف الإسلام، في مقابلات صحافية، إن "هذه بلادنا، ونحن لن نستسلم أبدا أبدا. هذه بلادنا. ونحن نقاتل هنا في ليبيا وسنموت هنا في ليبيا". وقال "سنحررها منتصرين"، متوعدا الثوار في بنغازي بالقول "إننا قادمون".
وحذر سيف الإسلام من "ان يعود الاستعمار إلى ليبيا، فها هي الفرقاطات الفرنسية والأميركية والبريطانية على شواطئ بنغازي". وتساءل مستهجناً "كيف هذه السفن تأتي إلى شواطئ بنغازي بالإعانات؟ هذه آخرتها؟ نحن نمد يدنا ونشحذ؟ هذه آخرتها؟ أهلنا في بنغازي يمدون أيديهم، والعالم كان يأتي إلينا ابتداء من ساركوزي وأوروبا يشحذون على أبوابنا".
واتهم سيف الإسلام المتمردين بأنهم "يريدون ان يقسموا ليبيا بين شرق وغرب"، قائلاً "إنهم ليسوا دعاة ديموقراطية، ولكنهم عصابات مسلحة، ليسوا شباب الفيسبوك، إنها مؤامرة منذ زمن".
وفي إشارة إلى موقف الجامعة العربية التي دعت بعض دولها إلى فرض حظر جوي على ليبيا، قال سيف الإسلام "العرب والجامعة العربية لم نعد نريدهم. نحن لا نريد عمالة عربية، سنأتي بعمالة بنغالية وهنود".
الثوار
في المقابل، تعهد الثوار بمواصلة القتال ضد حكم معمر القذافي حتى من دون منطقة حظر جوي. وقالت مسؤولة الإعلام في "تحالف 17 فبراير"، خلال مؤتمر صحافي، إنه "إذا فرضوا (الغربيون) منطقة حظر جوي فستكون لنا مطالب أخرى، وإذا لم يطبقوها فإننا سنواصل القتال". وأضافت "لا تراجع بالنسبة لنا. هذا البلد لن يتحملنا معا. إما نحن أو عائلته (القذافي). بعد ما حدث في الزاوية، كيف يمكننا أن نعيش مع هذا الشخص".
ونفت مزاعم القذافي بأن تنظيم "القاعدة" وراء الانتفاضة التي تهدد حكمه المستمر منذ 41 عاما. وقالت إن "القذافي يستأجر موظفي علاقات عامة ومستشارين. نحن نتحدث بشكل تلقائي لكن الحق إلى جانبنا"، مضيفة "إذا كنا نحمل السلاح فهو للدفاع عن أنفسنا فحسب. كل ما يقوله (القذافي) عن القاعدة هي دعايته. (وزيرة الخارجية الأميركية) هيلاري كلينتون قالت إنها تشعر بالقلق إزاء القاعدة واحتمالات الحرب الأهلية. نحن فحسب ضد هذه العائلة (عائلة القذافي)، فكيف يمكن أن يكون هذا تصورها".
واشنطن
وفي تقييم ميداني، قال مسؤولون استخباراتيون أميركيون، خلال جلسة استماع امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، إن القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي الأفضل تجهيزا من الثوار استعادت زمام المبادرة على ما يبدو، وتستعد لمعركة طويلة قد تكون لصالحها في نهاية المطاف.
وقال مدير الاستخبارات العسكرية الأميركي الجنرال رونالد بورجس أنه "في البداية، كانت قوة الزخم عند الجانب الاخر، وقد بدأ ذلك في التغير. وصلنا إلى نقطة توازن، وقد يكون زمام المبادرة في يد النظام".
من جهته، قال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر إنه "مع الوقت اعتقد ان النظام سيتغلب"، مشيراً إلى أن على الثوار أن "يتوقعوا أياما صعبة". وأضاف أن القذافي بنى جيشه عبر تزويده بأفضل المعدات، وزوّد الوحدات التي ضمن ولاءها له، بأفضل تدريب، لافتاً إلى أن "البنى التحتية للدفاعات الجوية الليبية مع أجهزة الرادارات والصواريخ المضادة للطائرات تعتبر كبيرة، وهي الأكبر في الشرق الأوسط بعد مصر".
وأوضح كلابر ان نظام القذافي يملك قرابة 31 موقعا مضادا للطائرات ورادارات مخصصة للمراقبة وحماية الساحل الليبي حيث يتركز 80 إلى 85 في المئة من سكان البلاد، بالإضافة إلى "عدد كبير جدا من قاذفات الصواريخ المحمولة"، موضحا ان الاستخبارات الأميركية "قلقة جدا" من احتمال سقوطها "في أيد غير موثوقة". وأشار إلى ان القذافي لا يعتزم بأي حال التخلي عن السلطة، و"يبدو انه باق"، مشيراً إلى أنه "في حال عدم تمكن أي من الطرفين من التغلب على الآخر، سيؤدي ذلك إلى تقسيم البلاد فيسيطر القذافي على طرابلس والثوار على بنغازي، أو ان يؤدي إلى ظهور صومال جديدة".
