خطوة إلى الأمام ثلاث إلى الوراء

محمد خالد

يقول الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي: (الإلحاد لحظة مهمة من لحظات الإيمان)، كذلك الفشل خطوة مهمة نحو النجاح . رحلات الإنسان في التاريخ شائكة، قليلها نافع وكثيرها ضار، وكما قال أحد الفلاسفة: ldquo;إن الإنسان عندما يتخلى عن الأخلاق فهو أسوأ الحيواناتrdquo; .

رحلات ضد التاريخ

إنها حقاً رحلة بائسة تلك التي قطعها الاتحاد السوفييتي خلال 70 عاماً من ماركس إلى ماركس اند سبنسر وهي رحلة دولة عظمى لامبراطورية كبيرة يجرها إنسان صغير خائف، حكمها دكتاتور ديناصور اسمه ستالين لمدة 30 عاماً وهو القائل: ldquo;إن قتل إنسان واحد جريمة . . وقتل مليون إنسان إحصائيةrdquo; .

إنها حقاً رحلة مغدورة تلك التي قطعتها مصر خلال 18 عاماً من جمال عبدالناصر إلى أنور السادات، فالأخير عمل بكل قوته لكي ينقض انجازات عبدالناصر . . وقد قيل عنه:

عندما ذهب إلى القدس ووقع صلحاً مع العدو التاريخي، كتبت جريدة ldquo;السفيرrdquo; اللبنانية في صدر صفحتها الأولى: ldquo;الساقط عند المحتلrdquo; .

وصفته تشنيعة مصرية شعبية بأنه: ldquo;رئيس جمهورية طموحه أن يكون عمدةrdquo; .

عندما قتل في حادثة المنصة كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل: ldquo;الشعب قتل الفرعونrdquo; .

وصفه أحدهم: ldquo;إن أفضل انجازاته أنه ldquo;قتلrdquo;rdquo; .

إنها حقاً رحلة مشؤومة تلك التي قطعتها مصر خلال 11 عاماً من أنور السادات إلى حسني مبارك .

إنها حقاً رحلة ساقطة تلك التي قطعتها مصر خلال 30 عاماً من حسني مبارك إلى ميدان التحرير .

إنها حقاً رحلة ملعونة تلك التي قطعتها ليبيا خلال 42 عاماً من معمر القذافي إلى معمر القذافي .

إنها حقاً رحلة ldquo;ميمونةrdquo; تلك التي قطعها زين الدين بن علي من تونس إلى السعودية خلال 3 أيام فقط .

إنها حقاً رحلة قيصرية تلك التي سيقطعها اليمن خلال 30 سنة من علي عبدالله صالح إلى . . .

إنها حقا رحلة حفاري قبور تلك التي قطعتها الحركة الصهيونية خلال 50 عاماً من مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 إلى فلسطين في 15 مايو/أيار 1948 (قيام ldquo;إسرائيلrdquo;) .

إنهما حقاً رحلتان فاجعتان: الأولى تلك التي قطعها نابليون بونابرت عندما هاجم روسيا عام 1812 وخسر فيها حوالي 450 ألفاً من جنوده والثانية بعد 130 عاماً عندما كرر هتلر الغلطة نفسها وهاجم الاتحاد السوفييتي عام 1943 واستسلم فيها مليون جندي من زهرة شباب ألمانيا في معركة ستالينغراد .

الخيط الذي يجمع هذه الرحلات التاريخية المشؤومة هو إرهاصات التحول من الفشل إلى النجاح، فكثير من الانتفاضات الناجحة والثورات جاءت رداً على الخلل التاريخي وتصحيحاً له .

إنها حقاً رحلة بطولية قطعتها المقاومة اللبنانية خلال 6 سنوات منذ عام 2000 إلى عام 2006 حيث هزمت جيش العدو ldquo;الإسرائيليrdquo; وحطمت هيبته ومعنوياته .

رحلات مع التاريخ

إنها حقاً رحلة أسطورية تلك التي قطعها خالد بن الوليد خلال يومين فقط في اجتيازه الصحراء نحو بلاد الشام حيث قام بارواء الجمال ثم ربط أفواهها كي لا تجتر فتعطش، ولا تزال هذه الحادثة تُدرس في الكليات الحربية حتى الآن كعمل خارق غير مسبوق في اجتياز الصحارى .

إنها حقاً رحلة تاريخية تلك التي قطعها جيش ماوتسي تونغ خلال سنتين من الجنوب إلى الشمال واقامة دعائم ثورة الصين الفلاحية .

إنها حقاً رحلة تجريبية واعدة تلك التي قطعتها الوحدة العربية خلال 3 سنوات بين مصر وسوريا من عام 1958 إلى عام 1961 .

إنها حقا رحلة صمود بطولية تلك التي قطعتها الثورة الكوبية بقيادة فيديل كاسترو خلال 52 عاماً من جبال ldquo;سييرامايستراrdquo; إلى هافانا عام 1959 .

إنها حقاً رحلة وحدوية عربية رائدة تلك التي قطعتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال 40 عاماً منذ 1971 وهي الوحدة التي لم تتعثر وتحميها قلوب العرب ورموشهم في الطريق إلى الوحدة الكبرى .

يقف في وجه طموحات الامة العربية عدوان رئيسيان: أمريكا وrdquo;إسرائيلrdquo; أمريكا عدو كبير جداً وواضح جداً وخطير جداً، ولكن بعض الأنظمة لا تراه كذلك لأنها عمياء . ldquo;إسرائيلrdquo; عدو توأم إذا اخطأه البصر فلن تخطئه البصيرة .

الله لا يرشق اليهود بالحجارة فأطفال فلسطين يفعلون ذلك بالنيابة.