جريدة الجرائد

القرضاوي: قطر قدمت شهيد الحقيقة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تغطية - إسماعيل طلاي


شارك سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد في مراسم تشييع جثمان الشهيد علي حسن الجابر مصور قناة الجزيرة الفضائية التي أقيمت بمقبرة مسيمير بعد صلاة ظهر أمس، بحضور جمع غفير من المواطنين والمقيمين ممن جاؤوا لتشييع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير.
قبيل دقائق من آذان الظهر، لم يكن بموقف السيارات المقابل لمسجد علي بن علي مكان إضافي يسع مئات الأشخاص الذين تدفقوا جماعات جماعات، لأداء صلاتي الظهر والجنازة، قبيل تشييع الشهيد علي حسن الجابر إلى مثواه الأخير.. مواطنون ومقيمون، أئمة وإعلاميون وعسكريون ومواطنون من كل الفئات والأعمار، وبينهم أفراد من السلك الدبلوماسي لسفارات إسلامية بالدوحة.. كلهم تزاحموا في الصفوف، لا فرق بين ميولهم وأجناسهم ومراتبهم، يسألون الله أن ينالهم أجر الشهادة، بعد أن اصطفى الجابر من دون غيره ليعتلي مقام الشهداء.
علامات الحزن كانت بادية على بعض الوجوه أكثر من غيرها، وكل من وقف أو رأى وجه الدكتور أحمد حسن الجابر، شقيق الشهيد، كان سيستشعر حزن الأخ على فراق أخيه.. بينما بدت علامات الإيمان والرضا بالقدر جلية على وجهي نجلي فقيد عائلة الجابر.. اصطف المصلون يرددون تسبيحاتهم "سبحان الله.. لا إله إلا الله، الحي الذي لا يموت".. في منظر مهيب، زاد من وقاره نعش الفقيد الذي تناوب أقارب الفقيد وبعض المصلين في الصف الأمامي على حمله، ووضعه خلف الإمام.

شهيد الجهاد الأكبر
وما إن أذن المؤذن، أيها المؤمنون قوموا إلى صلاة الظهر يرحمكم الله.. حتى اصطف الكل وقد دعاهم الإمام إلى الدعاء للفقيد، قائلاً في سيرته: "إننا جئنا لنصلي صلاة الجنازة على من نحسبه إن شاء الله شهيدا عند الله.. ونحسبه من الشهداء، لأن الله سمى جهاد الكلمة بالجهاد الكبير.. وهو جهاد الإعلام الحر وتوضيح الحقائق".

القرضاوي يلهب النفوس
وسرعان ما انتشت الأنفس، والإمام يزف إليهم خبر حضور الداعية العلامة يوسف القرضاوي ليؤمهم، داعياً إياهم أن يحمدوا الله على هذه الفرصة الطيبة.. فلم يتردد مصلون بالرد دون تفكير: نرجو من فضيلة الشيخ أن يقول كلمة قبل الصلاة، وينفعنا بعلمه.. وما كان لفضيلته أن يرد طلب المصلين وأهله، فخطب فيهم لدقائق، ساردا مناقب الفقيد الشهيد، وتلا الآية الكريمة: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.

أجر الغربة والجهاد
وأضاف: "نحن نقدم هنا في قطر شهيدا للحق، وشهيدا للحقيقة، وشهيدا في سبيل الله عز وجل، في سبيل انتصار العدل على الظلم، وانتصار الحق على الباطل.. هذا الأخ الحبيب علي حسن الجابر نعتبره من الشهداء عند الله، الذين اتخذهم الله شهداء عنده.. وقد قال عز وجل: { وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} ويقول: { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }.. فهم يستبشرون بمن خلفوهم من المؤمنين الصابرين المصابرين، المرابطين الذين يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيل الله". لقد مضى الأخ الحبيب شهيدا عند ربه، قائماً بواجبه، لم يقصّر، إن له أجورا كثيرة.. أجر الجهاد، وأجر الغربة، لأنه اغترب في سبيل الله، وما أصابه من هؤلاء الظلمة الذين لا يعتبرون لأحد عهدا ولا حكما، لا يخافون من خالق، ولا يرحمون مخلوقا.. هؤلاء الظلمة الطغاة باؤوا بإثمهم ستلعنهم هذه الدماء الطاهرة، وسيذهبون إلى الجحيم، وسيأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، بما اقترفوه من آثام في حق شعوبهم وأمتهم.. سيندم القذافي ومعاونوه من الطغاة، وكل من يستمر معه من الطغاة، سينالهم إثمه، وستنالهم عقوبته".

