جريدة الجرائد

سوريا: الرفاق حائرون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن بجاد العتيبي


في سوريا اليوم احتجاجات ٌبدأت في درعا ثمّ تمددت بسرعة وحماس على امتداد الخريطة السورية فيها صخب وانتشاء وتصميم، وفي سوريا كذلك شيء من نيةٍ لإصلاحات أعلنتها مستشارة الرئيس الغائب حتى كتابة هذه السطور عن مخاطبة شعبه، وهي إصلاحات لم ترض الكثير من السوريين على أية حال، وفيها أيضاً شيء من عنف الدولة تجلّى في عشرات القتلى والجرحى جرّاء إطلاق النار الحي على المواطنين، ومع إطلاق النار تمّ إطلاق يد الأمن بالاعتقالات ما خلّف المزيد من السجناء، وإن كان النظام قد عاد وأعلن عن إطلاق سراح بعضهم.

حين نتحدث عن المشروعية السياسية فمشروعية النظام السوري هي مشروعية عسكرية انقلابية بدأها حزب "البعث" مع صلاح جديد الذي انقلب عليه حافظ الأسد فيما يعرف بالحركة التصحيحية، وهي مشروعية لم يطوّرها الحزب لاحقاً، وهذا الحزب معروف بعنفه المفرط واعتماده القوة العسكرية في مواجهة الشعب وتاريخه في سوريا والعراق جدير بالاستحضار.

إيديولوجيا هذا الحزب عنيفة بالضرورة، وهذا جزء لا يتجزأ من تاريخه من كيماوي صدّام ضدّ الأكراد إلى استخدام الدبّابات لضرب الشعب في سوريا حافظ.

التاريخ والواقع لهما حديث متوافق في التعليق على الحدث السوري، أما التاريخ فيقول إن الحزب قد ماهى بينه وبين الدولة وبالتالي أصبح من ميزات الحياة للفرد السوري عبر سنين طويلة الانتماء لهذا الحزب، والواقع يقول إن كثيراً من أعضاء الحزب الذين التحقوا به لممارسة حياةٍ أفضل سينتقلون منه للشعب في أقرب فرصة تسنح كما يجري اليوم.

سوريا الأسد أحد أعمدة ما كان يعرف بمحور الممانعة في المنطقة وهي الدعامة الأساسية لقوة "حزب الله" في لبنان، وبعض الدول الإقليمية المتحالفة مع سوريا والتي ثبت عجزها في البحرين عجزاً كاملاً وفشلت هناك فشلاً ذريعاً لن تصمت تجاه ما يجري في سوريا، لأن أي خللٍ في النظام السوري يضرّ كثيراً بمصالحها وطموحاتها التوسعية، ويعيد المشهد بالنسبة لها للمربع الأول، ومن هنا فهي سترمي بكل أوراقها دفاعاً عن النظام في سوريا، بما فيها ورقة "حزب الله" المتورّط بكثيرٍ من الأحداث الإرهابية في دول الخليج ومصر، وقد تحدثت المعارضة السورية عن دخول أعدادٍ من كوادر الحزب الإلهي إلى سوريا.

تحتاج بعض الوقائع التي يتم تداولها على نطاقٍ واسعٍ في الإعلام القديم والجديد تجاه ما يحدث في سوريا إلى بعض التحقيق والتدقيق، ولكنّ هذا لا يمنع من رؤية المشهد العام وبعض تجلّياته على الأرض، فقد نقلت بعض الفضائيات من درعا أسلوباً أمنياً اختصت به بعض الدول الإقليمية في مواجهة مظاهراتها واضطراباتها، وهو أسلوب ركوب رجال الأمن للدراجات النارية بشكل ثنائي، قائد الدراجة وخلفه الرامي أو القنّاص.

لدى بعض الدول الإقليمية خبرة كبيرة في صناعة المظاهرات الحاشدة قبل نجاح ثورتها، ولديها خبرة أكبر بعد نجاح الثورة في قمع المظاهرات وتفتيتها والقضاء عليها، وبالتأكيد ستنقل نفس الخبرة بكل ما تستطيع لسوريا أو هكذا ترغب على الأقل، ولكن يغيب عنها أن سوريا لها وضع مختلف، لا التاريخ هو التاريخ ولا الشعب هو الشعب ولا التجربة هي التجربة.