الحلف الأطلسي
وفي بروكسل، بات ممثلو حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي موافقين على تسريع إنهاء نظام القذافي والاتصال مع الثوار، ولكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق حول سبل إنهاء الأزمة التي كانت محور مشاورات أجروها يوم أمس.
وناقش وزراء الدفاع في الحلف الأطلسي مجموعة من الخيارات العسكرية التي أعدها مسؤولو الحلف من ضمنها استخدام سفن تابعة للبحرية للقيام بعمليات إنسانية، وفرض حظر جوي على ليبيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن إن عامل "الوقت مهم جدا" في الأزمة الليبية، معربا عن استعداد الحلف للتحرك في حال تم تفويضه القيام بعمل في البلد المضطرب، لكنه أوضح أن أي تدخل عسكري ضد القذافي يجب ان يكون على أسس قانونية ويحصل على تأييد من المنطقة، لافتاً إلى أنه "إذا برزت حاجة واضحة، وإذا تم تفويضنا بشكل واضح وحصلنا على تأييد إقليمي قوي، فإننا مستعدون للمساعدة".
وأضاف أن الحلف مستعد لدرس "خيارات" عسكرية ممكنة إذا لزم الأمر، مؤكدا ان الحلف عزز الرقابة على الأجواء الليبية من خلال طائرة مزودة برادار، لكنه أشار إلى أن ذلك "لا يعني أننا قررنا التفكير في اتخاذ خطوات عملانية محددة اليوم، بل يعني أننا نراقب عن كثب ما يفعله النظام الليبي ضد شعبه".
وتابع "تقرر تكثيف الوجود البحري لحلف الأطلسي في وسط البحر المتوسط"، مشيراً إلى أن هذه السفن "تحسن من متابعة الناتو للموقف، الأمر الذي يعد ضروريا في الظروف الحالية".
وحذر راسموسن من احتمال ان تصبح ليبيا دولة مقسمة وفاشلة يمكن ان تكون ملاذا للإرهابيين، قائلاً "يوجد خطر الانقسام داخل البلاد وخطر رؤية دولة فاشلة في المستقبل يمكن ان تصبح ارض تفريخ للإرهاب والتطرف.. ولذلك فمن الواضح ان هذه مسألة تثير القلق".
الاتحاد الأوروبي
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول غداء عمل للتحضير للقمة الخاصة حول ليبيا التي ستجمع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي اليوم. ويتوخى الغربيون الحذر في تحركاتهم وليس هناك إجماع حول طريقة معالجة الأزمة الليبية، فيما اتخذت فرنسا موقفا متقدما، سواء من خلال اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي، أو في الحديث عن إجراءات عسكرية في ليبيا.
وقال مصدر دبلوماسي إن ساركوزي ينوي اقتراح تنفيذ "ضربات جوية محددة الأهداف" ضد القذافي، وهو ما أكده مسؤولون فرنسيون، حيث أوضحوا أن ساركوزي عرض على أعضاء حزبه فكرة "توجيه ضربات محدودة للغاية لكنها موجهة في حالات محددة ولا تستهدف بالضرورة القواعد الجوية".
وأوضح مسؤولون فرنسيون أن قصف أهداف محددة قد يكون بديلا "أخف" لفرض منطقة حظر طيران. وقال أحدهم "يمكننا قصف مدارج الطائرات... بين ذلك وبين إقامة منطقة حظر طيران هناك مجموعة كاملة من الخيارات يمكن للجيش أن يختار من بينها".
وقال برنار هنري ليفي، وهو مثقف فرنسي مقرب من ساركوزي وعاد للتو من مهمة لتقصي الحقائق في ليبيا، إن الرئيس اعتبر أن "من الصعب للغاية" إقامة منطقة حظر طيران كما طلب المجلس الوطني الليبي.
مجلس الأمن
وفي نيويورك، قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سينتظر نتائج اجتماعات للجامعة العربية والاتحاد الإفريقي قبل ان يصوت على قرار بفرض حظر جوي فوق ليبيا، مشيرين أيضا إلى وجود خلافات حول الموضوع.
وقال دبلوماسي عربي إن"هناك هوة عميقة" بين دول مجلس الأمن حول موضوع الحظر الجوي إذ تعارض الصــين وروسيا أي تحرك في المجلس يسمح بعمل عسكري.
واعدت فرنسا وبريطانيا مشروع قرار لكنهما لم تعرضاه بعد على الدول الـ13 الأخرى الأعضاء في المجلس.
("السفير"، أ ف ب،