القذافي سيذهب كمن سبقه
وقال القرضاوي: "سيذهب القذافي كما ذهب مبارك وزين العابدين.. فالحق أحق أن يبقى ويستمر.. إننا نعزي قطر، كل قطر، ونعزي الجزيرة، وأهل الفقيد، ونعزي أنفسنا.. ولا عزاء في الشهداء، لأن الشهداء لا يموتون حتى نعزي أنفسنا، إنما نحن نعتز ونفخر بهذه الهدية التي قدمتها قطر لليبيا وللعروبة وللإسلام وللحق.. نسأل الله تعالى الرحمة للشهيد الكريم، ويتقبله في مصاف الشهداء الصالحين ويسكنه الفردوس الأعلى.

دوار الجابر
وختم فضيلته بتوجيه اقتراح للمسؤولين في قطر بقوله: "نقترح على قطر أن تسمي الدوار الذي يسمى دوار المول، بدوار الشهيد علي حسن الجابر رحمه الله".

ولي العهد جنباً إلى جنب مع المشيعين
من مسجد علي بن علي، وصولا إلى مقابر أبو هامور، كانت حركة النقل كثيفة، وعشرات السيارات يتدفق أصحابها لتشييع الفقيد إلى مثواه الأخير.. عشرات المشيعين وقفوا في صمت يرددون التسبيحات، بينما القائم على المقبرة وأبناء الفقيد وإخوته يحملون نعش المرحوم، لينزلوه التراب.. هناك إلى داره الآخرة.. لملاقاة ربه في جنة الفردوس.. لم تكن علامات الحزن والبكاء تخطئ كل من يرى شقيق المرحوم وأبناءه.. وغير بعيد، وقف رفيق دربه في النضال المهني بيبه ولد أمهادي، وهو يحمل التراب ليواري صديقه الذي كان آخر من عايشه بين كل الجموع.
وبين الجموع وقف سمو ولي العهد بجوار القبر، بعد أن وقف بالأمس في مطار الدوحة، متقدما مستقبلي جثمانه العائد من بنغازي،
وبينما الكل في صمت وخشوع، خطب فيهم إمام المسجد قائلاً: "ادعوا له فإنه الآن يسأل.. ليعلم الجميع أن هذه الموتة هي نعم الموتة، لأن الشهيد لم يكن يصور، بل كان يؤرخ للأمة الإسلامية.. أخا الإسلام هذا أرخ للأمة الإسلامية بكاميراته حتى يعلم الداني والقاصي أحوال أمته، لذلك أخا الإسلام إن دعاءك ينفعه، وإن الله تبارك وتعالى لا يضيع مثل هذه الموتة، فنسأل الله أن يكتبها شهادة له، ويلحقه بالشهداء، (تتعالى التكبيرات.. وأصوات تهتف: آمين يا رب العالمين)، وأن يلحقه بالشهداء يا رب العالمين.. إننا لا نريد كثرة الكلام، فالجرح عميق.. والدعاء في السر جزاكم الله خيرا"..
وقف المؤمنون جنبا إلى جنب، ولم يكن بين المواطن البسيط وسمو ولي العهد حواجز أمنية ولا بروتوكولات، فلا مجال للمراتب في هذا المقام.. ولئن كان المقام لا يقبل التفاوت، فإن المشهد الجميل بكل ما فيه من تواضع، وخلق إيمانية إسلامية، يذكر المرء بقادة لا يتحركون قبل أن يوقفوا حركة الزمن في بلدانهم، ولو كانوا متجهين إلى المقبرة أو المسجد!..
وقف الخلق يتأملون بخشوع جثمان الفقيد وهو يوارى التراب.. لم تضرهم تلك الرياح التي نزلت، فما كان ترابها ليضر أعينا شاخصة خاشعة، تسأل الله أن يحميها ويظل أجسادهم يوم لا ظل إلا ظله.
وقف الكل يتنافسون على الأجر.. أبناؤه وإخوته وآخرون ممن لم يعرفهم ربما.. كلهم يتنافسون على دفع حفنة تراب يغطون به جسد الشهيد الطاهر، أو يحملون حجرا من "الشواهد" أو يلتقطون أحجارا صغيرة يضمون بها جوانب القبر، ليحموه من مناخ الطبيعة.