الذاكرة السورية والعربية تحتفظ لسوريا بالكثير من الأحداث والتواريخ المهمة، ففيها دولة الأمويين والأيوبيين والمماليك، وتثلمت سيوف الحملات الصليبية، وكانت طوال تاريخها الإسلامي خزّاناً للسنّة وقائدةً لهم، ومن هنا فإن النظام الذي تسيطر عليه أقلية تنتمي للطائفة العلوية التي تمثل ما يقارب العشرة بالمئة من الشعب يحكم أكثرية سُنيةً تقارب السبعين بالمئة، وهذه معادلة لا تسمح بالاستقرار في بلد يعتبر أوّل بلدٍ جملوكيٍ أي جمهورية ملكية في العالم العربي.

تحظى سوريا بتنوّعٍ مثرٍ في شعبها ففيهم الديانات السماوية الثلاث بكل تفرعاتها، وفيهم العرب والأكراد والأرمن والشركس، وفي العرب قبائل متنوعة، وفي الشعب طبقات من التجّار والمزارعين، والمشكلة لدى النظام "البعثي" في سوريا تكمن في محاولاته الطويلة لطمس هذا التنوّع واعتباره نسياً منسياً، وها هو يطلّ اليوم برأسه ليعبّر عن حقوقه ومطالبه وطموحاته وعلى النظام أن يستعيده لذاكرته وأن يتعامل معه.

تبدو الخيارات أمام الرئيس السوري ضيقة للغاية، فهو قد تأخر كثيراً فيما كان يجدر به أن يفعل من إصلاحات أطلقها على اتساعها أوائل حكمه قبل ما يزيد على العشر سنواتٍ، لأنه على ما يبدو قد رضخ للتيار القديم في النظام، ولم يحالفه الحظّ في اختيار تحالفاته الإقليمية، وراهن على المدى القصير حين كان عليه أن يراهن على المدى الطويل، وها هو النظام يتخبط في وقت لا مجال فيه للتخبط، فهو يطلق إصلاحاتٍ بيدٍ ويضرب الشعب بالسلاح باليد الأخرى، وحين تتناقل وسائل الإعلام القتلى والجرحى يصرّح وزير الإعلام بأن الوضع في سوريا هادئٌ جداً، وتخرج الصحف السورية لتتحدث عن مظاهرات تأييد لإصلاحات الرئيس، وحين تقرّ بثينة شعبان بمطالب مستحقة للشعب تخرج الصحف السورية لتتحدّث عن مؤامرة خارجية ومجموعاتٍ إرهابية.

ما لا يعيه النظام السوري هو أنّ ستار الممانعة الذي كان يختفي خلفه لم يعد مجدياً لستر العيوب والأعطاب الكبرى التي ينضح بها واقعه وتاريخه، وأن التعجيل بالإصلاح هو الضمانة الوحيدة لاستقرار سوريا، وما لا يعيه أيضاً هو أن واقع الشعب في سوريا وشبابها قد تغيّروا كثيراً عما كان يعهده شيوخ نظام "البعث"، أو عوائل الفساد أو أداة القمع العنيفة للنظام. لقد جرت في سواقي الشعب الكثير من المياه، ولئن تعوّد النظام على مواجهة معارضةٍ تقليدية كالإخوان المسلمين أو بعض أنصار رفعت الأسد أو خدّام فإن المعارضة الحالية تمثّل شرائح جديدة من ليبراليين وشيوعيين وعامة الناس الذين تصفهم صحيفة الإندبندنت بالقول إن "الاحتجاجات الحالية تحمل صبغةً علمانية".

ما تثيره أحداث سوريا الأخيرة هو التساؤل هل تعلم الرئيس شيئاً مما يجري من اضطرابات في المنطقة؟ وهل فهم ما يريده شعبه؟ وهل يعي ما يحدث في المنطقة وصراعاتها اليوم؟ الإجابة تبقى رهناً بقراراته وسياساته في قادم الأيام. ويبقى الأمل للشعب السوري بالحرية والعدالة والاستقرار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
؟؟؟؟؟
سوريا الاسد -

اقول لك يا من تتغنى بالحرية هل تحدثنا عن حريتكم في السعودية هل تجرء ان تكتب بكلمة اليس نظامكم اشد من الديكتاتورية بل المتسلطة على رقاب الشعب من اتى بالال سعود الى الحكم من نصبهم حكام ومن انت حتى تحرض الطوائف اكيد انت بوق سيدك بندر بن سلطان اقول لك ولكل اسيادك لن تنالوا من وحدتنا بل تزيدنا صلابة ولحمة والتفاف حول سيادة سيدك بشار الاسد تاج الامة العربية .

