غزوة رفاق ماسحي أحذية القذافي وأبنائه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سمر المقرن
انطلقوا زرافات ووحدانا، إلى معرض الكتاب الذي يقام حاليا في الرياض. وشنوا الإغارة تلو الأخرى على الكتب، ودور النشر والنساء والرجال ولا أستبعد أيضا الأطفال، ولم يسلم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة منهم، في مشاهد ليست سراً بل منشورة بالصوت والصورة على موقع اليوتيوب. هؤلاء الجماعات ليسوا جهة رسمية، ولا هم من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هم أشخاص استمدوا السلطة من شكلهم الخارجي، يأمرون وينهون في مشهد لا يختلف كثيرا عن عصر "محاكم التفتيش". ولن أستغرب لو كان لهؤلاء سلطة حقيقية لأحرقوا النساء والرجال وحتى الكتب، كما أحرقهم رجال محاكم التفتيش! وقد فعلوا ذلك من قبل ولم يترددوا عندما قاموا بإحراق نادي الجوف الأدبي العام الماضي، وهددوا رئيسه بالقتل!
إن هذه الغارات ليست بجديدة، فكل عام تحدث في معرض الكتاب، وفي كل مناسبة ثقافية، ندوة، محاضرة، مسرحية. إذن هي سلوكيات مستمرة تحاول جاهدة قتل كل شيء يدخل تحت مسمى (ثقافة)، وما هي إلا سلوكيات متطرفة، وليست من الدين الإسلامي في شيء، لأن الإسلام لا يُمكن أن يتعارض لا مع الثقافة ولا مع الكتب. ومثل هذه التصرفات التي تدخل تحت بند "المفسدون في الأرض" لم تحدث بسبب غيرة دينية ولا وطنية، ولم تأتِ نتيجة لوجود كتب إلحادية أو جنسية، بل إنها بدأت منذ أن تم منع الكتب الجهادية المتطرفة، ولو كان في معرض الكتاب كتب مثل: كتاب سيد قطب المفترى عليه، أو كتاب الجهاد في سبيل الله، أو كتاب دعاة على أبواب جهنم. وغيرها من كتب التطرف والمتطرفين، لما رأينا غضبة هؤلاء الجماعات وهجومهم غير المبرر على معرض الكتاب أو على أي مناسبة ثقافية أو أدبية!
أعتقد، قد سقط القناع، وتم اختراق التابو الذي كانوا يتوارون خلفه، سقطت هيبتهم منذ أن دخل المواطن العربي والمسلم مرحلة فكرية جديدة بلورت فكره ونظرته مع الثورة التكنولوجية التي غيرت مسار العالم، والعالم العربي على وجه التحديد، وها نحن نتفرج على سقوط قيادات هذه الفئة وانفضاح أمرها، وما زال الغطاء ينكشف يوما بعد يوم، فذاك ثبت تورطه في قضية تمويل جماعات متطرفة وغسيل أموال، وآخرون يفضح النظام الليبي علاقتهم به، وقربهم منه، بل وزياراتهم المستمرة إلى ليبيا. وأستغرب، بل وأتعجب، كيف وضع هؤلاء الدعاة يدهم بيد المجرم الذي تطاول على والدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أطال الله في عمره- لا أدري أي دناءة نفس جعلتهم كما قال عنهم نجل القذافي: "هؤلاء المشايخ كانوا يأتوننا ويمسحون أحذيتنا". ثمة حقيقة يجب أن أذكرها في هذا المشهد، وهي أني رفضت دعوة لمؤتمر ثقافي العام الماضي في ليبيا، مع أني أكنّ للصديقات والأصدقاء كل محبة وتقدير، لكنه موقف وطني، من الذهاب إلى بلد يحكمها شخص تطاول على والدي. وكما قلت لصديقاتي الليبيات: "سأزوركن عندما تزول الغمة".
لا أدري، من أين استمدوا هذه الجرأة؟ ومن الذي يدفعهم لإفساد كل مناسبة ثقافية وطنية؟ أقنعتهم تنكشف، قناعاً.. قناعاً. ومع ذلك كما نقول بالعامية: "وجيههم مغسولة بمرق"!