باحث عن الحق
وسط هذا الجو المهيب، استرسل العلامة القرة داغي، مخاطبا المشيعين، وكلهم خشوع، يتأملون جثمان الفقيد وهو يوارى التراب.. تدفع الأيدي التراب لتغطي جسده الطاهر.. تختلط الدموع بالفرحة في صمت.. ويتعالى مقابلها الدعاء والتكبيرات "الله أكبر.. لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت"، الكل متأمل اللحظة، يفكر يوم يأتي دوره، ويسأل الله حسن الخاتمة، كما كتب للفقيد الشهادة.. خاطب القره داغي المشيعين قائلا: "نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بقلوبنا وأرواحنا أن يقبل الفقيد شهيدا، ويرفعه في مصاف الشهداء، وأن يحفظه مع النبيين والشهداء، والصالحين.. هذه درجة عظيمة وشرف عظيم.. وربنا يقول في كتابه الكريم: { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }.. فالشهيد حي يرزق عند الله تعالى.
علينا أن نتعظ ونستفيق، ونسلك هذا الطريق.. فوالله قد عاشرت هذا الرجل طيلة 25 عاما، ما رأيت هذا الرجل في مكان فيه مشاكل، إلا وهو يسعى إليه لحلها ولخدمة الأمة الإسلامية من خلال الجهاد الكبير المسمى الإعلام، مصداقا لقوله تعالى: { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} فالجهاد الكبير هو حق جهاد الحق ونشر الحقائق وبيان زيف الباطل، وقد كان الشهيد إن شاء الله هكذا، أرد أن تكتب له الشهادة، فاستجاب الله الدعاء له.. وكم منا يتمنى أن تكتب له الشهادة، فلعل الله يكتب لنا أجر الشهادة.. فمن نوى الشهادة ولو لم تكتب له، فإن الله سبحانه وتعالى يكتب له أجر الشهادة.

اتحاد العلماء المسلمين يعزي
واسترسل: "إخوتي الأحبة، أوجه عزائي باسم الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين إلى شعب قطر، حكومة وشعبا، وإلى الجزيرة وإلى أهل الفقيد، أسأل الله أن يعوض أجرهم ويتقبل عزاءهم وعزاءكم جميعا، وأن يسكن الفقيد مع الصالحين".

دعوات ضد القذافي
ندعو الله تعالى بتضرع على هذا الظالم والطاغية والمجرم الذي عاث فسادا ويقتل شعبه.. نسأله أن يعجل عاقبته السيئة، ويلحقه فرعون وهامان، ويخلص الشعب الليبي والأمة العربية والإسلامية من هذا الطاغية.
مرددين "آمين..آمين"، كان المشيعون قد أتموا مراسم دفن الفقيد، ورشوا قبره بالماء الطاهر البارد..
ورفعوا أكف الدعاء له بالجنة.. قبل أن ينصرف الكل في صمت ولسان حال بعضهم يقول: "كلنا نموت.. لكن بأي طريقة"، "ما أسعده الآن بين يدي ربه، شهيدا في العلى"، "نسأل الله أن يتقبله عنده".
القبر 105
ولأن الفقيد شهيد، فحق لأهله أن يفرحوا به، وحق للمصلين أن يهنؤوا أهله لا أن يعزوه.. وقد اصطفوا في طوابير طويلة، يدعون لشقيقيه وابنيه بالصبر.. ويباركون لهم حسن الخاتمة لفقيدهم.. قبل أن يتفرقوا ولسان حالهم يردد: لا إله إلا الله.. سبحانه الحي الذي لا يموت.. بينما أنهى الإمام ما تبقى من مراسم التشييع، داعيا أهله أن يزوروا القبر "105".. قبر شهيد قطر والجزيرة والإعلام والأمة الإسلامية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التزم بدورك الديني
امل تــــونس -

هذا الرجل يتّخذ دائما مواقف علنية و في وسائل الاعلام لابداء رأيه الشخصي (بصفته ماذا?) و كثيرا ما يتدخل في شؤون و تفاصيل الدّول و يصل به الامر الى التحريض على القتل . لو كان يقطن دولة متقدمة تحترم القوانين المدنية لكان سجن منذ زمان و ...... لكنه يعيش في قطر و هو آداة أخرى من الأدوات التي يستعملها هذا البلد المحرّض و الذي يلعب على عدة حبال في سبيل اكتساب الدور المؤثر بأي طريقة كانت و بأي تحالف مريب ممكن. قي حين أنه آخر من يدافع عن حرية الشعوب و العدالة حينما تقترب ريح التغيير منه. و الدليل موقف رئيس الوزراء القطري المؤيد للتدخل العسكري الخليجي في البحرين

التزم بدورك الديني
امل تــــونس -

هذا الرجل يتّخذ دائما مواقف علنية و في وسائل الاعلام لابداء رأيه الشخصي (بصفته ماذا?) و كثيرا ما يتدخل في شؤون و تفاصيل الدّول و يصل به الامر الى التحريض على القتل . لو كان يقطن دولة متقدمة تحترم القوانين المدنية لكان سجن منذ زمان و ...... لكنه يعيش في قطر و هو آداة أخرى من الأدوات التي يستعملها هذا البلد المحرّض و الذي يلعب على عدة حبال في سبيل اكتساب الدور المؤثر بأي طريقة كانت و بأي تحالف مريب ممكن. قي حين أنه آخر من يدافع عن حرية الشعوب و العدالة حينما تقترب ريح التغيير منه. و الدليل موقف رئيس الوزراء القطري المؤيد للتدخل العسكري الخليجي في البحرين