بشار الاسد -

خالف شروط النشر

بدنا نظام برلماني
زاهر -

اقتراح على الشعب السوري بعد زوال الزمرة القاتلة قريباًإقامة نظام برلماني ديمقراطي أي الشعب ينتخب مجلس الشعب والأحزاب التي تفوز تشكل حكومة. على أن يكون منصب الرئيس رمزي وليس له صلاحيات كبيرة أي منصبه رمزي لأنا ما بدنا نكتوي بنار الاستبداد من جديد ونربط مصير شعب ووطن كامل بشخص.

والمتربصون حالمون
مهيار الدمشقي -

انا لا اعرف جنسية الكاتب لكني سأخمن ؟ واقول له من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة .وعلى ما اعتقد الكاتب من عشاق ديمقراطية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المطبق بشكل يخالف شرع الله وسنة رسوله ، ومن التواقين لحرية الحسبة والمحتسبين التي تطبق حسب مزاج المطوع وعصاه ، وتأكد بان الحركة التصحيحية كانت ثورة بيضاء لاستلام السلطة ولم تكون كثورات السيوف التي اتت ببعض الحكام الى السلطة ، ثم اريد ان اسأل سؤال مشروع ما رأي الكاتب بما يقال عن ثورة جهيمان التي اعتصم فيها واتباعه بالمسجد النبوي كيف كان الرد عليها ، اظن ان الرد عليها كان بالزهور والياسمين ما الفارق بين جهيمان الذي تستر بالدين وتلك التي قام فيها بعض المرتزقة بسوريا مندسين بين المتظاهرين ليقتلوا ويخربوا وستنشر الفضائح قريبا عمن مول وخطط لهذه الجريمة بسوريا من رجال دولة الى اعلاميين الى فضائيات الى شهود عيان وناشطين وحقوقيون نحن نعرف بان المنطقة الشرقية بالسعودية يوجد فيها مظاهرات وهي ليست خافية على احد ، لكن لم نسمح لأنفسنا بالتدخل أو التحريض ولو كان بالاعلام هو شأن داخلي تعالجه المملكة وفق مصلحتها وفي البحرين كان تصريح وزير الخارجية السوري واضحا والاعلام السوري كان موفقه واضحا بدرأ الفتنة في اي بلد عربي ، كذلك الموفق السوري عن احداث مصر وليبيا واليمن ، لم تكن سوريا الطرف المحرض او لا سياسيا ولا اعلاميا وكان موقفها واضحا لا لبس فيه .بالمقابل المظاهرات التي قامت بسوريا وادت الى ما ادت وبغض النظر عن الرواية الرسمية او الرواية الاخرى .لماذا هذا الكم من الحقد على سوريا ، لماذا هذا الكم من التجييش والتحريض في سوريا لماذا هذا الكم من التلفيق والكذب في كافة انواع الاعلام المقروء والمسموع والالكتروني والفضائيات ، اخبار كاذبة تلفيقات وروايات بوليسية وكان النجم فيها ( شاهد عيان ) او مصدر من المعارضة او ناشط حقوقي حتى وصلت الى الفبركة وعمل المونتاج لأشرطة فيديو لتبث على الفضائيات والفيس بوك وتويتر ويوتيوب وغيره ، افتكروا أن الشعب السوري يعيش في غياهب العتمة ولا يعرف تقنيات العصر ليكشف زيفهم وتلفيقاتهم توبعت كل لقطة فيديو وعرف مصدرها واين نشرت وتاريخ نشرها وكيف زيفت بالقص واللصق ، تحدثوا اناس عن استديوهات فضائية اورينت وكيف يتم الاتصال مع شاهد العيان الموجود بالاستديو ، تابع الناس كيف كان مذيعوا البي بي سي يح

ٍنعشق تراب الشام
عربي -

الرفاق ليسوا حائرون اخونا عبدالله بل هم سائرون موحدون حول الشعب والقيادة ، سوريا الله يحميها والملائكة تحرس ترابها والشعب يحمي وحدتها وعندما نذهب الى الكعبة نحن ابناء سوريا كما ندعو لنفسنا ولاأهلنا واقاربنا بالرحمة والمغفرة والرزق عند الحجر الاسود ندعوأيضاً لسوريا وللشام بأن يباركها ويحميها ويحمي جميع الدول العربية والاسلامية من كل شر ......

لينقلع بشار
سمير سمارة -

بشار محتار ويشعر بالدوخة لأنه ظن وخمن ان الشعب السوري هو جبان وخاضع لحكمه الدكتاتوري لكنه فوجئ بهذا الكم والحماس من الشجعان الثوار واظن انه سيصاب بانهيار عصبي قريب بعد ان يشاهد المزيد من التحركات الواعدة التي تهدد بقائه في الحكم