من خدع شباب البحرين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يوسف البنخليل
لا أعرف جيداً من الذي يتحدث باسم شباب البحرين هذه الأيام، فنحن نعيش ظاهرة الجميع يتحدث والجميع يمثل الجميع.. هكذا ببساطة! فوجئت للغاية من المطلب الذي قدمه شباب البحرين خلال لقائهم مع سمو الشيخ ناصر لمناقشة مطالب الشباب في حوار شبابي أطلقه سموه، إذ هناك اتفاق على خفض سن الناخبين إلى 18 عاماً، وهناك موافقة مبدئية رسمية على إمكانية البدء في هذه الخطوة قريباً. مجتمعنا بالتأكيد مجتمع شاب، وإذا كنا وكان الشباب يتطلعون إلى مزيد من التمكين السياسي للشباب، فلا أعتقد أن خفض سن الانتخاب إلى 18 عاماً ستكون في صالح هذه العملية، لماذا؟ أولاً ستطالب الجمعيات السياسية بتعديل قانون الجمعيات السياسية والسماح للشباب ممن هم في سن 18 عاماً للانضمام لها، لأن بنود القانون الحالي تحظر ذلك، وبذلك يكون لهؤلاء كوادر حزبية تنظيمية تعمل في مختلف الجمعيات السياسية باتجاهاتها المتعددة، وبعد ذلك ستكون هناك حركة واسعة لاستقطاب الشباب من مختلف المناطق لهذه الجمعيات، ومعروفة هي الخطابات التي ستوجه لهم، ويكفينا ما نشاهده من خطاب وطني رائع هذه الأيام من مختلف الجمعيات، وكيف قادتنا هذه الخطابات إلى ما نحن عليه من وضع سياسي مميز وممتاز حالياً! لن يقتصر الأمر على ذلك، بل ستعمل الجمعيات السياسية على استغلال الشباب، وسيكون هناك صراع بدرجة عالية بين الجمعيات للتنافس على مقاعد مجالس الطلبة في الجامعات وأبرزها جامعة البحرين، فإذا كان ما يحدث خلال السنوات من تقسيم للجسم الطلابي بسبب تدخلات الجمعيات السياسية، فإن قرار خفض سن الانتخاب وإشراك الشباب سياسياً سيفضي إلى منافسة ساخنة وتحزبات وصراعات مستمرة بين الطلبة في مؤسسة يفترض أن يكون التركيز فيها على طلب العلم، مع أهمية النشاط الطلابي بمختلف أنواعه. من التحديات التي ستترتب على هذا المطلب ''الشبابي'' أن الكتلة الانتخابية في البحرين ستتغيّر برمتها، وقد نكون في حاجة لإعادة ترسيم دوائرنا الانتخابية، ولا أعتقد أن الدوائر الانتخابية ستبقى على ما هي عليه، وحينها ستكون مثار خلاف آخر وجديد، خصوصاً وأنها قد تساهم في إحداث خلل في الكتلة الانتخابية بالدوائر الحالية، وتؤدي كذلك إلى اختلال التوازن الإثنو-طائفي في العديد من الدوائر، سيّما وأن هذا المعيار يعد من معايير توزيع الدوائر في النظم الانتخابية الدولية. نأتي إلى تأثيرات هذا القرار على الجمعيات الشبابية والحركة الشبابية بشكل عام، فالمشهد الشبابي الراهن عمل منذ نحو عقد من الزمن على توفير مناخات وبدائل أفضل بدلاً من الخيارات الرسمية المتاحة، وبذلك ظهرت هناك أنشطة شبابية غير رياضية، ومثل هذا القرار من شأنه أن يساهم في السيطرة على الشباب وإبعادهم عن مثل هذه الأنشطة ودفعهم نحو الأنشطة السياسية البحتة. بالطبع مثل هذا القرار إذا كان يمثل إرادة شبابية خالصة وبإمكاننا تجنب عواقبه وتداعياته، فإنه يتطلب خطة توعوية تتيح للشباب درجة معينة من الوعي السياسي التي تكفيه للتعرف على تفاصيل المشهد السياسي الذي سيدخل عليه للمرة الأولى، فضلاً عن كيفية التعاطي مع الشأن العام. وفي النهاية يحق لنا أن نتساءل: من الذي خدع شباب البحرين؟