جريدة الجرائد

في ليبيا .. فرصة لفرنسا كدولة استثنائية ولساركوزي كرجل أزمات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن


قيادة باريس الجهدَ الدولي في ليبيا

نظراً لتدني شعبيته إلى مستوى قياسي، وفي أفق انتخابات العام المقبل، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في أمس الحاجة إلى رفع مكانته السياسية. ويوم السبت كان له ذلك.

الزعيم الفرنسي الذي كانت تلقبه الصحافة المحلية في الماضي بـ"ساركوزي الخارق"؛ لتوقه الكبير إلى الإمساك بزمام الأمور في الأزمات العالمية، قام باستدعاء زعماء من أربع قارات إلى مجلس حرب عاجل بقصر الإليزيه في باريس من أجل الاتفاق على عمل عسكري ضد نظام الزعيم الليبي القذافي. وما أن توصل ضيوفه العشرون إلى اتفاق حتى أعلن ساركوزي أن الطائرات الفرنسية بدأت التحليق في الجو وتستعد لقصف أهدافها في ليبيا. وقال إن فرنسا "قررت الاضطلاع بدورها أمام التاريخ" في وقف "أعمال القتل" التي يقوم بها القذافي ضد شعب ذنبه الوحيد أنه يسعى إلى "التحرر من العبودية".

وقبل أزيد من ثلاث سنوات، خص ساركوزي القذافي باستقبال حار وبسط له السجاد الأحمر في باريس، حيث استقبله بحفاوة وسمح له بنصب خيمة بدوية بالقرب من الإليزيه. أما اليوم، فيعلن الرئيس الفرنسي عن إرسال طائرات حربية لقصفه.


وإلى جانب ساركوزي، كان هناك رئيس الوزراء البريطاني كاميرون، شريك فرنسا في الهجوم العسكري، والذي كان يتحدث بصرامة، لكنه كان محجوباً بمضيفه الفرنسي. أما المستشارة الألمانية ميركل، فكانت قد رفضت دعم الضربات الجوية أو فرض منطقة حظر للطيران، وقالت إن بلدها لن يشارك في العملية العسكرية.

ومن بين الحضور أيضا وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون؛ لكن عدداً من الزعماء والدبلوماسيين الأوروبيين بدوا حائرين إزاء عدم رغبة أميركا في لعب دور رئيسي على ما يبدو؛ ذلك أنها عندما كانت جالسة إلى جانب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون وأمام كاميرون في المؤتمر، بدا أن كلينتون لا ترغب في دفع نفسها إلى الواجهة.

وكانت صحف فرنسية قد أفادت في وقت سابق من هذا الأسبوع بأنه عندما طلب ساركوزي من كلينتون الخروج للتحدث بشكل أقوى تأييداً لتحرك دولي في ليبيا، أجابت قائلة إن "ثمة صعوبات"، ورفضت أن تجر إلى أبعد من ذلك.

وفي هذا السياق، قال دبلوماسي فرنسي لأحد نظرائه الأوروبيين: "بصراحة، إننا حائرون كلياً... ونتساءل ما إن كانت ليبيا تمثل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة".

والواقع أن إدارة أوباما مترددة فـي المشاركة في هذا التدخل الدولي لأنها تخشى من مهمة عسكرية مفتوحة أخرى. كما تخشى أيضاً، مثلما قالت كلينتون يوم السبت، أن يقوم القذافي إذا ما عاد إلى السلطة باستئناف دعمه للإرهاب أو حتى السعي إلى استئناف برامجه لتطوير أسلحة دمار شامل. وهكذا، انضمت الولايات المتحدة إلى المهمة "المحدودة زمنياً"، على أن تتزعم الحكومات الأوروبية والعربية هذا الجهد.

وبالطبع، فإن الفرنسيين أنفسهم انتُقدوا لصمتهم إزاء الانتفاضات الديمقراطية في العالم العربي، وبخاصة في تونس، حيث جعلت علاقات فرنسا الجيدة مع الحكومة السابقة باريس بطيئة في دعم المظاهرات الشعبية العربية. والجدير بالذكر هنا أن ساركوزي كان قد أثنى، خلال زيارة إلى العاصمة التونسية قبل ثلاث سنوات، على الجهود التي تقوم بها هذه الأخيرة في إطار محاربة الإرهاب، وأعلن أن الحريات المدنية هناك آخذة في التوسع! لكن بعد موقفه غير الموفّق بخصوص تونس والدور الثانوي الذي لعبه في مصر، بدا ساركوزي عاقداً العزم على أن تلعب بلاده دوراً محورياً بخصوص ليبيا.

وفي هذا السياق، بدأ منذ أسبوعين على الأقل تحركاته سعياً لحشد الدعم لتحرك عسكري ضد القذافي؛ فلجأ إلى بريطانيا كحليف في هذا المسعى، بعد أن أغضب ميركل وزعماء أوروبيين آخرين بسبب ما اعتبره البعض محاولات فرنسية للظهور بمظهر القائد والمتزعم.

وقبل عشرة أيام، أشارت بعض التقارير إلى غضب زعماء أوروبيين ووزراء خارجية بعد إعلان ساركوزي عن اعتراف فرنسا بالمعارضة الليبية، لتصبح أول بلد يقدم على مثل هذه الخطوة، وذلك قبل 24 ساعة فقط على انعقاد قمة لمناقشة الأزمة.

وفي لحظة ما خلال الأسبوع الماضي، أشارت تقارير إلى أن ساركوزي كان مستعداً للتحرك بشكل منفرد إزاء ليبيا، بدعم من الأمم المتحدة أو بدونـه. لكنـه عدل عن ذلك لاحقاً.

وبعد قمة باريس السبت، أوضح رئيس الوزراء البلجيكي إيف ليتيرن جيداً هوية من يدير الهجوم على الأهداف الليبية، حيث أخبر الصحافيين بأن فرنسا هي التي "تقود" العملية العسكرية.

وتعتبر ليبيا مهمة بالنسبة لفرنسا، جزئياً لأنها تشترك في الحدود مع أربعة بلدان تتحدث اللغة الفرنسية وتكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة لفرنسا، هي تونس والجزائر وتشاد والنيجر.

وعلاوة على ذلك، فإن فرنسا تستورد النفط من ليبيا، وشركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال" تقوم باستغلال حقل نفط مهم في ليبيا. غير أنه بالنسبة لساركوزي، فإن ليبيا تمثل شيئاً آخر: فرصة. ذلك أنه يرغب في إعادة الانتخاب في 2012، والفرنسيون لا يقدِّرون شيئاً أكثر من رئيس يضعهم على الساحة العالمية ويجسد ما وصفه شارل دي جول ذات مرة بـ"فكرة ما عن فرنسا" كدولة ذات مصير استثنائي.

وفي هذا الإطار، قال دبلوماسي لصحيفة "لوباريزيان": إذا تم كل شيء على ما يرام، فإن ذلك سيشكل نصراً عظيماً وسيُظهر ساركوزي بوصفه الرجل الذي ينبغي أن يكون موجوداً في وقت الأزمات.

كيم ويلشر - باريس

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

"إم. سي. تي. إنترناشيونال"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف